هل يمكن أن يصدق العرب والمسلمين أمريكا؟!
محمد فاروق الإمام
بداية نتمنى على أمريكا أن تعترف، ولو لمرة واحدة، بأن الذي يهدد أمن منطقة الشرق الأوسط والعالم هو الدولة العبرية العنصرية التي لم تتوقف قط عن شن الحروب والتوسّع، ونتمنى ولو لمرة واحدة أن تدرك أمريكا عواقب وتداعيات عدوان الدولة العبرية على العرب منذ قيامها بمؤامرة دولية عام 1948 شارك فيها الغرب والشرق، ونتمنى على أمريكا ولو لمرة واحدة أن تتعامل مع دول المنطقة العربية والدولة العبرية بمعيار واحد فلا تساوي بين المعتدي والمعتدى عليه وبين الضحية والجلاد. وكنا ننتظر من الإدارة الأمريكية الجديدة التي ما فتأت تعلن أنها تريد تحسين صورتها أمام العالمين العربي والإسلامي، وأنها تسعى لإيجاد مساحة أرحب للتصالح مع المسلمين والعرب، أن تثبت بالعمل لا بالأقوال هذه الدعاوي.
وإلا فكيف للعرب والمسلمين أن يصدقوا تعهدات أوباما بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية التي هي بؤرة السلام والحرب في المنطقة والفتيل الملتهب الذي قد يجر العالم إلى حرب كونية ثالثة، وهو وإدارته يعزفون على نفس السيفونية التي مج سماعها العرب والمسلمين والعالم من أن أمريكا ملتزمة بأمن الدولة العبرية المصطنعة وكأنها الحمل في المنطقة وحولها العرب قطعان الذئاب تريد أن تفترسها، وتؤكد بمناسبة وغير مناسبة ثباتها على هذا الالتزام، وهي الدولة المارقة والباغية والتي تتحدى مشاعر العرب والمسلمين في مقدساتهم واستباحة أرضهم واغتصاب ممتلكاتهم وخنق أبناء جلدتهم صباح مساء أمام أعين العالم ومنذ ستين سنة، وكل هذه الجرائم بدلاً من أن تدفع أمريكا، وهي التي تتفرد بمصير العالم وتقوده بما تملك من جبروت وقوة، إلى وقف الدولة العبرية المارقة عند حدها، ومنعها من التمادي الذي يشوه سمعة أمريكا والغرب ويضر بمصالحهما الحيوية، ويجرهما إلى أمر يخبؤه الله لهما لا يمكن لأي عقل بشري مهما أوتي من العلم أن يتنبأ بوقعه ونتائجه وتداعياته، ولعل بركان آيسلندا وبقعة الزيت الأخيرة التي تضرب شواطئ خليج المكسيك إرهاصات لما ينتظر أمريكا والغرب من عقاب، على ما تفعله بشعوب العالم المقهورة والضعيفة، ولم تعتبر بما حل بالاتحاد السوفييتي السابق.
لقد توقعنا أن تكون قضية صواريخ سكود بعد تأكيد أمريكا أنها لا تملك أدلة كافية عن نقلها من سورية إلى لبنان قد أخذت بالتراجع نسبياً في الأيام القليلة الماضية، بعدما أثارت زوبعة من المخاوف والتحذيرات رافقتها تهديدات خلّفت توجساً عميقاً في المنطقة، فإذا بأمريكا تثير الموضوع فجأة عندما وزّعت وزيرة خارجيتها هلري كلينتون مقتطفات من كلمة كانت ستلقيها أمام اللجنة الأمريكية – اليهودية، وفيها أن نقل أسلحة متطورة بينها صواريخ سكود إلى لبنان يمكن أن يشعل نزاعاً جديداً في الشرق الأوسط.
ولم تتوان عن الحديث عن (تهديدات حقيقية) تواجه الدولة العبرية من سورية، وان واشنطن مصممة على تغيير هذا السلوك، بينما من الواضح تماماً أن الدولة العبرية هي التي تمثل التهديد الحقيقي في المنطقة، بما تملك وتختزن من أسلحة الدمار الشامل (200 إلى 300) قنبلة نووية، أسطول جوي متطور يفوق ما لدى العرب مجتمعين كماً وكيفاًً، أما بالنسبة للترسانة الصاروخية التي تمتلكها هذه الدولة العنصرية المارقة فشيء مرعب ومهول فهي تملك: صواريخ (لانس) التي يبلغ مداها 1300 كيلومتر، وصواريخ (أريحا – 2)، التي يصل مداها إلى 4 آلاف كيلومتر. وتضم الترسانة الإسرائيلية آلاف الصواريخ من أنواع مختلفة، ومنها:
1-(أريحا-1) أدخلت إلى الخدمة ابتداء من عام 1971 ويتراوح مداها ما بين 500 إلى ألف كيلومتر، ويمكن تزويدها برأس حربي بزنة 400 كيلوغرام، كما يمكن تزويدها برأس نووي.
