الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

معضلة ايران

ساطع نور الدين
مساء الاحد الماضي، صدرت عن مستشار الامن القومي الاميركي جيمس جونز في حديث الى محطة فوكس نيوز التلفزيونية، اول اشارة علنية صريحة الى ان واشنطن تريد تغيير النظام في ايران، من خلال الدفعة الجديدة من العقوبات الدولية التي تعمل على تجييش العالم كله هذه الايام من اجل اقرارها في مجلس الامن الدولي.
لم يقل جونز ان الهدف هو تغيير سلوك النظام الايراني، بل حدد بوضوح ان العقوبات المرتقبة التي يتوقع ان تركز على القطاع النفطي في ايران وعلى الحرس الثوري ورموزه ومؤسساته التي باتت تتولى ادارة السياسة والامن والاقتصاد، فضلا عن البرنامج النووي، قد تؤدي الى تغيير النظام برمته، الذي يواجه حسب تعبيره صعوبات داخلية جدية، تريد واشنطن تعميقها من خلال الضغط عليه من الخارج ودفعه الى السقوط، من دون الحاجة الى حرب او الى اي عمل عسكري.
لكن هذه الخطة الاميركية تواجه معضلة حقيقية لا يبدو ان جونز او ايا من المسؤولين الاميركيين والغربيين الذين يقودون الحملة الراهنة على ايران يعترفون بها، وهي ان الحركة الاصلاحية الايرانية المعارضة التي هبت في اعقاب قرار التمديد للرئيس محمود احمدي نجاد في حزيران الماضي، لم تكن يوما ولن تكون غدا رأس جسر لمثل هذا الضغط الخارجي الهادف الى تغيير النظام، والذي لا يمكن لاحد في الغرب ان يدعي أنه سيكون محصورا بالحرس الثوري، ولن يمس مصالح فئات واسعة من الشعب الايراني.
وثمة تفصيل اضافي مهم هو ان تلك الحركة الاصلاحية التي فاجأت العالم كله في حزيران الماضي، بلغت ذروة تجربتها وهي شارفت على اعلان الاستسلام والتفكك الى حركات تتوزع بين الميل المحدود الى المصالحة مع النظام الذي كشف في الاشهر السبعة الماضية عن استعداده التام للبطش بمعارضيه، وبين التوق الى بلورة صيغ وخطط وشعارات جذرية لإطاحته. وقد كانت مناسبة الذكرى الحادية والثلاثين للثورة الاسلامية في 11 شباط الحالي، التي اخلت الساحات للمحافظين، دليلا على خوف الاصلاحيين وعدم قدرتهم على المضي قدما في ما يبدو انها عملية انتحارية لن تؤدي بأي منهم إلى الجنة.
والنقاش الدائر في طهران هذه الايام في صفوف الحركة الاصلاحية تحت عنوان مراجعة التجربة الاخيرة لا يوحي بأنها ستعثر على قيادة جديدة غير الثلاثي المحاصر في المنزل، موسوي – كروبي – خاتمي، او انها ستتوصل الى لغة جديدة لمخاطبة الجمهور الحانق، او الى برنامج عمل جدي يتخطى الافكار العفوية التي طرحت في أعقاب الانتخابات الرئاسية وأهمها عدم الاعتراف بنتيجتها والدعوة الى تغيير القانون الانتخابي الذي يستفيد منه الاصلاحيون اكثر من سواهم!
لعل واشنطن التي تدرك هذا التحول في مجرى الصراع السياسي داخل ايران، تود من خلال العقوبات الجديدة على إيران ان تشجع الحركة الاصلاحية الايرانية على عدم الرضوخ امام المؤسسة الامنية الحاكمة، وعلى استئناف تحركها في الشارع… وصولا الى الفوضى التي يمكن ان تؤدي الى تعزيز فرص الصفقة مع المحافظين الذين لم تتخل واشنطن يوما عن فكرة الحاجة اليهم في حروبها وأزماتها العديدة في العالم الإسلامي.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى