صفحات سورية

تنافس

null

ساطع نور الدين

ومن مجاهل افغانستان جاء الحكم الجاهل: ما كان يجب ان يوقف حزب الله الحرب مع اسرائيل في صيف العام 6002 ، وما كان ينبغي على لبنان ان يقبل بنشر قوات صليبية في الجنوب، بل كان يفترض ان تستمر المعركة مع دولة اليهود حتى القضاء عليها.

هكذا أفتى زعيم تنظيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن في اول انتقاد علني مباشر لحزب الله وزعيمه حسن نصر الله، بناء على تحليل لتلك الحرب لا يختلف كثيرا عما ساد لدى بعض الجمهور الشيعي اللبناني، الذي كان يترقب في ذلك الصيف زوال دولة اسرائيل من الوجود بين لحظة واخرى ، وبعض الجمهور العربي الذي كان يرفع على شاشات التلفزيون رايات النصر والمقاومة نفسها التي رفعها عندما ضرب الرئيس العراقي السابق صدام حسين تل ابيب بالصواريخ في حرب الخليج الثانية في العام 0991 .

لم يتضح ما اذا كان كلام بن لادن في رسالته الاخيرة الموجهة الى المسلمين في الذكرى الستين للنكبة هو جزء من ذلك السجال الذي سبق ان افتتحه الرجل الثاني في التنظيم الدكتور ايمن الظواهري مع التنظيمات الاسلامية الشيعية اللبنانية والعراقية والافغانية، والذي شكك فيه في مصداقية التزامها بقضية الجهاد، لكنه حتما لا يخرج عن هذا السياق الذي يكشف عن منافسة ضمنية على شق طريق الكفاح ضد الصليبيين واليهود، انطلاقا من مسلمات دينية ومعطيات سياسية تكاد تكون واحدة عن الجناحين السني والشيعي.

والسؤال الذي يطرحه بن لادن، المتخفي في مغاور المنطقة الواقعة بين افغانستان وباكستان عن سبب احجام حزب الله عن متابعة الحرب مع اسرائيل، لا يمكن ان يكون مبنيا على تلك العدمية التي طالما تميز بها قادة القاعدة، والتي تدفعهم الى الاعتقاد بل الثقة بان اميركا التي تلاحقهم واحدا واحدا، حتى ولو ادى ذلك الى احراق العالمين العربي والاسلامي، هي الان في طور الهزيمة، وعلى حافة الانهيار والتفكك مثلها مثل الاتحاد السوفياتي الذي زال من الوجود على ايدي الاسلاميين.. حسب الخطاب الاسلامي الشائع في كل مكان.

لا يمكن الظن بالشيخ بن لادن انه كان يتمنى استمرار الحرب مع دولة اليهود لانه يود ضمنا التخلص من الشيعة اللبنانيين الذين دمر الاسرائيليون مدنهم وقراهم واسباب عيشهم في العام 6002، لان موقفه «الجهادي» من المدافعين السنة عن العراق وفلسطين وافغانستان وباكستان لا يقيم وزنا ايضا لاحوالهم واوضاع مجتمعاتهم ومصير جمهورهم .. ويعلنها حربا بلا هوادة على الصليبيين واليهود ، مهما كان الثمن الانساني باهظا.

لكنه موقف يسيء الى حزب الله في انظار الوسط السني، ولا يخدم حجته امام الجمهور اللبناني الذي يناديه باقفال الجبهة التي دفعت طوال السنوات الاربعين الماضية ثمنا لا يحتمل.. ولا يحظى بالتقدير حتى من جانب تنظيم اسلامي سني بارز مثل القاعدة!

السفير


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى