صفحات الناس

طل الملوحي / ندى سلطاني : وأنظمة الظلام

null
ثائر الناشف
شهر آذار/ مارس ، شهر المرأة بامتياز ، ففي الثامن من هذا الشهر ، يصادف ذكرى عيد المرأة العالمي ، والمقصود بهذا اليوم ، يوم المرأة العاملة والمناضلة لأجل حريتها وكرامتها ، وقبل هذا وذاك ، اليوم الذي تجسد فيه المرأة إنسانيتها كإنسانة لها الحق كل الحق في المساواة العادلة والكاملة مع الرجل في كل مناحي الحياة .
وعندما نتحدث عن المرأة بشكل عام ، والمرأة العربية والمسلمة بشكل خاص ، فإن الأحداث والتطورات السياسية المتلاحقة ، ستقودنا لا محالة للحديث عن أوجاعها وآلامها في منطقة الشرق الأوسط ، التي يختلط فيها العربي بالإسلامي ، والعرقي بالمذهبي ، والديني باللا ديني .
نحن اليوم أمام نموذجين للمرأة من جيل الشباب ، الجيل الذي تعطي فيه المرأة أقصى ما لديها في سبيل ترسيخ إنسانيتها ، التي لا تنفصل عن إنسانية الرجل ، بل وتدفع حياتها ثمناً ، لتحيا حياة الآخرين ، وكأنها شمعة تؤثر أن تحترق ، لتضيء عتمة وظلمة المكان الذي تعيش فيه مع أقرانها .
وللصدفة المحضة ، أن النموذجين اللذين نحن بصدد الحديث عنهما ، متقاربان من حيث الشكل والمضمون .
النموذج الأول ، جسدته الشابة الإيرانية ” ندى سلطاني” ، التي استشهدت في وسط العاصمة طهران ، وعلى مرأى العالم أجمع ، الذي صم آذانه واعصب أعينه عن سماع نداءها وتنديدها الصاخب بالتزوير والتشويه الذي شاب انتخابات الملالي ، وسعيها الدءوب لفضح غيهم المتلفع بعباءة الدين ، فما كان منها ( ندى ) إلا أن دفعت حياتها برصاص أنظمة الظلام ، التي لا تقيم وزناً لحياة الإنسان ، ولا ترى في صورة المرأة سوى مخلوقاً مشوهاً ، لا يحق لها أن تصدح بأعلى صوتها ، ولا أن تقول ما بداخلها .
النموذج الثاني ، مشتق من النموذج الأول ، من حيث المعنى والمبنى ، فالطل في اللغة اصطلاحاً ، يعني الندى الخفيف الذي قتله رصاص الظلام الإيراني ، ودلالة ، يعني التجدد والتغيير عقب طلوع الفجر وقبل بزوغ الشمس ، الذي خطفه نظام الظلام السوري الحليف ، في مدينة حمص وسط سوريا .
فقد تجسد النموذج الثاني ، بصورة الخطف والاعتقال في جنح الليل البهيم للشابة السورية “طل الملوحي” ذي التسعة عشر ربيعاً ، على يد نظام الظلام السوري الغارق في طائفيته وملاليته ، لا لشيء سوى لمقال ، قيل بأنها كتبته على شبكة الانترنت ، فخشي النظام السوري على نفسيته المريضة بالعصاب والبارانويا ( داء العظمة ) والفصام والشيزوفرينيا ، وأمراض أخرى لا نعلم بها ، خشي من تلك الشابة اليافعة ، أن توهن نفسيته الهشة ، التي يتشدق بها ، لضعفه السيكولوجي وخوائه القيمي والإنساني .
فكما تتحالف أنظمة الظلام في دمشق وطهران على أرضية الجهل والتخلف والمرض والإيغال في الشر ، تتحالف أيضاً روح التحرر والانعتاق والتغيير نحو المستقبل ، ولكن بقيادة المرأة الشابة ، التي لم تجد ضيراً في تقديم روحها كقربان للحرية ( ندى ) وزهرة شبابها للتغيير ( طل ) وذلك في سبيل فضح نظامهما الذكوري الشوفيني – الثيوقراطي ، الذي يستر عوراته بأستار الظلام والاستبداد والقمع .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى