الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

رياح لا تشتهيها سفن إيران

سعد محيو
هل بدأ العد العكسي لتراجع النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط؟
ثمة مؤشرات عدة تدل على ذلك . فمن بغداد إلى موسكو، ومن سرت إلى كابول، ومن الرياض إلى دمشق، مروراً بالمحكمة الدولية، كانت المؤشرات السلبية تتدفق على طهران مُنذرة باحتمال دخولها مرحلة من انعدام الوزن في المنطقة .
فالعراق شهد ما يمكن أن يُثبت لاحقاً أنه انقلاب إقليمي على إيران، قد يكون الأول من نوعه منذ العام 2004 حين رسّخت هذه الأخيرة نفوذها في بلاد مابين النهرين بفضل الأخطاء والخطايا الأمريكية الجسيمة هناك . إذ أدى فوز لائحة إياد علاوي “العراقية” المدعومة أمريكياً، إلى حصيلتين متلازمتين:
الأولى سياسية، تمثّلت في توجيه لطمة إلى حلفاء طهران في بلاد ما بين النهرين، وفي احتمال تحوّل هذه اللطمة إلى نكسة في حال تمكّن علاوي من اجتذاب الأكراد وغيرهم إلى حكومته . إذ حينها قد تنتهي مرحلة ذروة النفوذ الإيراني، والتي تجسّدت عملياً بشعار “استئصال البعث” (أي ضمناً عروبة العراق)، لتبدأ مرحلة عودة العراق إلى الحظيرة العربية (والتركية) .
والثانية أيديولوجية، وهي كناية عن توافر فرص بروز بدائل عراقية متصلة مباشرة (مجدداً) بفكرة العروبة . أهمية هذا التطور المحتمل تكمن في أنه بات يحظى برعاية إقليمية – دولية لم تكن متوافرة له في السابق، تستند أساساً إلى تنسيق سوري – سعودي (قد تنضم إليه مصر لاحقاً) .
إلى جانب التطور العراقي، جاءت القمة العربية في سرت لتحمل هي الأخرى نسائم صيف حارة لطهران .
فقد بدا واضحاً أن هذه القمة لم تنجح في توحيد المواقف العربية حول كيفية مواجهة الصلف “الإسرائيلي”، لكنها (وهنا المفاجأة) كانت حازمة في اتخاذ موقف من إيران . إذ رفضت معظم الدول العربية، وفي مقدمها مصر والسعودية، اقتراح عمرو موسى فتح حوار مع إيران، قائلة إن هذه الأخيرة لم تغيّر مواقفها من المنطقة العربية كي يتسنى فتح الأبواب والنوافذ لها . هذا في الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن تشهد القمة فصلاً جديداً، وكبيراً، من المصالحات في المثلث التاريخي السعودي – المصري – السوري، عبر قمة ثنائية بين الرئيسين مبارك والأسد . بيد أن وجود الأول في مرحلة النقاهة من العملية الجراحية في ألمانيا حال دون ذلك . لكن يبدو أن هذا الفصل الجديد آت في وقت قريب، الأمر الذي سيقرع بالطبع أجراس إنذار مدوّية في طهران .
وإذا ما أضفنا إلى كل هذه التطورات عودة أمريكا إلى الإطلالة برأسها في الشرق الأوسط وبقية أنحاء العالم، بعد خروجها من “حمّام” الإصلاح الصحي الصاخب الذي شغل جل اهتمام إدارة أوباما طيلة العام المنصرم، فقد نصل إلى الاستنتاج بأن الرياح بدأت تهب في غير ما تشتهي السفن الإيرانية .
كيف يمكن أن ترد طهران على هذه التطورات السلبية المُتلاحقة؟
ليس حتماً بردود فعل انفعالية . فإيران كانت منذ القدم، ولا تزال، خبيراً مُحلّفاً في فن التهام طبق الانتقام وهو بارد . الأمر الوحيد الذي قد يدفعها إلى التهوّر، هو احتمال بروز أحداث داخلية مفاجئة قد تقرر الرد عليها بمغامرات خارجية .
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى