المنافسة الديمغرافية بين المسلمين والمسيحيين

سمير التنير
تشير إحصائيات مستقبلية إلى أن نسبة عدد المسلمين في العالم عام 2050 ستكون بحدود 27,5 في المئة أي 2,5 مليار نسمة، في حين أن عدد المسيحيين سيكون 3,1 مليارات نسمة ونسبتهم 35 في المئة من سكان العالم.
ترجع زيادة عدد المسلمين في القرن الماضي إلى جملة أسباب سياسية واجتماعية وديمغرافية. منها فشل الأنظمة العربية في الوفاء بوعودها التي قطعتها لشعوبها في التنمية الاقتصادية. ويقول الأستاذ في جامعة هارفرد تيموتي شاه إن عودة الإسلام السياسي إلى بلدان الشرق الأوسط بدأت في العاشر من شهر حزيران عام 1967، يوم الهزيمة العربية أمام إسرائيل وما نتج عنها من وضع نهاية لأيديولوجية القومية العربية.
إن التحول الأول (كما يقولون) حدث في مصر، عندما الغيت اشتراكية عبد الناصر وظهرت بدلاً منها أيديولوجية الاخوان المسلمين التي تقول: «الله إلهنا والقرآن دستورنا والرسول قائدنا والجهاد طريقنا، والموت في سبيل الله أقصى أمانينا». ان الثورة الإسلامية في إيران عجلت في قلب ميزان القوى. كما ان الاسلاميين ربحوا معظم مقاعد البرلمان في الانتخابات التي أجريت في معظم البلدان الإسلامية ومنها الجزائر وفلسطين، أما في تركيا العلمانية فيقود الحكم في البلاد حزب إسلامي وذلك منذ عام 2004.
الزيادة الكبرى في عدد المسلمين لم تحدث في المشرق العربي، بل في بلدان آسيا البعيدة، أي في أندونيسيا التي يبلغ عدد المسلمين فيها 203 ملايين، وفي باكستان والهند وبنغلاديش. ويشكل الشبان في البلدان الإسلامية المجموعة السكانية الأكبر، مما يعني زيادة في القوة العاملة والفاعلة. ويبقى واحد من كل خمسة مسلمين عربياً من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتسود اللغة العربية في كافة البلدان الإسلامية باعتبارها لغة القرآن.
وفي أوروبا يبقى المسلمون في عداد الأقليات، وفي فرنسا وهولندا يتجاوز عدد المسلمين نسبة الـ5 في المئة. اما في البلدان الأوروبية الأخرى فهي كما يلي: ألمانيا 5 في المئة، سويسرا 4,3 في المئة، النمسا 4,2 في المئة.
وإذا انتقلنا إلى أعداد السكان المسيحيين في العالم، نرى انهم ازدادوا زيادة كبيرة في أميركا اللاتينية وأفريقيا. حيث كان عددهم عام 1900 عشرة ملايين اما عددهم اليوم فيبلغ 400 مليون. ويبلغ عدد البروتستانت في العالم 350 مليوناً. والأصوليون المسيحيون اليوم يكتبون قصة نجاحهم حيث ينشط مبشروهم في أحياء الصفيح في أميركا اللاتينية وفي المدن الأفريقية، مما يثير حسد البابا والدعاة الإسلاميين.
يوجد في الصين مسيحيون أكثر عدداً من أعضاء الحزب الشيوعي (76 مليوناً) وخاصة في مقاطعة زهاي يانغ وينتمون إلى الكنيسة البروتستانية. ولا يوجد في الكنائس صلبان أو أجراس، ويقتصر الأمر على وجود قاعة كبيرة مخصصة للصلاة. ويقول كبير القساوسة البروتستانت ان اعداد رعيته تنمو بوتيرة أسرع من الاقتصاد الصيني.
يقيم أتباع الديانات مؤسسات خاصة بهم. وللمسلمين تقويم خاص، هو التقويم الهجري. وأقامت منظمة المؤتمر الإسلامي مؤسسات تابعة لها وذلك قرب مقرها الرئيسي في مكة. وأهم تلك المؤسسات «التجمع العالمي للشبيبة الإسلامية» world assemlly of muslim youth. ويبحث ذلك التجمع موضوعات مهمة جداً مثل «الشباب المسلم في مواجهة العولمة» ويرأس ذلك التجمع أسامة الباز، محافظ مدينة مكة. كما يبحث التجمع أيضا تأثيرات الثقافات الأجنبية على الشباب المسلم، ووسائل تجنب حدوث الفتنة بين المسلمين. أما المشاكل الجنسية والمخدرات والكحول فيكمن الحل في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
بمثل هذه الأفكار والاقتراحات يود الدعاة مقاربة مشاكل الشباب المسلم في عصر العولمة. كما يحملون هذه الأفكار إلى بلاد مثل الصين وأميركا الجنوبية وأفريقيا، وفيها تحمى المنافسة بينهم وبين المبشرين المسيحيين.
وفي الجانب الآخر يعمل مركز هدسون في الولايات المتحدة كمركز بحثي محافظ ويوفر للكنائس في الخارج مساعدة مادية كبيرة جداً والتي بدورها تساعد المنظمات غير الحكومية، والمنظمات الكاثوليكية بالأموال.
يوزع القساوسة البروتستانت في الكنائس منشورات يكتبون فيها ان مليارين من الناس في العالم يؤمنون بالمسيح. وتسود الروح المسيحية في المجتمعات، وتقود التطور في العالم كله.. وهناك ايضاً مجموعة كبيرة جداً من المبشرين الهواة الذين يجري إعدادهم في مركز بيلي غراهام بالقرب من شيكاغو. وتكون محاضرة الاستاذ جيري روت مكتظة كل يوم بالطلاب. ويُعد المركز 3000 مبشر كل عام وذلك للعمل في الداخل الاميركي او في الخارج. ويقول روت أيضاً إن الهدف ليس الدعوة إلى نشوب الحروب بين الديانات، بل الدعوة إلى الحوار والتوافق: «لا نود أن نرغم أحداً على اعتناق ديانتنا، بل ندعو فقط إلى محبة الله». إلا أن عمل المبشر المسيحي اصبح خطراً بعد أحداث 11 أيلول عام 2001. لكن على الرغم من ذلك تضاعف عدد الطلاب في مركز بيلي غراهام خمسة أضعاف.
في الجانب المقابل يرأس الشيخ صالح الوهيبي منظمة الشباب المسلم الذي يقول «إن العولمة الثقافية عابرة للقارات، ولكن الإسلام يقف بثبات ضدها. اننا نستطيع تعبئة الجماهير». وتقوم المنظمة الاسلامية بتوزيع الأموال والأغذية وبناء المدارس والجوامع. وأنفقت المملكة العربية السعودية مبالغ تصل إلى 90 مليار دولار لدعم منظمة المؤتمر الاسلامي وذلك منذ السبعينيات من القرن الماضي وحتى عام 2005. وتقدم منظمة الشباب المسلم 5000 منحة دراسية كل عام. وذلك في 55 بلداً. ويقول الوهيبي أيضاً إن مجال عمله الرئيسي يتجه إلى القارة الأفريقية، حيث ينشأ التنافس بينهم وبين المبشرين المسيحيين.
السفير