الموسيقى “البديلة” تنهض في سورية
ربى صقر
في دمشق القديمة محل صغير جدا يكاد يكفي أربعة أشخاص تملأ زواياه الرفوف الحديدية المحفوفة بأصناف الموسيقى العالمية المختلفة والتي وصلت إلى سورية عبر مثقفين ومسافرين استطاعت أيديهم من تحصيل أقراص مدمجة نادرة لموسيقيين من تركيا وأرمينيا والهند وغيرها. أما أهمية المحل تكمن في ركن الموسيقى “البديلة” الذي تزين معظم رفوفه أعمال لموسيقيين معظمهم من سورية تتراوح موسيقاهم بين ألحان التخت الشرقي الممزوج بأنفاس من موسيقى الجاز إلى موسيقى “روك” غربية فيها محاولات جادة لتعريبه وإضفاء لمحات سورية عليه.
“أنا لا أوافق على تعبير (موسيقى بديلة) عند الحديث عن هذه الأعمال. هذه هي الموسيقى الحقيقية وكل شيء آخر تجاري هو في مرتبة أخرى لا تمت للموسيقى بصلة”، أخبرني أحمد صندوق صاحب محل “الخيمة” القائم قرب باب توما في أحياء دمشق القديمة بينما كنا نتجاذب أطراف الحديث في مقهى “مولايا” في السوق العتيقة حول أعمال موسيقية لموسيقيين يتم تصنيف أعمالهم تحت عنوان “موسيقى سورية بديلة”، وذلك لأن ألحانهم ليست شرقية صرفة ولا غربية صرفة.
تشهد سورية نهضة موسيقية عالية المزاج بأيدٍ وأنفاس موسيقية شابة شكلت في السنوات الأخيرة فرقا متنوعة ومختلفة في أدائها تعانقت في أعمالها الألحان والآلات الشرقية والغربية وأفرزت فرقا مثل فرقة الجاز الشرقي “حوار” وفرقة التخت الشرقي بتصرف “طويس” (واللتين تضمان زميلين عملت معهما في مشروع “ميوزك مطبخ” والذي كان برعاية من المجلس الثقافي البريطاني، وهما عصام رافع عازف العود “الجازي” ومسلم رحال عازف الناي الحساس وصانع النايات السوري والعضو في فرقة “طويس”)، وألبوم “بيتنا” لفرقة إطار شمع ومغنيتها الموهوبة ذات الصوت المتمكن جدا رشا رزق، بالإضافة إلى ألبومين للجاز الشرقي للمغنية الصاعدة لينا شماميان بعنوان “هالأسمر اللون” و”شامات،” وألبوم “أنس آند فرندز” وفيه محاولة جادة لتعريب موسيقى “الروك“.
تتفاوت الحرفية الموسيقية للفرق الموسيقية المذكورة، أما الظاهرة واحدة! فسورية المشهورة بالقدود الحلبية والحرفية الموسيقية العالية فيما يختص بالموسيقى الشرقية البحتة تقوم حاليا بتقديم موسيقيين مغامرين يصنعون أنواعا موسيقية جديدة ضمن نهضة موسيقية سورية عربية تؤهل كثيرا من هؤلاء لاستحقاق ألقاب كثيرة تصب جميعها في فكرة تغيير وجه الموسيقى العربية وإعادة الأصالة والروح إلى الموسيقى ضمن موجة على مستوى الوطن العربي (ومن ضمنها الأردن) قد بدأت فعليا بالتصدي للموسيقى الجاهلة ذات الروح الصدئة والتي تتحدث عن لا شيء إلا التفاهة والانحطاط الثقافي والنفسي!.
وقد استضافت عمان العام الماضي وضمن “مهرجان الموسيقى العربية البديلة” (بتنظيم من شركة الإنتاج والتوزيع اللبنانية إنكوجنيتو وبرايم ميجا ستور في الأردن) فرق إطار شمع وطويس ولينا شماميان إلى جانب موسيقيين مختلفين من الأردن يضمون يزن الروسان وزمن الزعتر، وكاتبة هذا المقال بالإضافة إلى فرق من لبنان وفلسطين. ونرى أن هناك شبابا عربيا قد بدأ يلتفت إلى موسيقى عربية بلمسات غربية أحيانا تشبهه وتعبر عنه في كثير من الأحيان وتطربه تارة وتبكيه تارة أخرى بعيدا عن الابتذال والتصنع المتفشي على الفضائيات العربية.
وقد عزفت مؤخرا ضمن فعاليات “دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008” فرق سورية شابة غير تقليدية من ضمنها “طويس” وهذا دليل على احتضان دمشق لشبابها واهتمامها بهم إذا ما قاموا بإفراز موسيقى جادة تطرب لها الآذان وتنتعش لها الأفئدة، ولا أستطيع أن أقول الشيء ذاته عن عمان التي ما تزال تجهل موسيقييها وتضع أمامهم أنواع العقبات التي حان الوقت لطي صفحتها عسانا نتنفس وننهض وننتشر ونعزف ونغني كما يجب!.
وللتعرف على أعمال بعض الفرق السورية الأصيلة والبديلة والمختلفة لحنا وطرحا، يمكن زيارة المواقع التالية:
• فرقة حوار: www.myspace.com/hewargroup
• لينا شماميان: http://www.youtube.com/watch?v=TK9ulyuL2u0
• إطار شمع: http://www.youtube.com/watch?v=Ee3G140Fmto
“صحافية وموسيقية أردنية”
الغد الاردنية