صفحات من مدونات سورية

نعم أنا إرهابي يا دولة الكويت “الشقيقة” !

أحد عشر يوماً مضو و مازلت غير مصدق لما جرى معي في مطار دولة الكويت “الشقيقة” ، هل كان مجرد كابوس لم يحن موعد استيقاظي من أهواله بعد، أم أنه حقيقة و واقع عقلي الباطن يرفض تصديقه !
هناك من استغرب و لم يصدق مثلي لما جرى ، و هناك من استغرب لإندهاشي و أن ما جرى متوقع و هو يجري مع مليون عربي يومياً ، ربما مشكلتي هي أني لم أعتقد أبداً بأني ساكون يوماً ذليلاً ، كنت أشاهد الذل الذي يعانيه الفلسطيني عند دخوله بعض البلاد العربية، كنت أشاهد ما يتعرض له العراقي من مضايقات عند بعض المعابر الحدودية ، لكن أن أشاطر هؤلاء بعض من رغيف إذلالهم اليومي – رغم أنه لشرف عظيم لي أن أشاطر هؤلاء – إلا أني لم أتوقعه يوماً !
حكايتي بدأت عندما قررت السفر إلى الكويت في زيارة عائلية لخطيبتي و أهلها المقيمين في الكويت و لأني مقيم في المملكة العربية السعودية و مهنتي مهندس فهذا يتيح لي حسب قوانين مجلس التعاون الخليجي و دولة الكويت من الحصول على تأشيرة الدخول إلى الكويت من مطارها دون الحاجة لفيزة زيارة و للتأكد أكثر من هذا الموضوع دخلت إلى موقع المطار الكويتي على الإنترنت و بالفعل كانت الشروط المطلوبة هي إقامة في دولة خليجية و أن تكون مهنتي من ضمن مجموعة مهن و من ضمنها مهنة المهندس و للتأكيد أكثر اتصلت بالقنصلية الكويتية في جدة و أخبروني بأن التأشيرة مطار الكويت هو المسؤول عنها فتوكلت على الله و سافرت على متن الخطوط الجوية السعودية علماً أن القوانين المعمول بها في المطارات أنه يتم التأكد من إمكانية دخول المسافر إلى الدولة المتجه إليها قبل سفره كي لا تتحمل شركة الطيران أي مسؤولية و بالفعل تأكدو و أخبروني بأني سأحصل على تأشيرة الدخول من مطار الكويت.
عند وصولي لمطار الكويت طلبو مني تقديم إقامتي في السعودية و تذكرة الطائرة التي تبين تاريخ عودتي و جواز سفري و طلبوا مني الإنتظار و بعد قليل جاء موظف أمن المطار ليخبرني بأنه عليي العودة إلى جدة لأنه لم يسمح لي بدخول أراضي دولة الكويت “الشقيقة” فاستغربت من هذا التصرف و أخبرته بأني أحقق كل الشروط المطلوبة فأخبرني بأنه قرار جديد يمنع فيه السوري من دخول الكويت !
طبعاً في تلك اللحظة لم أكن مصدق لما يجري و اعتقدت بأنه مقلب أو كميرة خفية و أن الموظف سيخبرني الآن بأنه يمزح ليس إلا ، إلا أن المزحة كانت حقيقة و واقع و تم بسرعة البرق إتمام إجراءات ترحيلي من مطار الكويت و عودتي إلى جدة لستغرق رحلتي من جدة إلى الكويت ثم العودة إلى جدة 5 ساعات بالتمام و الكمال و لا أعلم هل بإمكاني دخول موسوعة غنيس بأسرع عملية سفر في العالم أم سادخلها تحت باب أسرع عملية ترحيل في العالم أم لربما أسرع عملية إذلال في العالم !
و أنا في الطائرة عائداّ إلى جدة جلست وحيداً في مؤخرة الطائرة أنظر من نافذتها الصغيرة اراقب الغيوم متاملاً علوها و رفعتها في حين شعرت بضعفي و ذلي ، تمنيت حينها لو انشقت الارض فابتلعتني أو فتحت نافذة الطائرة فابتلعتني ، كنت أبحث عن أي علاج لطعم المرارة في داخلي ، كنت أبحث عن علاج لداء الذل ، لكني اكتشفت أن لا علاج له ، لا علاج !
عدت إلى مطار جدة و تفحص موظف الطيران السعودي أوراقي ليؤكد لي بأن أوراقي نظامية و على مطار الكويت إخبار مطار جدة بالقوانين الجديدة إن كانت هناك قوانين جديدة كي يتم تدارك الموقف قبل السفر  و هنا لابد من شكرا القائمين على الطيران السعودي في مطار الكويت و مطار جدة لتعاملهم الراقي و تقديرهم لما جرى معي !
توجهت في اليوم الثاني إلى القنصلية الكويتية و تقدمت بشكوى إلى القنصل الكويتي و أنا كلي ثقة بأني لن أستفيد شيء، سوى أني تكلمت ، سوى أني حاولت التأكد من أني موجود بأني لا أساوي صفراً !
في نفس اليوم تقدم والد خطيبتي بطلب زيارة لي تم الموافقة عليه من الجوازات الكويتية لكنه رفض من الأمن الداخلي الكويتي لأن السوري ممنوع من دخول الكويت هو و بعض الجنسيات منها اليمني و الباكستاني !
مضى على هذه الحكاية أحد عشر يوماً و لا أعلم مالذي دفعني لكتابة تجربتي اليوم ، قد أكون في طور الشفاء من ذاك الداء الذليل و دائماً النقاهة هي أخطر مراحل الشفاء و أكثرها حساسية، رغم إحساسي الداخلي بأني في طور الإنتكاسة و أن ذاك الداء لا يزول و إن زال فإنه يترك أثراً كبيراً لا يشفى منه أبداً !
نعم أنا العربي ابن العربي أمنع من دخول دولة عربية شقيقة ، في حين يسمح لجنسيات العالم كلها من دخولها دون حتى فيزة دخول ، كان ذاك المشهد و أنا واقف أمام موظف الآمن و هو يخبرني بمنعي من دخول الكويت في حين كان يصادق على جوازات المسافرين الاجانب دون تردد لحظة ، كان أكثر المشاهد إذلالاً ، كان أكثرها اشمئزازاً من الحالة الذليلة التي وصلنا إليها نحن العرب !
السوري ممنوع من دخول الكويت ، فما هي تهمته يا دولة الكويت “الشقيقة” ؟ هل أصبح السوري إرهابي ؟ هل أصبح خطراً على أمنكم أم على أمن من يحميكم ؟  نعم أنا إرهابي لأني عربي، إرهابي لاني مسلم، إرهابي لأني مع غزة المحاصرة ، إرهابي لأني ضد الجدار العازل و مع المقاومة الشريفة في كل بقاع العالم، أنا إرهابي لأني لا أخشى أمريكا ، أنا إرهابي لأني لم أكن يوماً خائن لعروبتي و لم أبيع وطني و عرضي بحفنه دولارات !
لن أخفي أني شعرت بالضعف ، بالذل ، بإنكسار داخلي ، لكن ذلك الشعور إختلط بشعور الفخر فو الله لو طردت من بلاد العالم كلها ، لو رحلت من مطاراتها و أغلقت معابرها في وجهي ، فهذا لأني شريف لأني أصيل لأني سوري  !
فشكراً يا دولة الكويت “الشقيقة” ، شكراً فقط لأني سوري !
http://www.mohammad-online.com/mohammad/?p=747

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى