تعليق على رسالة مفتوحة
إلى القضاء اللبناني المنشورة في جريدة الأخبار اللبنانية عدد الأربعاء 27 كانون الثاني 2010
مازن كم الماز
بقدر ما أتضامن مع سماح إدريس و مع الآداب و بقدر ما تثير فكرة محاكمتهما بسبب ما قالاه عن فخري كريم من استياء و حتى اشمئزاز و بقدر ما أعتقد أن من كان مستعدا للقدوم مع الدبابات الأمريكية ليتحدث عن الديمقراطية أن يكون جاهزا أيضا ليكون محلا للنقد و حتى للمساءلة , فإنني في نفس الوقت أعترض على بعض العبارات و الأفكار الواردة في الرسالة , خاصة تصوير هذه القضية و من خلفها العالم بنفس طريقة ريغان – بوش الشهيرة : تقسيم العالم بين خير و شر , بين أبيض فاقع و أسود مطلق , حق و باطل . إن العالم أكثر تعقيدا من هذا التبسيط غير البريء و الذي ينتهي إلى قلب منطق العدالة ذاتها كما تفعل الرسالة . هذا ليس دفاعا عن التعاون مع الاحتلال فهذا بالنسبة لي و للغالبية العظمى الصامتة من الناس في منطقتنا بما في ذلك في العراق قضية محسومة و لا يغير في الموضوع أن هذا الصمت يسمح لمن يروج للاحتلال أن يواصل الكذب دون احتجاج صاخب , القضية أكثر بداهة و هي تتعلق بزيف الصورة التي تقوم على تمييز مطلق بين الباطل و الحق , و خاصة رفضها لثقافة الاختلاف أو حتى للحق في الاختلاف و أن تفرض مكانها ثقافة القطيع , و أنا شخصيا أستبعد أن يكون سماح إدريس نفسه ينظر للأمور بهذه الصورة القائمة على تسامي فكرة و لو كانت فكرة الوطن فوق الإنسان , ليس فقط ككائن يتمتع بحقوق بديهية أساسها حريته بل و ككائن تفسر كل الأفكار بالنسبة إليه لا بنسبته هو إليها . و أعترض أيضا على اعتبار المقاومة حالة موحدة صماء تتناقض مع فكرة التنوع و الاختلاف تقوم على فكرة رفض الآخر من جهة و قمع الاختلاف داخل معسكر المقاومة من جهة أخرى , ما يستفز المقاومة هو انتهاك عالم الإنسان و حقوقه من قبل قوى مهيمنة خاصة حقه في الحياة بحرية . اعتراض أخير ثانوي على وصف قضاء لبنان بالمقاوم , فالقضاء مجرد مؤسسة في نظام قائم يمارس لعبة السياسة لمصلحة النخب الحاكمة أو المتصارعة بما في ذلك القبول بوجود مقاومة عند اللزوم كمحاولة لتدجينها أو كظرف مؤقت مفروض , العدالة أكبر بكثير من مؤسسة القضاء القائمة , إنها حلم من يعانون من الظلم و انعدام العدالة من مؤسسات النظام القائمة وليست قوانين و سجون تحميها هذه المؤسسات . أرجو أن أسجل أنني أتضامن مع سماح إدريس و مجلة الآداب دون أن أكون قادرا , أخلاقيا قبل أن يكون هذا تعبير عن موقف فكري أو سياسي , على القبول بهذه الرسالة ….
خاص – صفحات سورية –