واقتلوا الأكراد حيث وجدتموهم
مسعود عكو
يبدو أن قتل الأكراد في سورية، وخاصة في احتفالات عيد النوروز، ورأس السنة الكردية، يأخذ منحى أن يكون مسلسلاً يومياً. الكرد في سورية باتوا يشكلون أعشاب مضرة في زرع الوطن، ويجب اقتلاعها، كائنات خطيرة يجب القضاء عليها، وإلا ما الذي يبرر قتل مدنين أكراد؟ لمجرد أنهم يحملون صوراً أو يرفعون أعلاماً.
هل بات رفع راية كردية، أو صورة رمز كردي كان بالأمس أكبر الحلفاء، بات يشكل اليوم تهديداً للوحدة الوطنية ويمس السيادة القومية للبلاد؟ الوطن المليء بصور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، والفنزويلي هوغو شافيز، وصور قادة إسلاميين من أمثال حسن نصر الله وخالد مشعل، وغيرهم من حلفاء دمشق في المنطقة، إن الأكراد أيضاً أعداء للظلم والظالمين، وليس فقط هؤلاء الحلفاء.
بدم بارد، وفي مزاج أقله أن يكون فرحاً وتلذذاً، تفتح قوات من الشرطة ومكافحة الشغب، النار على محتفلين أكراد في مدينة الرقة، ويواجهوا مدنيين عزل كانت بين أيدهم آلات موسيقية، وقصائد تمجد النوروز وخلاص الشعوب من آزدهاك الظالم. شبان وشابات يواجهون بصدورهم العارية طلقات الغل والحقد الدفين.
ثلاثة؛ أقل أو أكثر استشهدوا، قرباناً للنوروز، والعشرات جرحوا، برصاص إخوانهم الذين أتوا لينظموا الاحتفالات ويباركون أخوة لهم في التراب، والسماء بقدوم عيدهم القومي ورأس سنتهم الجديدة، عيداً يبدأ فيه الربيع بالازدهار، أهكذا يكرم الضيف عندكم؟ إن كان كذلك، فنعم الكرم كرم ذوي القربى.
بات رخص الدم الكردي في سورية مضرباً للرخصة والاستهتار، في 2004 قتل أكثر من ثلاثين كردياً، وتبعها في ليلة النوروز عام 2008 مقتل ثلاثة شبان كرد، كان ذنبهم الوحيد أنهم يرقصون حول حلقة نار، ويدبكون رقصة كردية فلكلورية، التي من المفترض أن تكون إحدى الأزهار التي تكون المزهرية السورية.
واليوم في نوروز 2010 يتكرر تراجيديا قتل الأكراد، وكأن أسطورة آزدهاك تكرر نفسها، ويجب أن يكون شبان أكراد قرباناً للظلم والاضطهاد القومي، ذنب هؤلاء أنهم ولودوا مختلفين، أكراد هم وليسوا عرب، ولا انتقاص من العروبة، بل حباً وإيماناً بالكردايتي. إلى متى يستلذ حفنة من المسؤولين بقتل الكرد في يومهم الجديد؟ اليوم الذي كان من المفترض أن يشاركونهم في الفرحة والدبكة، لا أن يستقبلونهم بالدم والرصاص.
إن القيادة السياسية، مسؤولة مسؤولية كاملة عن ما يحصل على أرض الوطن، وعليهم أن يتحققوا من تكرار حوادث قتل أحفاد صلاح الدين الأيوبي وأبناء يوسف العظمة، فإن كان التصرف فردياً من قيادة محلية، على السلطات المختصة التحقيق في ذلك، وتقديمهم للمحاكمة لكي لا يكون سهلاً على أحد قتل أي إنسان في وطننا الذي نتشرف بالانتماء إليه، بالرغم من لفظكم لنا، لكننا متمسكون بانتمائنا لترابه وماءه وسماءه، إما إن كان أمر القتل أكبر، ونأمل أن لا يكون كذلك، ففي ذلك شيء محزن وخطير، علينا جميعاً إعادة القراءة.
إلى متى يستباح الدم الكردي في هذا الوطن؟ الوطن الذي يجب أن يكون حاضناً لكل أبناءه، وحديقة لكل الورود، لا أن يكون مرتعاً لأن يلعب البعض بالنار والدم. إن الذين استشهدوا في يوم النوروز، كان من الممكن لهؤلاء الشبان أن يقدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن وكرامته، وحرمة ترابه، أو أن يكونوا مشاريع شهادة في معركتنا لاستعادة أراضينا المغتصبة.
الجميع مسؤلون أمام تكرار حوادث قتل المدنيين، وعلى الحكومة أن تفتح تحقيقاً حول مسلسل القتل الكردي في سورية، إن الأكراد في هذا الوطن كانوا وما يزالون وسيظلون كذلك، جزءاً لا يتجزأ منه، وإن كانت هناك ثلة ممن يستبيحون قتلهم، ويقولون اقتلوا الأكراد حيث وجدتموهم، نأمل أن لا يكون ذلك سياسة وطن بأكمله، حينها سيكون الوطن على شفير هاوية، سيدفع الوطن والشعب كله ضريبة ذلك.
الأكراد جزء من الشعب السوري، بل هو إحدى الشعوب السورية، وقدر لهذا الشعب أن يشارك غيره من الأقليات القومية والطوائف الدينية هذا الوطن، الوطن الذي عليه أن يفرح لفرحه ويحزن لحزنه، الوطن الذي دافعنا عنه وسجل الوطن حافل بشهداءنا في معاركنا مع الأعداء. إن كان هذا الوطن لنا جميعاً، بكرده وعربه وآشوريه، وبقية مكوناته، على الجميع أن يقفوا يداً واحدة في وجه من يحاول تمزيق الوطن وتفريق مكوناته.
الحوار المتمدن