قصائـد للـشاعر الإيطالـي ماريـو لوتـسي: شـراع قـدر رطـب يسـألنا عـن مرفـأ عميـق
منتزه ـ قرية
مطولا، تَحدّثنا عنك حول النار
بعد تنسّك المساء
في هذه المنازل الرمادية حيث، هادئ الأعصاب،
يحملها إليها المساء ليطرد وجوه الناس.
من ثم، ينتقل الحديث حول شخص آخر، وحول أملاكه
تنعقد زيجات، ميتات، ولادات،
طقس الحياة الحزين.
ثمة شخص، غريب، يمرّ من هنا ويختفي.
وأنا، امرأة عجوز في بيت قديم،
أخيط الماضي بالحاضر، أنسج
معا، طفولتك وطفولة ابنك
الذي يجتاز الساحة مع السنونوات.
سيريناد ساحة أزيليو ([)
الجادة الغريبة الأطوار
تندفع بغيمتها الخضراء
والنجمة
بأجنحتها الصموتة
توزع نورها الطفولي
بين نصفي الكرة الأرضية العطشى.
اسمع، أنت يا تيّار
مياه المساء المزبدة، المتردد،
إيقاع محاور البرونز القديم
في نهدك الناعم،
مقدم النهار اللطيف
ينهار على الغابات.
أيتها النديّة، أيتها «الترغلة» الفظة
التي تفردين مجالاتك الصافية
عبر الحقل
المحصود بشوفان الشمس
الكثيف، لتبحث، أنت نفسك،
في أيّ أعماق معتمة، أضاع
الحب خطواته.
تغفو الساعة على كلّ ورقة
وفي أعماق العيون
أكثر النساء هشاشة،
شراع قدر رطب
يسألنا عن مرفأ عميق.
آه على القلب وقفات
أرضية، دبابة من فضة شفافة
تمر حاملة
عابر ضخم
يتابع طريقه الرنان
ليغرقنا بغيوم باطلة.
سيريناد: عزف أو غناء ليلي يقوم به عاشق تحت نافذة محبوبته، وساحة أزيليو هي إحدى الساحات الكبرى في مدينة فلورنسا حيث كانت تقيم بالقرب منها إيلينا موناكي، التي أصبحت في ما بعد زوجة الشاعر. كان ذلك في العام 1934.
توكاتا ([)
ها قد أتى نيسان، سأم
سماوات الماء، الغبار،
هدوء الستارة
على النافذة، عصفة ريح، جرح؛
حضور هذه الحياة الغريبة
في شقوق الأبواب
في أنهر الرماد الرفيعة
في خطواتك التي تردد القبب صداها.
Toccata من أقدم القصائد التي احتفظ بها لوتسي، وهي تعود إلى العام 1932، وعدا عن موسيقى الكلمة بالإيطالية، إلا أنها تعني أيضا فعل اللمس، بما فيها أيضا من لمس بالسيف، أو الضربة
شرفة
يوم فقير جدا بالحب
انطفأ ليحلّ صمت
في الفضاء، امتدّت حاشية السماء
المشبعة بالسلام والحزن. تتزعزع
الآن، في الوقت عينه، مع النهار المُعطر
فوق تخوم الصيف
تحت الدرابزين الصامت
فيما وردة الحقول المحبوبة، تقف حولها.
من يستعيد الآن من السماء
مادة الماضي الهاربة
الصباح السخيف والزمن؟ على الأرض
تنحني اليمامة الشاســعة. وفــي عطر
المسك تتلاشى البحيرة، يهرب
الدرب…
هنا حيث الظل
هنا حيث الظل وحيث تتوقف الطرقات
بين الزهور، أذكر كلمات الإنسان
ربما ليست كلماته سوى خديعة.
لكن، ودائمـا تحت السماء المألوفة
أعود لأجد آثاري، شمسي
والأشجار البعيدة عن الزمن
المتحجرة خلف المنعطفات. وأبدا،
طالما يتاح لي معرفة السرّ الناعم،
فوق الغبار اللطيف، وسط الحقول
أتأكد، وأنتظر كي يتفجر
من الشمس وجه بدون تعبير.
ترجمة/إسكندر حبش
السفير الثقافي