سيناريو مجنون ولكن
سعد محيو
هل هي ساعة الحرب “الإسرائيلية” الجديدة في لبنان وقد بدأت تتكتك؟
الأجواء الدبلوماسية العربية والأوروبية والأمريكية العابقة توحي بذلك: فمن بيروت إلى شرم الشيخ التي زارها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري مؤخراً، ومن باريس إلى واشنطن، مروراً بالطبع ببيروت التي تدفق إليها وزير خارجية مصر، وموفد رئاسي أمريكي، وسيليهما خلال أيام موفدان رئاسيان فرنسيان، كانت تتردد كلمة واحدة: حذار .
هل نسينا شيئاً هنا؟
أجل . بالطبع تل أبيب التي تخرج منها أصلاً كل المؤشرات التي تدل على أنها تستعد بالفعل لعمل عسكري كبير في المنطقة، مُستخدمة خبر نقل “معدات وصواريخ متطورة” (وفق تعبير وزير الدفاع الأمريكي بيل غيتس) من سوريا إلى حزب الله، كذريعة لارتداء خوذة الحرب .
لا بل أكثر: هذه قد تكون المرة الأولى منذ العام 1948 التي لا تتكتم فيها الدولة الصهيونية على خططها العسكرية، ربما لأن حربها الجديدة هذه المرة لن تعتمد على عامل المفاجأة والحسم السريع بقدر اعتمادها على استراتيجية النفس الطويل والعمليات العسكرية المديدة .
وهكذا، بات في الوسع استقراء الصورة المحتملة للحرب الجديدة استناداً إلى مجرد قراءة الصحف “الإسرائيلية” . وهي يمكن أن تكون على النحو الآتي:
المعارك لن تكون على نمط حرب العام 2006 التي اعتمدت على مبدأ “النار عن بعد” وسلاح الطيران، بل على نمط حرب 1982 التي غلب عليها طابع الحرب البرية والسيطرة الجغرافية على الأرض .
الخطة تتكون من مرحلتين: الأولى تتضمن زج أكثر من 100 ألف جندي لاجتياح منطقة الجنوب بعمق يتراوح بين 30 إلى 40 كيلومتراً وتهجير مليون مواطن جنوبي، ثم إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد مرفقاً بشرط تجريد حزب الله من السلاح، وفق مضمون القرار 1701 . وهذا جنباً إلى جنب مع القيام بعمليات عسكرية واسعة انطلاقاً من حاصبيا والبقاع الغربي للسيطرة على طريق بيروت دمشق، وتطويق العاصمة السورية من لبنان والجولان .
في حال رفض حزب الله (وهذا هو المتوقع) وقف إطلاق النار في ظل استمرار الاحتلال، يتواصل القصف الجوي والبحري والصاروخي العنيف على ضاحية بيروت وبقية المناطق، كما تُستأنف عملية تدمير البنى التحتية اللبنانية من كهرباء وماء ومؤسسات مدنية وعسكرية وسياحية بهدف تفجير الخلافات الداخلية اللبنانية حول جدوى استمرار الحرب .
في حال فشل هذا السيناريو، تبدأ المرحلة الثانية من الخطة التي تتضمن هذه المرة سوريا . إذ تعلن تل أبيب بأن حزب الله يرفض وقف الحرب بسبب تلقيه الدعم من دمشق، وبأنه ما لم تتحرك هذه الأخيرة للضغط على الحزب فإن الحرب معها حتمية .
عند هذه النقطة تنقسم الآراء “الإسرائيلية” . فالبعض يحذّر من أن فتح “جبهة الشام” إضافة إلى جبهة لبنان سيكون مغامرة خطرة تُكلّف “إسرائيل” غالياً، بسبب النقلة العسكرية التي قامت بها سوريا، حين أعادت تنظيم فرق عسكرية عدة فيها وفق نموذج حرب الغوار الصاروخية التي انتهجها حزب الله . هذا في حين يرى البعض الآخر أن الحرب مع سوريا لن تكون صعبة، بسبب سهولة النزول عسكرياً من الجولان إلى تخوم العاصمة السورية حيث يمكن التهديد بإسقاط النظام .
سيناريو مجنون؟ حتماً . لكنه وارد، وبغطاء أمريكي محتمل .
الخليج