العقوبات أم الحرب ؟
بقلم رنده حيدر
تتابع الصحف الاسرائيلية بإهتمام وقلق شديدين الزيارة التي يقوم بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى دمشق اليوم، حيث يقال إنه الى جانب لقاءاته مع الرئيس السوري بشار الأسد سيلتقي أيضاً الأمين العام لـ”حزب الله” السّيد حسن نصر الله، ورئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في دمشق خالد مشعل.
تأتي هذه الزيارة في أجواء مشحونة وتبادل للإتهامات والتهديدات بين إسرائيل من جهة وإيران وسوريا و”حزب الله” و”حماس” من جهة اخرى؛ وفي ظل الانعكاسات السلبية العميقة التي تركها تورط “الموساد” في عملية إغتيال مسؤول “حماس” في دبي؛ والأهم من كل ذلك مع اقتراب موعد قيام المجتمع الدولي بفرض العقوبات الإقتصادية على إيران. لهذه الأسباب تبرز الأهمية الخاصة لزيارة الرئيس الإيراني، فهي في رأي عدد من المعلقين الاسرائيليين لا تأتي من أجل إظهار تأييد إيران لحلفائها في المنطقة، وإنما أيضاً من اجل التنسيق معهم، وبحث احتمالات تطور الأوضاع في الأشهر المقبلة.
ترجّح دراسة اسرائيلية نشرها “المركز القومي للدراسات الاستراتيجية” حول الجدول الزمني للقنبلة النووية الايرانية أن يكون في استطاعة إيران انتاج أول قنبلة نووية بدءاً من منتصف العام الحالي في حال سرّعت في عمليات تخصيب الأورانيوم، أما في حال مواصلة الوتيرة الحالية لعمليات التخصيب فمن المتوقع ان تصبح قادرة على تصنيع القنبلة في 2012. والراهن حتى الآن، ورغم الكلام الإسرائيلي الكثير عن الخطر الوجودي المحدق بهم نتيجة حصول النظام الإيراني على السلاح النووي ومناداته بالقضاء على إسرائيل؛ فإنهم غير قادرين في الوقت الحالي على القيام بأي عمل عسكري لوقف المشروع النووي الإيراني وذلك لسببين: عدم حصولهم على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة؛ ورغبة معظم المجتمع الدولي في استخدام العقوبات الإقتصادية من أجل كبح المشروع النووي الإيراني.
ومن هنا تبرز رغبة كل الأطراف الدوليين في تهدئة الوضع في المنطقة، ومنعه من التدهور الى مواجهة عسكرية من شأنها إفشال العقوبات الدولية على إيران حتى قبل صدورها. ومن هنا الشجب الدولي الكبير لتورط “الموساد” في عملية اغتيال المبحوح في دبي، التي تدخل بحسب عدد من المعلقين الإسرائيليين ضمن الحرب السرية الدائرة بين إيران وإسرائيل. ولكن إذا كانت العملية العسكرية الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية أمراً مستبعداً في الوقت الراهن، فما هو سبب التخوف الكبير من جانب الايرانيين والاسرائيليين من احتمالات نشوب مواجهة عسكرية بينهما؟
يبدو ان هناك اكثر من سبب: الأول العقوبات الإقتصادية التي سيفرضها المجتمع الدولي على إيران. اذاً لا يستبعد الإسرائيليون قيام إيران بخلق أجواء توتير في المنطقة لعرقلة فرض هذه العقوبات. وقد نشرت مجلة “دير شبيغل” الألمانية وثيقة قالت إنها طرحت أثناء اجتماع وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي تضمنت خطة لهجوم واسع وشامل على الإقتصاد الإيراني من شأنها أن تؤدي الى انهياره. وتحدثت الخطة عن وقف تصدير المشتقات النفطية إلى إيران، وفرض القيود على تمويل مشاريع تطوير الحقول الجديدة للنفط والغاز، وتجميد القروض، وتقليص الضمانات التي تقدمها شركات التأمين الغربية للمستثمرين في إيران، وابعاد المصرف الوطني الإيراني عن صندوق النقد الدولي الأمر الذي سيمنع طهران من اجراء أي صفقة بالعملة الأجنبية. هذا علماً بأن مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال جيمس جونز كان قد حذر في وقت سابق من هذا الشهر من لجوء إيران الى الرد بالقوة على العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها بواسطة “حزب الله” و”حماس”.
ولكن من جهة اخرى هناك عدد من الاصوات داخل اسرائيل تقول انه لا شيء يمكن أيضاً أن يردعها في حال تأكدت من فشل العقوبات الإقتصادية، سواءٌ بسبب مساعي العرقلة التي قد تلجأ اليها إيران، او بسبب عدم تقيد بعض الدول بها، من القيام بقصف المنشآت النووية الإيرانية. وتضيف أن ثمة أمراً أساسياً يجب التوقف عنده هو الرفض المطلق من جانب أي زعيم إسرائيلي لإحتمال تعرض بلده لخطر كارثة “ابادة” جديدة نتيجة حصول إيران على السلاح النووي.
لكن سواء كانت إيران هي المبادر الى التصعيد أم إسرائيل، فالأكيد أن المواجهة لن تكون بعيدة عن لبنان وغزة.
النهار