اسرائيلالتفاوض السوري الإسرائيليصفحات العالم

حافة الحرب أو التفاوض

ساطع نور الدين
انتهت حالة اللاحرب واللاسلم بين سوريا واسرائيل. فإما أن تنطلق الغارات الجوية والصاروخية بين لحظة واخرى، وإما أن تفتح قاعات التفاوض وتتسارع الخطى نحو التسوية النهائية. لم يعد هناك مجال للبقاء في حالة المراوحة، وتبادل التهديدات والإنذارات العابرة للحدود، وتبادل الشكوك والظنون بأن الآخر يستعد للحرب ويخطط لإشعالها فجأةً، بعدما باتت المخرج الوحيد من الأفق المسدود.
تلك هي الخلاصة الأهم التي يمكن التوصل اليها من التحذيرات الإسرائيلية السورية الأخيرة التي اخترقت للمرة الأولى منذ سنين، جبهة الصمت وحدود فك الاشتباك، ووضعت المنطقة كلها أمام معطى سياسي جديد، يمثل انعطافة حادة في طريقة التخاطب والتعامل بين الدولتين، اللتين خاضتا منذ حرب العام 1973، سلسلة من المواجهات والمفاوضات غير المباشرة، التي لم تسفر عن أي تغيير جذري في وضعهما الاستراتيجي، ولا ساهمت في إحداث تعديل في موازين القوى التي أسفرت عنها تلك الحرب قبل 37 عاما.
إشارة الانطلاق الاولى في هذا التوتر المثير على جبهة عرفت تقليديا بالالتزام الدقيق بقواعد لعبة مرنة، جاءت من اسرائيل، وبالتحديد من وزير الدفاع إيهود باراك الذي يعرف بأنه المسؤول الإسرائيلي الأشد حماسة لاستئناف مسار التفاوض مع سوريا، لأسباب باتت معروفة جيدا لأنه يرددها كل يوم تقريبا، أهمها فصل دمشق عن ايران وفك ارتباطها بحزب الله وحركة حماس. وهنا كانت المفاجأة التي تركت الانطباع بأن ثمة تغييرا جذريا في إسرائيل، علما بأن التدقيق في كلام باراك الاخير، الذي أورد فيه للمرة الاولى احتمال اندلاع حرب مع سوريا، لا يخرج عن السياق الذي طالما روج له وهو الحاجة الى المفاوضات مع دمشق لكي لا تجد إسرائيل نفسها وبغير إرادتها في حرب مع جارتها الشمالية. ولعل التحليل الأدق لكلام الوزير الاسرائيلي هو أنه كان يطالب دمشق بأن تضبط حزب الله لكي لا يثير مواجهة يمكن أن تتطور الى حرب بين الدولتين، أو كان على الأرجح يحذر الحكومة السورية مثلما يحذر دائما الحكومة اللبنانية من خطر الحزب وتسلحه ويحملها مسؤولية أي حرب لا يريدها أحد لكنها يمكن أن تنشب في أي لحظة.
ولا تعبر هذه الالتفاتة الاسرائيلية المفاجئة الى الجبهة السورية عن هوى باراك التقليدي، بل ايضا عن توجه حكومة بنيامين نتنياهو المستند الى تأييد أميركي باستحالة إحياء المسار الفلسطيني، الذي تمكنت الضغوط المختلفة من فك ارتباطه الوثيق مع إيران مؤخرا، وبالتالي لم يبق لطهران من حليف رئيسي سوى دمشق، التي لا بد من تركيز العمل من الآن فصاعدا على ترغيبها وترهيبها لكي تتوصل الى الاستنتاج الذي توصلت اليه حركة حماس أخيرا عندما أعادت التسليم علنا بعروبتها ومرجعيتها العربية، وجددت إلحاحها على المصالحة الفلسطينية من دون الشروط التي كانت تضعها في السابق.
الرد السوري على هذا التوجه الاسرائيلي كان مدوّياً، وما كان يسمعه المبعوثون الدوليون في لقاءاتهم مع المسؤولين السوريين أخرجه الوزير وليد المعلم للمرة الأولى الى العلن: المدن الإسرائيلية في مرمى الصواريخ السورية، التي وضعت على أهبة الاستعداد للقرار الإسرائيلي المقبل بالحرب أو بالذهاب الى .. تركيا؟
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى