السوريون شخّصوا ضعفاً إسرائيلياً
رون بن يشاي
السهام السامة التي أطلقها اليوم وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان باتجاه دمشق، خرجت من دون أدنى شك عن الخط الرسمي للحكومات الإسرائيلية في العقد الأخير. لكن في خضم النيران المتقاطعة التي تخترق في الأيام الأخيرة محور القدس ـ دمشق، يبدو أن تركيز الأمور فقط على كلام ليبرمان، يفضي بالتحديد إلى عدم إصابة الهدف. في الواقع، المثير أكثر للاهتمام هو محاولة تحليل الدافع الذي حرك سيل التصريحات الحربية التي أُطلقت الواحدة تلو الأُخرى من الحدود الشمالية ـ الشرقية ( أي من سوريا)، بدءاً من تصريح الرئيس السوري بشار الأسد، مروراً بوزير الخارجية وليد المعلم وانتهاءً برئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السوري سليمان حداد، والتي سارع في أعقابها كل من نتنياهو وليبرمان لنشر توضيح تصالحي.
خلافاً لتشتت الرسائل الصادرة من القدس، تحدث الجميع في دمشق بروح واحدة، وكانت رسالتهم شبه موحدة: اشتعال الوضع في الشمال، سواء حصل مع لبنان أو مع سوريا، سيتحول إلى حرب شاملة بين سوريا وحزب الله وبين إسرائيل، والتي ستتلقى فيها الجبهة الداخلية الإسرائيلية رشقات صاروخية مؤلمة جداً ستُلحق بها دماراً فادحاً. إضافة إلى ذلك، يقول السوريون إنه بعد الحرب الشاملة التي سيُلحقون خلالها بإسرائيل ضرراً فادحاً، لن تجلس سوريا إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل.
وثمة تحليل آخر للأصوات الصادرة من دمشق، وهذا التحليل ينص على أن السوريين ببساطة لم يفهموا بصورة صحيحة كلام وزير الدفاع باراك، الذي أدلى به مطلع الاسبوع، والذي يفيد أنه “من دون تسوية، يمكن الوصول إلى حرب شاملة مع سوريا، سنجلس بعدها للمفاوضات”. مجرد حقيقة أن باراك استخدم مصطلح “حرب شاملة” في كلمته التي ألقاها أمام السلك القيادي الكبير للجيش الإسرائيلي، يبدو في دمشق كنيّة إسرائيلية لمهاجمة حزب الله وسوريا. ويجد السوريون تعزيزاً لهذا التصور في التصريح الذي أطلقه الوزير يوسي بيلد، قبل اسبوعين، والذي قال فيه “نحن ذاهبون إلى جولة أُخرى في الشمال، لكني لا أعرف متى؟”. هذه الكلمات حظيت ايضاً بأصداء ملموسة في العالم العربي.
لكن ثمة احتمال ثالث أيضا، وهو المفضل اليوم من قبل خبراء مختلفين بالشأن السوري. بحسب هذا التقدير، السوريون لا يخافون كثيراً، بل يشعرون تحديداً أن الحظ ابتسم لهم، ويريدون استغلال تصريح باراك، والتلويح به للضغط على إسرائيل. وبحسب هذا التفسير، الذي يتمتع بعناصر تأييد إضافية مستمدة من المعلومات الآتية من سوريا، ترى القيادة السورية في كلام باراك الذي يقول فيه “نحن نخاطر بحرب شاملة”، شهادة على الضعف والخشية لدى إسرائيل من قوة المنظومة الصاروخية التي لدى حزب الله وسوريا. هذا الضعف يحاول زعماء سوريا التلويح به الآن، ولذلك يُصعدون تهديداتهم. هكذا، على سبيل المثال، ورد في كلام وزير الخارجية السوري المعلم، أن الحرب القادمة “ستصل إلى مدن إسرائيل”، وكذلك التهديدات بأن لبنان وسوريا هما جبهة واحدة بحيث أن مهاجمة أي منهما سيؤدي إلى رد من قبلهما معاً. وكذلك قول حداد إنه “بعد الحرب لن تكون هناك مفاوضات للسلام” ـ كل هذه التصريحات هي محاولة لإطلاق التهديدات تجاه إسرائيل، انطلاقاً من الإدراك أن كلام باراك يعكس خشية وضعفاً.
في هذا السياق، يقول خبراء في الشأن السوري إن باراك أخطأ عندما سمح بنشر كلامه، الأمر الذي أدى إلى تقويض قدرة الردع الإسرائيلية. وعلى الرغم من ذلك، فإن كلام السياسيين السوريين لا يبرر العربدة غير الديبلوماسية من جانب وزير الخارجية ليبرمان. ذلك أن كلامه الذي قاله اليوم يعزز صورة “الضعيف المُعتدي” التي تحاول سوريا إلصاقها بإسرائيل.
(“يديعوت أحرونوت” 5/2/201