الرئاسة ولعبة الدراما!
سمر يزبك
من حق الديموقراطيين الأميركيين المخلصين لحزبهم أن يعلنوا تذمرهم من استمرار هيلاري كلينتون في عنادها، وعدم التسليم لباراك أوباما، لأن تأخر الحزب في توحيد صفوفه خلف مرشح قد يهدي الرئاسة للمرشح الجمهوري جون ماكين على طبق من ذهب. لكن قناة «ام بي سي4» والبرامج الخفيفة في القنوات الإخبارية مثل «سي أن أن» لها رأي آخر، فالسباق بالنسبة إليها مسلسل جماهيري مشوق تستغل الممثلين الرئيسين فيه مجاناً!
سباق الرئاسة في القناة المخصصة لدراما «الأكشن»، له مذاق آخر، فليست هناك مشكلات عويصة ينبغي أن يدلي المتنافسان بدلوهما فيها، حول الضرائب والتأمين الصحي ومستقبل الاستنساخ أو المناخ، وليست هناك امتحانات في أسماء البلدان لإحراجهما، أو توريطة في تصريح عن إبادة الشعب الإيراني، أو خطط البقاء والخروج من مستنقع العراق.
في البرنامج الإخباري للقناة الرابعة «داخل الإصدار» inside edition المخصص لأخبار كواليس الفن تحديداً، وفي برنامج «غرفة المواقف» situation room في «سي أن أن» يظهر أوباما وكلينتون كنجمين من نجوم هوليوود: ماذا يأكلان؟ كيف يتابعان حياة أسرتيهما؟ عدد ساعات نومهما؟ مَن مِن الفنانين أعلن تأييده كلاً منهما؟
كأننا في برنامج فني يقدم كواليس التصوير في مسلسل، أو فيلم يبث الأخطاء التي لن يشاهدها المشاهد في صلب العمل: النعاس في مؤتمر، الخطأ في اسم من يحاوره لانعدام التركيز، أو التعثر في خطوة.
وعلى رغم العدالة التي تتعامل بها القناة مع النجمين اللذين سيحتل أحدهما كرسي الرئيس في البيت الأبيض، إلا أن حياة أوباما هي الأكثر جاذبية، فالحداثة وانعدام الخبرة التي رمت بهما كلينتون منافسها أوباما لهما وجه آخر، يعني الطزاجة والجدة. عندما يظهر أوباما مع ابنتيه في صالة للتزحلق على الجليد، فإن المشهد يبدو جديداً، وابنتاه الصغيرتان لهما الجاذبية نفسها التي يتمتع بها الأطفال، وزوجته يراها المشاهدون للمرة الأولى، بلا مرجعية لصور سابقة يقارنون بها. بينما تبدو الصحبة العائلية لكلينتون فيلماً معاداً، فالأسرة ذاتها معروفة من قبل، والذكريات معها ليست في مصلحتها.
ليست لتشيلسي براءة طفلتي أوبام، فهي شابة ولها حياتها الخاصة التي تجعل من وجودها بجوار أمها ديكوراً أكثر من كونه حياة حقيقية. وكلينتون الزوج الذي كان رئيساً شاباً فقد جاذبيته وقوته، فبدا كوحش كسير، وظهر مشهد تضامنه مع زوجته مشهداً تمثيلياً معيداً إلى الأذهان جرح المتدربة مونيكا لوينسكي، وابتلاع هيلاري الإهانة حفاظاً على الشكل، وربما فكر المشاهد في أن بقاءها معه كان حفاظاً على هذه اللحظة، التي خططت لها منذ كانت زوجة في البيت الأبيض.
الفيلم معاد، مع تغيير مساحات الأدوار بين الزوج والزوجة. وعندما حاولت هيلاري أن توسع دورها في المسلسل القديم أوقعتها القنوات في الكذب، فقد قصت سيناريو فيلم «أكشن» لرحلتها إلى البوسنة، وكيف مضت تحت القصف، فإذا بهم يخرجون لها في اليوم التالي صور استقبالها الفخم الآمن!
مغامرات هيلاري معادة أو مفبركة، بينما أوباما طازج في كل شيء. حتى محاولات الربط بينه وبين الإسلام لم تنجح في إثارة المخاوف منه، بل على العكس أضافت كل محاولة جواً من الإثارة، وأطلعت المشاهد على العوالم الغريبة التي عاشها مرشح الرئاسة: صوره بالعمامة في كينيا، صور أصدقائه القدامى في جاكرتا وأجواء الشرق، أضافت مشاهد تصوير جذابة خارج البلاتوه. وأثبتت أن ممثلهم، أي مرشحهم، موهوب وقادر على أداء كل الأدوار!
“الحياة”