صفحات الناسغسان المفلح

كما “النوروز” تعتقل تهامة ورغد وفداء

null
غسان المفلح
كيف مر يوم المرأة العالمي على السوريات وكيف سيمر عيد الأم بعد أسبوع من الآن؟
ككل عام يمر عيد »النوروز« على شعبنا السوري عموما والكردي خصوصا, كترنيمة حزن, فإما اعتقالات وحصار من أجهزة النظام في دمشق, وإما تهديدات لفعاليات شعبنا, بأن لا يحتفلوا بهذا العيد, الذي يمثل معنى كبيرا لشعوب المنطقة, وخاصة الكرد. حتى أنه عيد تحتفل به بعض الطوائف في سورية, ويحتفل فيه في مصر وإيران والعراق, وهذا العيد يمر, وهناك اعتقالات ومحاكمات تتم في صفوف الناشطين الكرد السوريين, وهناك اعتقالات نسائية كانت في الحقيقة, غير سارة! ولكنها ليست مفاجئة, فالنظام في دمشق سيستقبل السيدة كاثرين اشتون, ممثلة الإتحاد الأوروبي العليا للشؤون الخارجية,ربما يريد إيصال رسالة أخرى, لدعاة الانفتاح عليه” كلما انفتحتم كلما زادت شدة القمع, والإفقار المتعمد لشعبنا ومحاصرته بين مطرقة القمع وسندان الفساد. فكان اعتقال المعتقلتين السابقتين بتهمة الانتماء لحزب العمل الشيوعي في سورية” الدكتورة تهامة معروف أم لطفلين, اعتقلوها لتنفذ حكما صادرا عليها عام 1991 والروائية الناشطة رغد الحسن, التي قيل أنهم داهموا بيتها في طرطوس وصادروا جهاز كومبيوترها, وأوراقها لأنها كانت بصدد نشر رواية عن فترة اعتقالها السابقة” وكان قبلها قد تم اعتقال عددا كبيرا من الناشطين الاكراد, وانضم إليهم خمسة من ناشطي حزب العمل الشيوعي أيضا, وكلهم كانوا قد اعتقلوا سابقا لمدد تتراوح بين العشرة أعوام والخمسة عشر عاما في فترة حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد, وهم المناضلون: عباس ابراهيم عباس, حسن زهرة, توفيق عمران, غسان حسن, أحمد نيحاوي” طبعا سبقهم معتقلو المجلس الوطني ل¯ »اعلان دمشق«, بطريقة الاعتقال الجماعي أو الموسمي الفردي. وعباس عباس رجل تجاوز الستين من عمره, وربما هذا ثالث أو رابع اعتقال كوكبة من ناشطي شعبنا, تذهب الى السجون يوميا, هذا عدا عن الاستدعاءات المستمرة لفروع المخابرات والتهديدات المستمرة لهم, ثم زاد في الطنبور نغما, أنه تسرب خبر مفاده أن هناك توجيهات من السيد رئيس الجمهورية بتشديد القبضة الأمنية خلال المرحلة المقبلة, على حد خبر منشور في موقع »النداء« المعارض. ثم كانت مفاجأة صغيرة, وهي اعتقال المدونة السورية طل الملوحي, والتي كانت تستعد لدخول امتحانات الشهادة الثانوية, وأيضا صادروا حاسبوها, وأوراقها, أثناء اقتحام منزل ذويها, واقتادوها معهم بعد  استدعاءات أمنية عدة لها إلى فروع محافظة حمص للمخابرات.
طل الملوحي من مواليد مدينة حمص عام 1991 أي لم تبلغ العشرين من عمرها وهي تحضر لتقديم امتحانات الشهادة الثانوية, وتعتبر من المتميزات في دراستها ومعلوماتها وشدة ذكائها وقد بدأت بكتابة الشعر والمقالات منذ سنوات عدة وجميع من اطلع على كتاباتها كان يتوقع بأنها تتعدى الأربعين عاما للأفكار والآراء التي كانت تطرحها وحكمة مناقشتها للكثير من الأمور العامة والجرأة التي تتحلى بها.
سرب إلينا أحد الصحافيين نكتة قالها أحد الديبلوماسيين الغربيين” أن الدول الثمانية المتقدمة بالعالم بناء على اقتراح مشترك تقدم به الرئيسان الأميركي والفرنسي قررت عدم فتح ملف حقوق الإنسان مع الأنظمة الشرق أوسطية, وخصوصا النظام السوري, لأن هذه الدول بحاجة لأموال سورية, كي تحل أزمة الركود العالمي”
كيف مر يوم المرأة على السوريات? وكيف سيمر عيد الأم بعد أسبوع على الأمهات السوريات? وكيف سيمر عيد »النوروز« على شعبنا الكردي?
اختم بمقطع صغير لصديقي المعتقل السابق طالب إبراهيم في لحظة اعتقاله”
من جديد يتكرر القديم ..وصلنا فرع فلسطين مقيدين “مطمشين” أربعة طلاب من جامعة »تشرين« في اللاذقية والتهمة نشاط سياسي. كرسي معدني دولاب مطاطي عتيق, عصاً خشبية من الخيزران المحروق كبل رباعي مجدول الأطراف تتعلق بجديلته خمس كرات رصاصية, نافذة عالية مكسورة, ولوح إسمنتي في الزاوية, بقع حمراء تتناثر على الجدران أعلى بقعة تظهر أن صاحبها طويل, النقطة التي تتمركز فيها كثافة الدم هي مكان اصطدام الوجه بالجدار البقع الأخرى أقل ارتفاعاً..عنكبوت يترقب في شباكه المنصوبة في زاوية السقف ..عصابة للعينين..باب مغلق وخوف مفتوح على مصراعيه.. بعد أشهر من هذا التاريخ عرفت أن صبيتان أيضاً تم اعتقالهما وشباب آخرين .
سيليا عباس ابنة المعتقل السياسي عباس عباس, ورغده الحسن وكان أيضاً أخويها منذر وأحمد طبعاً تعرض الجميع للتعذيب.
الجو مشحون والخوف متربص إنه صوت شاب ..إنهم يعذبون شاباً الآن..
العرق البارد..وحزن الأيام ..وصوت فتاة ..إنهم يعذبون فتاةً الآن ..ثم فتاة أخرى ..ثم شاباً آخر ..وآخر ..و آخرين.. وأخريات..إنه أحد الفروع التي يستوي فيها الرجل مع المرأة..أحد الأماكن القليلة في هذا العالم..
فيما بعد ,كان لزاماً على أم منذر, وهي أم أحمد ورغدة أيضاً أن تزور رغده في سجن دوما وتزور أحمد في سجن عدرا ومن ثم في سجن صيدنايا وتزور منذر في سجن المزة ولسنوات..
هل حقاً كل شيء يتغير ..?! كل شيء يتبدل..? إذا كان ذلك صحيحاً لماذا يبقى الاعتقال ثابتاً ..?
ونحن بدورنا نسأل”ماذا تفعل فداء وتهامة ورغد وطل الآن? وكيف سيمر عيد الأم على فداء حوراني وتهامة معروف, وعلى أم طل الملوحي.
كاتب سوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى