حديث الحرب والسلم
زياد حيدر- الوطن اونلاين
رفع وزير الخارجية الإسبانية ميغيل أنخيل موراتينوس حاجبيه، وهو يستمع للرد الحاد الذي صاغه بجدية بالغة وزير الخارجية وليد المعلم، تجاه التهديدات الإسرائيلية المتكررة بحرب مقبلة على المنطقة.
رأى المعلم في تصريحات وزير الحرب إيهود باراك ورئيس الأركان الإسرائيلي غابي أشكينازي ما يستلزم الرد المباشر بوتيرة أعلى من تلك التي تصدر عن رجال الحرب في إسرائيل. لاشك أن اللهجة العنيفة من رئيس الدبلوماسية السورية فاجأت الجميع.
فالحديث الإسرائيلي عن حرب مقبلة أشبه بنغمة موسمية تسبق كل صيف ويرقص على إيقاعها الإعلام الإسرائيلي، وتلقى صدى متفاوتاً في الإعلام العربي.
لكن المعلم أراد هذه المرة أن يواجه التهديد بالتحذير، وذلك لوضع الخصم في إطار ما تستوجبه تصريحاته من مسؤولية.
رد المعلم لم يركز فقط على الاعتبارات الداخلية للتهويل الإسرائيلي الحربي، وإنما أيضاً على ما يعنيه ذلك من آثار في حال تحققت ستصيب قارع طبول الحرب كما سواه.
لافت أن يهدد وزير الخارجية بحرب تطول كل مدن إسرائيل. فهذه إشارة رسمية ربما هي الأولى من نوعها لقدرة الردع الصاورخية السورية التي يكثر الإسرائيليون من الحديث عنها والتحذير منها. أيضاً لافت أن يساوي المعلم بين ما يمكن أن يجري لجنوب لبنان وبين ما يمكن أن يجري لسورية، وكأنهما أرض واحدة، محذراً أن تقسيم جبهات القتال ووضع بعضها في ثلاجة والآخر في النار قد لا يكون ممكنا في الحسابات الإسرائيلية الراهنة.
ضروري كان رد وزير الخارجية. وربما ما استفزه تماما كان تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي تحديداً حين تحدث عن إستراتيجية حربية لتحقيق سلام مؤجل. قال باراك في تصريحات صحفية «سنقوم فوراً بعد حرب كهذه بالجلوس مع سورية ونتفاوض على المسائل نفسها التي نناقشها معها منذ 15 عاماً».
أيضاً لا بد من ملاحظة السياق التي وردت فيه تصريحات المعلم، بمناسبة زيارة الخبير في العملية السلمية موراتينوس، والذي كان جاء إلى سورية بعد لقائه المسؤولين الإسرائيليين. موراتينوس قال إنه بعد لقاءات هؤلاء لم يسمع طبول حرب، وإنما سمع حديثاً عن كيفية استئناف عملية السلام.
إلا أن الواقع أن تصريحات الحرب والاستعداد لها بما في ذلك توزيع القناعات الواقية على سكان المدن مستمر. وسواء رغب موراتينوس بتجاهله «خدمة السلام» أو فاته سهوا الاطلاع على ما يجري جدياً، فإن إهمال ما تعج به الصحافة الإسرائيلية من صراخ بالقنابل لم يعد مقبولا. لكن الحديث عن الحرب سار معه حديث مواز عن السلام (كما يجري دوما). وثمة ملاحظة مهمة تسجل هنا هي تأكيد الوزير الإسباني أن الوساطة التركية هي الأداة المأمولة لعودة الحياة لمسار السلام السوري الإسرائيلي.
أيضاً سجل موراتينوس أن جهوداً تبذل أوروبيا وأميركيا لإقناع إسرائيل بالعودة إلى هذه العملية، وعلى حين يبدو أن الإسرائيلي «يتدلل» حالياً لتحقيق مكاسب أكبر.
المهم أن سورية «سئمت» التلويح الإسرائيلي بالقوة في كل مناسبة. وهذه المرة أرادت أن تكون الرسالة بالغة الوضوح. في الحرب الكل سيخسر.