صفحات سورية

المعارضة ومشروع التغييرالوطني الديمقراطي في سوريا

null
عبد الحفيظ الحافظ
تراجعت الضغوض الخارجية عن سوريا ، ويومياً يعلن النظام عن فك الحصار عنها ، وصرح أكثر من مسؤول : إن الآخرين هم الذين عادوا إليها ، لأن سوريا رقم صعب ، ولا يمكن تجاوزها عربياً وإقليمياً ودولياً .
هذه حقيقة على المعارضة الديمقراطية السورية أن تأخذها بعين الاعتبار، بغض النظر عن القراءة الخاصة للنظام للواقع داخلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً ، مع أن الرياح في المنطقة وفي العالم لم تجرِ حسب أجندة الربان الأمريكي في العقد الأول من هذا القرن ، لكنها لم ولن تجري أيضاً حسب ما تشتهيه الأنظمة الشمولية في العالم وفي المنطقة .
هذه المتغيرات تفرض على قوى التغيير الديمقراطي في سوريا بغض النظر عن موقعها واصطفافها المراجعة لبرامجها وأشكال عملها ، ليس بقصد شطب مشروع التغيير الديمقراطي كحالةٍ راهنة ، و حاجة داخلية ووطنية ، بل بأخذ ميول الواقع السوري والمتغيرات الإقليمية والدولية بعين الاعتبار ، الذي بدأ بالتبدل مع احتلال العراق خشية أن تشهد سوريا مآسي العراق ، وعبَّر عنه انكفاء الشعب من جديد .
إذا كانت الحاجة للتغيير الديمقراطي في سوريا حتَّمت مع العهد الجديد دوراً متقدماً للإرادة على حساب الواقع ، وقد لعبته الإرادة بجدارة في البيانات والمنتديات لا سيما ” منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي ” ولجان المجتمع المدني والتجمعات الثقافية والأحزاب و” التجمع الوطني الديمقراطي ” والقوى الديمقراطية الأخرى والمستقلون ، ولجنة التنسيق وبعض رموز المعارضة ، لكن ” إعلان دمشق ” للتغيير الديمقراطي وعقد ” المجلس الوطني لإعلان دمشق ” كانا النقطة المفصلية والأبرز .
إن التغيير الديمقراطي ونقصد به التغيير السلمي العلني المتدرج إلى دولة القانون والحقوق ودولة المواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات ، هو حاجة وطنية داخلية وراهنة ، يستدعي المراجعة لمسألتين هامتين مستهدفتين بدءاً من محاولة وأد ربيع دمشق وهما :
1 – علنية المعارضة الديمقراطية بخطابها السياسي وأنشطتها وكوادرها .
2 – الشعب السوري ودوره الأساس في عملية التغيير الديمقراطي .
فالقراءة الصاحية لما شهدته سوريا في السنوات الأخيرة تؤكد أن ضعف المعارضة الديمقراطية يكمن بـ ” السرية وغياب الشعب ” .
ولابد من التذكير أن الاعتقالات التي طاولت عدداً من أعضاء ” المجلس الوطني لإعلان دمشق” وبعض من وَّقع على ” إعلان دمشق بيروت ” ، تختلف عن الاعتقالات التي تتم اليوم بدءاً من اعتقال المحامي هيثم المالح ومهند الحسني وبعض أعضاء حزب العمل الشيوعي والمعتقلين الأكراد السوريين والمعتقلين الآخرين وكذلك الأحكام التي تصدر بحقهم ..
نقطة الاختلاف هي استهداف الشكل العلني من العمل السياسي الديمقراطي المعارض ، وقطع الطرق على عودة الشعب السوري إلى السياسة بتعرفه على المعارضة الديمقراطية السلمية ، واطلاعه على برامجها وخطابها وتبنيه لمشاريعها وأهدافها المحددة في الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية .
إن معظم الأحزاب والتجمعات المعارضة الديمقراطية ، بما فيها ” التجمع الوطني الديمقراطي ” و
” المجلس الوطني لإعلان دمشق ” أمام استحقاق عقد مؤتمراتها ، فالمسألة الأهم بنظرنا هي عقد هذه المؤتمرات لتصبَّ في مجرى العلنية وعودة الشعب إلى السياسة ، فلا تغيير ديمقراطي بغياب الشعب .
فالمراجعة تنطلق من الاستمرارية وعقد المؤتمرات وهما بالتأكيد مهمتان مركزيتان ، لكن المهام الراهنة التي يفرضها التغيير الديمقراطي لا تنجزها السرية والتعصب والدكاكين المعزولة عن الشعب ، فالسرية تتطلبها المؤامرات والانقلابات وهذه ليست على جدول المعارضة الديمقراطية في سوريا .. بينما المهام الديمقراطية بحاجة إلى العلنية وإلى حاملٍ اجتماعي عريض .. وعلينا كسب معركة العلنية واستقراء الواقع لحل المعادلة الصعبة :
إذا كان التغير الديمقراطي راهناً ، فعلى الإرادة أن لا تفارق ميول الواقع ، ولا بد من العلنية و حضور الشعب .
* كاتب سوري
نداء سورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى