هل بدأ أوباما يُشبه بوش؟
سعد محيو
هيلاري كلينتون أرادت أن يكون خطابها في قطر، مُنقذاً لخطاب “اليد الممدودة إلى العالم الإسلامي” الذي ألقاه الرئيس أوباما في القاهرة في يونيو/ حزيران الماضي . بيد أن إنقاذ هيلاري لم يُنقذ أحداً، ولا أقنع أحداً بأن اليد الممدودة لا تزال حقاً ممدودة .
الأسباب لا علاقة لها بنوايا إدارة أوباما التي ربما تكون حسنة، ولها كل العلاقة بأفعالها التي لايبدو الحُسْن عليها .
فطيلة الأشهر السبعة التي تلت خطاب القاهرة، كانت صورة هذه الإدارة تتحوّل بسرعة فائقة من اللون الأبيض إلى اللون الرمادي، وهي تكاد الآن تتشح بالسواد الذي كانت عليه إدارة بوش في كل شيء عدا الخطب الرومانسية البلاغية .
كيف حدث هنا؟ ولماذا؟
أسباب ال”كيف” واضحة: الانسداد المفاجئ لآفاق السلام في الشرق الأوسط، بعد أن أذهلت واشنطن الجميع باستسلامها الكامل للموقف “الإسرائيلي” الرافض لإبرام تسوية مع 53 دولة إسلامية وعربية، والمتمسّك بالاستيطان، والتوسّع، ولعبة موازين القوى .
وفي الوقت نفسه، كانت إدارة أوباما تعود إلى النقطة التي انتهت إليها إدارة بوش من حيث مواصلة تصعيد الحرب في أفغانستان، والعودة إلى تهديد إيران بحديد العقوبات الاقتصادية ونار الحرب العسكرية . هذا جنباً إلى جنب مع إبقاء النيران تحت الرماد في لبنان وفلسطين .
الباحث الأمريكي روبرت كاغان يعتبر أن هذه المواقف “طبيعية للغاية، وكان يمكن أن يتخذها في الواقع أي رئيس أمريكي منذ تأسيس الأمة . كما يُعيد محللون آخرون إلى الأذهان خطاب أوباما لدى تسلّمه جائزة نوبل للسلام، حين شدّد على حاجة أمريكا إلى شن الحروب ضد “الإرهاب”، مشيرين إلى أن ذلك يندرج في إطار إرث طويل من توجهات الرؤساء الأمريكيين . وفي هذا السياق توجهات أوباما، برأيهم لم تشكّل انحرافاً كبيراً عن هذا الإرث بل امتداداً له وتواصلاً معه .
هذا عن ال”كيف” . ماذا الآن عن ال”لماذا”؟
أفضل من يمكنه توضيح هذه ال”ماذا” هو زبغنيو بريجينسكي، الذي عقد معه أوباما قبل وغداة فوزه بالرئاسة جلسات استراتيجية طويلة ومعمّقة جعلت الأول يتفاءل بأن الثاني سيُحدث قفزة نوعية وتاريخية في الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط .
لكن زبغنيو أصيب على مايبدو بخيبة أمل مريرة . إذ في ندوة موسّعة أجرتها ال”بي .بي . سي” مؤخراً في مركز مؤسسة كارنيغي للشرق الأوسط وشارك فيها كبار المحللين الاستراتيجيين الأمريكيين، قال بصريح العبارة إن أوباما “لم ينتقل في الشرق الأوسط من الأمل إلى الجرأة” . وهو بدلاً من أن يركّز على الأهمية التاريخية والاستراتيجية للمعضلة التي يطرحها مأزق عملية السلام في الشرق الأوسط، وجدناه ينغمس في تصعيد الحرب في أفغانستان .
بريجنسكي أعطى الرئيس الأمريكي مبررات تخفيفية أبرزها المعضلات الكبرى التي واجهها مع الكونغرس الأمريكي المُوالي بشدة ل”إسرائيل”، لكنه لم يُعفه مع ذلك من ضرورة اتخاذ القرارات الجريئة والشجاعة في المنطقة خلال هذه السنة “إذا ما أراد عدم تفويت الفرصة” .
حسناً . شهور 2010 بدأت تقفز بسرعة، والقرارات الشجاعة لم يظهر لها أثر بعد، كما دّل خطاب هيلاري التي دعت العرب فيه إلى “الصبر والسلوان” بدل أن تعدهم ب”المن والسلوى” .
وفي حال أقفل هذا العام على ما بدأ به، فسيتذكّر العرب والمسلمون شكل بوش كلما أطل عليهم وجه أوباما .
الخليج