لنكن شجعانا ولنجب بصراحة: لماذا الآن..؟
سلمان عز الدين
لماذا الآن..? سؤال يتكرر بمعدل ثلاث إلى أربع مرات في اليوم الواحد, دون أن يصادف شخصا واحدا طيب المزاج وخالي البال ليجيب عليه, وهو نادرا ما يأتي عاريا إذ له لوازمه ولواحقه:
لماذا الآن بالذات (وغالبا ما يتم التشديد على بالذات هذه) وأمتنا تمر بأحلك ظروفها… في هذا المنعطف الخطير حيث الامبريالية والصهيونية والرجعية, وقوى الشر المعولمة… وجماعة أبو سياف وعصابة الكف الآسود…
لماذا الآن? سؤال غلباوي يحشر أنفه في كل المجالات والموضوعات والقضايا, ينط فجأة على الألسنة مختارا ضحاياه بعناية فائقة ولا سيما من بين أولئك المحشورين في زوايا ضيقة يواجهون فيها نقدا حادا , أو سيلا من الأسئلة المحرجة, أو الطلبات الصعبة.
إثر كل مقال نقدي أو تحقيق صحفي, ومع كل بيان معارض, أو عريضة شعبية, يكون أول ما يخطر على البال هو: لماذا الآن?
لماذا الآن?.. هكذا تصرخ الحكومة, وهكذا يتساءل الأدباء والمفكرون والفنانون, والمذيعات وعارضات الأزياء.
وهذا ما قاله هاني السعدي لنفسه عندما علا الصراخ في وجهه بأن فانتازياه التاريخية صارت وباء مميتا , مستنتجا وجود مؤامرة كبرى تستهدفه شخصيا ومن خلفه الدراما الوطنية وبالتالي الوطن الحبيب برمته…
وهذا ما يقوله جمال سليمان لنفسه ولمريديه إزاء منتقديه.
وحسن حميد إذا سئل: ألم يحن الوقت لتكف عن الكتابة…?
وحسن م يوسف كلما واجه من يتوسل إليه: ؛نرجوك خفف من خفة دمك«…
بالطبع ثمة ألوان عديدة:
لماذا الآن قومجي ولماذا الآن يساري, وثالث إسلامي… تختلف النبرة واللواحق, ولكن السؤال الملح يبقى هو هو: لماذا الآن..?
حسن ربما آن الأوان لنجيب:
الآن.. لأننا في هذا الآن بالذات (مع التشديد طبعا ) ما زال لدينا قليل من رمق الحياة, وبضع نبضات في قلوبنا, وحفنة – آخذة بالتلاشي – من قوانا العقلية, وإذا ما ذهب هذا الآن, وجاء آن آخر فسنكون, على الأرجح, قد م تنا – بفعل أقوالكم وأفعالكم – بالجلطة القلبية أو السكتة الدماغية, أو أصبنا بالشلل النصفي أو الرباعي, وعندها لن يتسنى لنا الصراخ في وجوهكم: كفى… كفى..
بالمناسبة: الآن, وكل آن, هو وقت ملائم لنقول لكم: كم أنتم مضجرون..?!