2-(أريحا-2) أدخلت الخدمة ابتداء من العام 1987. تعمل بالوقود الصلب، ويتراوح مداها ما بين 1300 و2800 كيلومتر، ويمكن تزويدها برأس حربي بزنة طن.
3-(أريحا-3) أدخلت إلى الخدمة ابتداءً من العام 2008. تعمل بالوقود الصلب، ويتراوح مداها ما بين 4800 و11500 كيلومتر، ويمكن تزويدها برؤوس متفجرة تقليدية أو نووية.
4-(صواريخ دليله) وهي مجموعة من الصواريخ الموجهة، من بينها صواريخ (دليله-1) يبلغ مداها نحو 150 كيلومتراً، وقد استخدمها الجيش الصهيوني للمرة الأولى خلال حرب تموز العام 2006، و(دليله-2)، و(دليله – جي إل) يتراوح مداها ما بين 250 و550 كيلومترا، ويتم توجيهها عبر نظام (جي بي أس).
5-(صاروخ شافيت المذنّب) وهو صاروخ معد لإرسال المركبات للفضاء الخارجي. يتكون من ثلاثة أقسام ويعمل بالوقود الصلب. أطلق الصاروخ للمرة الأولى من قاعدة (بلماخيم) الجوية في العام 1994، ويستخدم لإطلاق أقمار التجسس. وهو نسخة معدلة من صاروخ (أريحا-2).
6-(الصاروخ آرو) المعروف ب(السهم) وهو نظام دفاعي مضاد للصواريخ الباليستية. وهو أول صاروخ يطور من قبل إسرائيل والولايات المتحدة صمم خصيصاً لاعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية على المستوى الإقليمي.
7-(صاروح لورا) وهو يطلق على القذائف البعيدة المدى. وتمتلك إسرائيل هذا النوع من القذائف التي يصل مداها إلى 200 كيلومتر، والقادرة على حمل رأس متفجر بزنة 570 كليوغراماً.
8-(صواريخ لانس) وهي صواريخ قصيرة المدى من صنع أميركي. تعمل هذه الصواريخ بالوقود السائل، ويمكن تزويدها برأس متفجر زنته 210 كيلوغرامات. أما مداها فيبلغ 130 كليومترا.
9-(صواريخ باراك) وهي صوارويخ جو-أرض مصممة للتصدي لمقاتلات وطائرات من دون طيار.
10-(صواريخ بايتون) وهي صواريخ جو- جو. أدخلت إلى الخدمة منذ أواخر السبعينيات، وتعد امتداداً لصواريخ (شافرير) التي استخدمتها الدولة العبرية منذ أواخر الخمسينات.
ورغم كل هذا البون الشاسع بين ما تمتلكه سورية وما تمتلكه الدولة العبرية من قوة تسليحية غير متكافئة وبكل المعايير العسكرية فإن أمريكا لا تزال تتعامل مع العرب والدولة العبرية بمكاييل غير عادلة ولا منصفة، ومع كل هذا الإجحاف والبغي فهاهي الدول العربية تصدق الإدارة الأمريكية (بوعود شفوية) لا ترقى إلى أية درجة من المصداقية بعد التجربة المريرة معها منذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام قبل 18 سنة، وبعد أن مضى ما يزيد على تعهد أمريكا بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة قبل تسع سنوات، وتمنح الإدارة الأمريكية فرصة جديدة وتوافق على المفاوضات غير المباشرة بين الدولة العبرية وسلطة رام الله، ليدخل العرب من جديد في نفق العبث التفاوضي مع هذه الدولة المارقة التي لا تفوت لحظة واحدة دون بناء المزيد من المستوطنات، وطرد الفلسطينيين وتسفيرهم خارج أراضيهم واغتصاب بيوت ومنازل المقدسيين والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية وضمها إلى التراث اليهودي العنصري، والتضييق على الفلسطينيين في كل مناحي الحياة وخنقه ومحاولة الإجهاز عليه.
خاص – صفحات سورية –