في البدءِ كان الاستبداد
وهيب أيوب
لا حاجة للملحدين أو اللاّ دينيين أو العلمانيين مقارعة أو مجادلة أصحاب الأديان التوحيدية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، وكل الذين تفرّعوا عنهم من فرقٍ ومذاهب، بضلال وزيف معتقداتهم وإنكار رُسلهم وأنبيائهم، وأن الاستبداد والإرهاب قد نشأ أصلاً وهو مؤصّل في كتبهم التوحيدية وآياتهم جميعاً.
يكفي أن تدخل إلى الـ ـ you tube “اليوتيوب”، لتشهد وتسمع بالصوت والصورة نفاق هؤلاء وازدرائهم كلٌ للآخر وتكفيره ونكران ما أُوتوا به من آياتٍ بيّنات! وأحاديث وقصص الأنبياء التي لا تستسيغها إلا عقول الصغراء والمنكرين للعلم والعلماء، من سفر التكوين حتى خاتم النبيين.
وسترى أن كلاً من الأديان الوحدانية السماوية الثلاثة يُكذّبون بعضهم وينكرون ما أتى في كتب كلٍّ منهم، ناهيك عن تكذيب وتكفير مذاهب الدين الواحد لبعضهم البعض.
حقيقتهم جميعا أنهم يبتغون السلطة والمال والجنس، وأما الدين والله والتوحيد ما هم إلا وسيلة ومطيّة لركوب مبتغاهم. وتراهم على “اليوتيوب” يتبارون بإظهار كلٍ منهم خطل الآخر واتهامه بالكفر والإرهاب، مُستعينين بآيات وأحاديث موثّقة لديهم تُثبتُ على كُلٍ منهم ضلوعه بتأسيس الإرهاب والدعوة للقتل والتعذيب. بما فيها تقطيع الأيدي والأرجل والألسن ثم ضرب الرقاب وتقطيع الرؤوس ، بل إفناء الشيخ والمرأة والطفل والرضيع، وسبي النساء والأرزاق وحرق البيوت أواستحلالها جميعاً، ولم يسلم عند بعضهم الحيوان والضرع والزرع وكل ما طالت أيديهم….يا لأديان الوحدانية والرحمة والإنسانية! هذا كلام الله ورسله وليس من عندياتنا.
وهم في هذا صادقون جميعاً، ونحن بالطبع أيضاً مُصدّقون لهم، لأننا اطّلعنا على تاريخهم وكتبهم جميعاً ووجدناهم أنهم مارسوا في تاريخهم كل ما دعَت إليه كتبهم وأسفارهم وأناجيلهم مُستعينين بالله الواحد الأحد وما أمرهم به من قتلٍ وذبحٍ كُلٌ للآخر، ووعدهم بالفوز بجنّته إن هم أطاعوا أنبياءه ورسله وصدقوا ما أُنزل لهم بالحرف والنص. وأمرهم بألا يعبُدوا سواه…. الاستبداد الأوّل.
ومن الطبيعي أن يتبع الاستبداد، الإقصاء ثم العقاب والتعذيب والقتل، ولم يُكذّبُ الله في ذلك خبراً، فقد خلق آدم ومن ضلعه حوّاء ثم نصب لهما شُركاً وأخرجهم من الجنّة جرّاء مخالفتهم الأوامر. ثم طردَ إبليس من جنّته بسبب رفضه السجود لآدم ومحاولة آدم مناقشته في الأمر.
والغريب أن الله القادر على كل شيء ويقول له كُنْ فيكون، أن إبليس “الشيطان” هذا، قد دخل في مبارزة مع الله وأنه فاز عليه بعدة نقاط، بعد أن أخذ يوسوس للخلق ويستميلهم إلى جانبه، فنجح بإحداث 5400 سنة من الحروب فيما بينهم من أصل 6000 سنة من التاريخ.
وكانت جريمة القتل الأولى، مقتل هابيل على يد أخيه وقرّة عينه قابيل، بعد أن غضِب الله من قابيل، لماذا؟ على سوء قربانه، فنجح الشيطان بالوسوسة في رأس قابيل فقتل أخاه…يا للحبكة الدرامية!
بعدها أخذَ الله يُرسِل أنبياؤه ورسله وأدعياؤه، وأوصاهم بإطاعة أوامره، فما كذّبوا….
محاولاً التصدي لمخالفيه بكل ما أُتيح لقدرته من قتلٍ وتعذيب وتنكيل، إضافة للحساب المؤجّل في نار جهنّم الحمراء وعذاباتها التي لا تنتهي، ثم دفعة أُخرى على الحساب وعقاب جماعي مُرعِب عبر الكوارث الطبيعية التي يحرّكها بقصدٍ وإرادة، من زلازل وبراكين وفيضانات وإخساف الأرض بمن فيها وعليها، عقاباً للكافرين وعِظة للناجين، هذا ما يؤكّده الأنبياء والرُسل في كتابه العزيز!
وقد أخلص جميع الرُسل ولأنبياء بأداء مهمتهم الجسورة، بقتل وتعذيب وزرع الرعب في قلوب كل من خالفهم ورفض تطبيق تعاليم الله المُنزلة في كتبهم، فجعلوا من التاريخ بحراً من الدماء والأرض مقبرة عظمى لجثث المناوئين من كل الأطراف بعشرات الملايين….. يا لرأفة وتسامح الإله ورُسلِه وأنبيائه ورحمتهم!
خاص – صفحات سورية –