تيار المستقبل الكوردي في سوريا: بيان ك2
بيـــــان
عقد مكتب العلاقات العامة لتيار المستقبل الكوردي في سوريا اجتماعه الاعتيادي في أواسط هذا الشهر، وناقش الأمور التالية:
أولا : في الجانب الوطني :
فقد وجد بان الأفق التاريخي للحياة السياسية والحقوقية السورية يعاني من انسداد شديد ، بسبب سياسة النظام ، واستفراده بالسلطة، واحتكاره العمل السياسي والإعلامي بموجب المادة الثامنة من الدستور ،وتهميشه سائر قوى المجتمع السوري وتعبيراته السياسية والقومية الأخرى، وذلك بإطلاق يد الأمن والاستخبارات للتدخل في الشؤون العامة والخاصة ، وانتهاك القانون والدستور ، والتدخل في شؤون القضاء، وإخضاعه للسلطة التنفيذية، واستمرار العمل بحالة الطوارئ والأحكام العرفية ،مما أدى إلى ظهور مشاكل بنيوية في المجتمع السوري ، مثل ارتفاع نسبة البطالة، و تفشي الأمية وتآكل الطبقة الوسطى ، ونقص دخل الطبقات الفقيرة التي باتت تعتمد على عمل الأطفال في دعم معيشة الأسرة ، ونتيجة لسوء التخطيط واختلال خطط التنمية، والتركيز على توفير الخدمات الأساسية في المدن الكبرى، كالعاصمة دمشق، ومدينة حلب، وإهمال المدن والأرياف ، وخاصة منطقة الجزيرة ، أصبحت هذه المدن مناطق جذب سكاني وباتت تشكو من الضغط السكاني المتزايد، وخاصة بعد صدور مرسوم الأنفال 49 ، حيث يقطن دمشق وحلب وحدهما 20 في المائة من السوريين،مما أدى إلى انتشار أحزمة السكن العشوائي وانتشار الأحياء الفقيرة الهامشية في ضواحي المدن الكبرى، وظهور أحياء الصفيح التي تعتبر وكرا خصبا لنمو الجرائم، ورواج المشاكل الاجتماعية والأخلاقية .
وبسبب النمو السكاني الكبير في سوريا 2,45 % ، وهو أعلى معدلات النمو في العالم- من المتوقع أن يبلغ عدد سكان سورية في عام 2025 نحو 31 مليون- باتت نسبة كبيرة من الشباب وخريجي الجامعات وأبناء الطبقة الوسطى المدينة تشكو من البطالة ، ومن تردي أوضاعها المعيشية ،خاصة إذا ما أضفنا إليها ظروف الجفاف ، والتصحر التي يعاني منها البلد ، بسبب التبدلات المناخية مع ما رافقها من اقتصاد متأرجح ، وتدمير ممنهج لقطاع الدولة .
وعبر سياسته ” الميكيافلية” وخاصة شعارات العروبة والتحرير ودعم المقاومة ، استطاع النظام الاستيلاء على مقدرات البلد والسيطرة على المجتمع مستنداً في ذلك على دعم بعض القوى الإقليمية والدولية التي لها مصلحة حقيقية في بقاء الأوضاع على ما عليه اليوم .
ثانياً :في الجانب الكوردي :
مازال الشعب الكوردي يتعرض إلى سياسة الاضطهاد القومي وحرمان من الحقوق والحريات العامة ، وتطبق بحقه المشاريع والإجراءات العنصرية ( الإحصاء الاستثنائي عام 1962 ، الحزام العربي 1974، المرسوم 49 العنصري لعام 2008 ) إضافة إلى حظر التعلم والتعليم باللغة الكوردية ، وإنكار وجوده وتاريخه الثقافي والحضاري، وازدياد حالات الاعتقال التعسفي والقتل الغامض للمجندين الكورد أثناء تأدية خدمة العلم حيث وصل العدد إلى 35 جندياً ، دون أن يكلف النظام نفسه بتشكيل لجنة تحقيق محايدة وإظهار نتائجها للرأي العام ، و امتلأت سجون ومعتقلات الاستبداد بخيرة أبناء سورية كالأساتذة : ( مشعل التمو، مصطفى جمعة ،سعدون شيخو ،محمد سعيد العمر ، محمد صالح خليل، بهجت إبراهيم ،بيير رستم ، مصطفى إسماعيل …. وأخيرا تم اعتقال الأساتذة حسن صالح ، معروف ملا احمد ، محمد مصطفى ، الفنان أنور ناسو ، في عملية بوليسية غامضة ، لم يعلن حتى تاريخه ، أسباب اعتقالهم ، أو مكان تواجدهم ، أو الجهة التي قامت باعتقالهم ) ، بالإضافة إلى وجود العشرات من أبناء شعبنا الكوردي والسوري في السجون والمعتقلات السورية , وندعو كافة الهيئات الدولية منظمات حقوق الإنسان إلى المزيد من الضغط على النظام بالكشف عن مصيرهم وإطلاق سراحهم , ونعلن تضامننا مع كافة معتقلي الرأي والضمير واستعدادنا لمشاركة رفاقهم في أي عمل نضالي .
ثالثاً :العمل الوطني والتحالفات السياسية :
مؤخراً تم الإعلان عن تشكيل مجلس سياسي كوردي مفتوح ، ضم تسعة أحزاب كوردية ، وقد جاء الإعلان ثمرة لحوارات ولقاءات ، تمت لأكثر من سنة ، بين الأطراف الموقعة ، وهو ائتلاف أحزاب متباينة في الكثير من الرؤى والتصورات والأساليب النضالية ، وخاصة كيفية مواجهة السياسية السلطوية التي تستهدف الكورد وسبل انتزاع الحقوق القومية ، وموقع الكتلة الكوردية في عملية التغيير الديمقراطي وقد وضع المجلس على جدول أعماله مهمة تقريب وجهات النظر وإيجاد التفاهم والتنسيق بين أطرافه ، واتخاذ مواقف مشتركة إزاء القضايا الوطنية السورية والقومية الكوردية ، والتحضير لعقد مجلس وطني كوردي بمشاركة كافة فعاليات المحتمع .
لذلك تبرز اليوم أهمية الدور ،الذي يجب أن يقوم به المجلس على صعيد تصليب الخط القومي، وإرساء مبدأ الحوار الديمقراطي بين كافة أطياف المجتمع، والخروج من الدوائر المغلقة ، إلى رحاب التواصل المفتوح ، مع كل القوى الوطنية والديمقراطية لحسم المسألة الأساسية والنضال من اجل تحقيقها، ألا وهي مسألة الحريات ، التي افتقدها الشعب السوري بالقوة ، لأنه عبر ممارسة الحرية فقط ، يتمكن المواطن السوري من تغيير ظروفه ، والارتقاء بوعيه الفكري والاجتماعي ، وهذا لن يتم إذا لم يكن لدى المجتمع استعداد للتحرر من أحواله القائمة ، وفي هذه النقطة تكمن مهمة القوى والأحزاب القائمة.
وفي الإطار نفسه، ينبغي التأكيد على أهمية الحوار الديمقراطي الحر والمفتوح ،مع كافة القوى الحية والفاعلة في المجتمع، لإيجاد الشروط الموضوعية الخاصة بالحرية والعمل الوطني ,و التأسيس لعقد اجتماعي مدني يشكل المحور الرئيسي لبناء الوحدة الوطنية، القابلة والقادرة على إحداث التحولات الديمقراطية اللازمة في البلاد .
في النهاية يبقى المجلس هو مجموعة توافقات الحد الأدنى ، التي استطعنا الوصول إليها ، وقد تكون هذه التوافقات لا تلبي طموحنا السياسي ، لكنها الممكنات الوحيدة التي كان علينا القبول بها ، من اجل إنجاز تقارب كوردي، أصبح مطلباً وطنياً وشعبياً ، للحد من حالات الفرقة والاحتراب اللفظي وفي هذا المجال ،نؤكد بأننا سنكون من الداعمين وبقوة ، لاستمرارية عمل المجلس وتوسيعه ، وبناء مؤسساته في الداخل والخارج ،وتحويله إلى أداة نضالية ، وصولاً إلى تحقيق أوسع التفاف جماهيري حوله، ليكون الممثل الحقيقي للشعب الكوردي في سوريا .
لقد حاولنا و بكل بقوة حل الأطر القائمة ، لكننا فشلنا في ذلك ،نزولاً عند رغبة بعض التوجهات السياسية الموجودة في المجلس ، ومن جهتنا نعتبر المجلس اكبر واشمل إطار تم إنجازه ، على الصعيد القومي الكوردي في سوريا ، لذا لا نرى أية ضرورة لبقاء لجنة التنسيق الكوردية التي لم يعد لها وجود سوى في الماضي ، بسبب تراخي البعض ، وتعطيل البعض الأخر لعملها ، ومن الآن نعلن عن حقنا في اتخاذ الموقف المناسب أو إقامة العلاقات أو التحالفات وفق ما تقتضيه مصلحة شعبنا .
إننا من منطلق الحرص على قضية شعبنا الكوردي ومصالحه الأساسية، ندعو مجدداً إلى طاولة حوار وطني كوردي بدون استثناء ، لمواجهة الحملة المسعورة التي يتعرض لها الشعب الكوردي في سوريا وإدخال التعديلات اللازمة على البرنامج الانتقالي في صيغة الرؤية المشتركة المعلنة ، وتشكيل هيئة تحضيرية يكون من مهامها الإعداد لعقد المجلس الوطني الكوردي ، بمشاركة كافة قوى وفعاليات المجتمع الكوردي ، وبناء مؤسسات المجتمع المدني النقابية والمهنية والاجتماعية ..الخ .
رابعاً الوضع الإقليمي والدولي :
لا يمكن النظر إلى تشكيل حكومة وفاق وطني في لبنان إلا بالترحيب والتقدير لوعي جميع اللبنانيين مسألة خطورة استمرار الانقسام والتشرذم ، وأهمية بناء الوحدة الوطنية،والدولة الديمقراطية الحديثة وفي هذا الإطار فإننا ندعم إقامة علاقات صحيحة بين سوريا ولبنان ، قائمة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، وحسن الجوار ، أما الوضع الفلسطيني فلا زال منقسماً على نفسه بالرغم من محاولات مصر إصلاح ذات البين، بسبب شروط حماس التعجيزية ، على حين تعثر الانفتاح التركي على القضية الكوردية ، وتم حظر حزب المجتمع الديمقراطي، مما شكل انتكاسة ، للجهود المبذولة والإرادات الحرة الديمقراطية ، التي حاولت الانفتاح على القضية الكوردية في كوردستان تركيا ، وبالرغم من تحسن العلاقات السورية الأمريكية إلا أنها لم تشهد التحسن المأمول من قبل النظام السوري ، في ظل استمرار قانون محاسبة سوريا ، وبقاء العقوبات ،وعدم عودة السفير الأمريكي إلى دمشق ، وفيما يتعلق باتفاقية الشراكة الاورومتوسطية ، فما زال النظام يماطل في التوقيع عليها ، على حين شهدت العلاقات السعودية السورية بعض التحسن ، وكذلك الأردنية ، التي ألغت رسوم المغادرة على المسافرين بين البلدين، أما في العراق فقد خفت حدة العمليات ، وتم إجراء انتخابات إقليم كوردستان في أجواء ديمقراطية ،ساعدت على بروز قوى جديدة إلى جانب الحزبين الرئيسين . أما قضية كركوك،فلا زالت تحتل موقعاً مهماً في علاقة إقليم كوردستان العراق بالسلطة المركزية ، التي لا يزال تقرير مستقبلها ،وفق الدستور ، يخضع لاعتبارات سياسية داخلية وخارجية.
دولياً لا زال شبح الأزمة المالية يخيم على العالم ، بالرغم من تعافي الاقتصاد الأمريكي قليلاً بسبب التدخل الحكومي ، وشهد العالم مناخات إيجابية ، ونوعا من الهدوء الحذر في ظل التوجّه الجديد للإدارة الأمريكية، القائم على الحوار ، والمصالح المشتركة ، والابتعاد عن التفرد في اتخاذ القرارات ذات الشأن الدولي، وخاصة لجهة الملف النووي الإيراني .
أما الأزمة الداخلية الإيرانية التي حدثت عقب الانتخابات الرئاسية،فما زالت تتفاعل مفاعيلها ، وتتحول إلى مواجهة مفتوحة ، بين التيارين الإصلاحي والمحافظ ، وبرأينا مرشحة للمزيد من التصعيد ، بسبب تعنت السلطة وعدم تلبيتها لمطالب الإصلاحيين العادلة ،وإصرارها على إسكات الصوت المعارض كما حدث في حالة إعدام معارضين أكراد .
وفيما يتعلق بمفاوضات السلام ، على المسارين الفلسطيني والسوري ، فلا زالت متوقفة ، بسبب تعنت النظام الإسرائيلي أولا ، وعدم جدية النظام السوري ثانياً ، لان مصلحته مع حزب الله و القوى الموالية له الآن ، أهم من قضية الجولان المحتل ، هذا ما أظهرته اتفاقية اضنة للتنسيق والتعاون الأمني بين النظامين السوري والتركي مقابل تناسي لواء اسكندر ون
خامساً : في الوضع التنظيمي:
أبدى الاجتماع ارتياحه للاستقرار التنظيمي والتطور الاجتماعي الحاصل ، على هذا الصعيد ، ودعا إلى زيادة العمل بين مختلف شرائح المجتمع الكوردي ، والقيام بالتوعية والتنوير ، والتركيز على الجامعات ، ومحاربة الجهل والتخلف والأمية والفقر ، والاهتمام بمشاكل الشباب والمرآة ، وإيجاد الآليات المناسبة ، للمساهمة في الدفاع عن قضية الشعب الكوردي وحقوقه الأساسية .
في الختام وجه الاجتماع تحية للمناضل مشعل التمو ، القابع في سجن عدرا المركزي وكل سجناء الكلمة والحرية في سوريا .
أواسط كانون الثاني عام 2010
تيار المستقبل الكوردي في سوريا
مكتب العلاقات العامة