متى ينضج العرب سياسياً حسب العرف” الإيراني طبعاً”؟!
فلورنس غزلان
دعا رئيس مجلس الشورى” البرلمان” الإيراني السيد محمد حسن أبو ترابي المسؤولين الإماراتيين إلى ( تصــحيـــح ) مابدر من وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بأسرع مايمكن وإلا… فإنها ستترك تأثيراً جدياً على علاقات البلدين”!. واعتبر أن ماصدر عن الشيخ عبدالله يدل على ( عدم نضج سياسي)!…لمجرد أن الشيخ تجرأ ووصف احتلال إيران للجزر الإماراتية لايختلف عن احتلال إسرائيل لفلسطين وأن الاحتلال لاتسميات مختلفة له…لكن الحال مختلف بالنسبة لمفهوم الجمهورية الإسلامية وماقاله الشيخ لاينطبق على معايير فهمها للاحتلال !…فالاحتلال أنواع ويختلف من دولة لأخرى، خاصة حين تكون الدولة المُحتَلَّة ( جارة ومسلمة …وفارسية )!…في الحقيقة حاولت أن أدخل العقل الإيراني وأن أبحث في القاموس العربي لمعنى آخر نطيب به خاطر الجارة الإيرانية كي لاتهددنا ب …وإلا …فترتجف لها فرائصنا وننسحب ونسحب التفسير والتوصيف للاحتلال…حاولت فعلاً مساعدة الشيخ الإماراتي لأجد له حلاً معقولاً في اللغة. أو مصطلحاً يخرج به أبيض الوجه أمام إيران…لست محامي دفاع عن شيوخ الإمارات وسياساتهم…لكني أسعى فعلاً لتضييق مسافة سوء الفهم بين مفهوم عربي ومفهوم فارسي لمعنى الاحتلال..فوجدت أنه ــ وحسب المفهوم الإيراني لاستيلائها على الجزر الإماراتية الثلاث ــ وبنظرها الفارسي البحت لكل منطقة الخليج المرسوم باسمها ” الفارسي” …لايمكن تسميته إلا ( استعادة لحق ضائع )، وستتبعه استعادات تحلم بها مخيلة سيد إيران وقيادة دولته الإسلامية!…
كنت أفكر أن أطرح سؤالي على السيد( المعلم ) وزير الخارجية السوري، فربما تسعفنا عبقريته الفذة في إيجاد تفسير مقنع يرضي جميع الأطراف يحلل المنطق الإيراني الصديق الموافق لمنطق النظام السوري ــ على ما أعتقد ــ ثم يتمكن من إقناع الشيخ الإماراتي بأن الجارة والصديقة النجادية لاتحتل الجزر إحتلالاً حقيقياً، وإنما مجرد اختبار لقوتها واختبار لنيات العرب وجس نبضهم فيما لو مدت يدها بشكل أطول وأعمق وبلت ريقها ولعابها المندلق تاريخياُ لاستعادة نفوذها على كل المنطقة برمتها…فمادام العرب يتهاونون مع إسرائيل ” اليهودية” فحري بهم أن يذعنوا ويوافقوا جارتهم وأختهم بالإسلام.. فربما يأتي اليوم و نصبح دولة ممتدة الأطراف موحدة تحت يافطة إمبراطورية فارس !تمتد أذرعتها وسلطتها على المياه والدول الصغيرة المحاذية وتستعيد أمبراطورية كسرى بفضل معاهدات الصداقة والاقتصاد والدفاع مع نظام السيد المعلم وأسياده ،كما ذراعه الموثوق والمبني خصيصاً لتحقيق حلم شرق أوسطي جديد ممثل بحزبه الإلهي العتيد في لبنان…ويكفي للقاري أن يمعن النظر في ربط المواقف والزيارات والتصريحات ليفهم المقصود…فلم يأتِ تهديد أبو ترابي عن عبث..
ففي الوقت نفسه استقبل الرئيس السوري السيد بشار الأسد السيد رحيمي نائب الرئيس الإيراني للبحث في إقامة ” تكتل اقتصادي إقليمي يجمع دول المنطقة ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار فيها”!…..لاتنسوا أن الخطط السياسية وتمريرها تبدأ عادة عن طريق المشاريع الاقتصادية …
كما يرد السيد المعلم على السيدة هيلاري كلينتون ، حين طرحت خطورة إقدام سوريا على تزويد حزب الله بصواريخ سكود متطورة…متهماً إياها …بأنها ” تتبنى إدعاءات إسرائيل” ! ، التي تنوي جر المنطقة لحرب قادمة وتخطط لاعتداء على سورية ولبنان!..في الوقت نفسه يلتقي السيد حسن نصر الله برئيس وزراء قطر الشيح حمد بن جاسم آل ثاني ــ مايصعقني في سياسة هذه الإمارة أنها تمارس دور المصلح ودور المحسن والمدافع عن الحق الفلسطيني! بينما تغرق تلفزيونها طويل الباع والذراع ” الجزيرة” بالدفاع واستقبال كل متهم ومشبوه إرهابياً على المستويين العربي والعالمي، تحارب أمريكا إعلامياً وتستضيف أكبر قاعدة أمريكية ” عيديد” عملياً، ناهيك عن استضافة مؤتمرات بوفود إسرائيلية!! ــ…ويصرح الســـــيد ببيان رسمي، أنه لايتوقع قيام حرب في الفترة القريبة القادمة مقارنة بما سبق حرب تموز2006، مما يظهر تناقضاً بين الموقف السوري وحزب الله! كما لاينفي ولا يؤكد صحة مقولات امتلاك حزبه لصواريخ سكود ويعتبر ” أن من حق الحزب أن يمتلك أي سلاح وهذا حق شرعي، قانوني، أخلاقي وإنساني”!…لا أدري لماذا لايكون حقاً إنسانياً وشرعياً للجيش اللبناني كذلك؟ ولماذا لاتسعى سورية “الأخت الكبيرة” ومن ورائها المُزَود الأصل ” إيران ” لتزويد وتقوية الجيش اللبناني وتسليحه؟…أم أنه غير مؤهل للثقة، وليست لديه المقدرة للدفاع عن أرضه أو حمايتها…لهذا سلم زمام الأمروأوكل المهمة لجيش ثاني اسمه حزب الله ؟! أم أن أجندة التسليح لاعلاقة لها بحماية لبنان ولا باستعادة ” مزارع شبعا ” التي غدت قميص عثمان؟!…
وكي يكون الربط أكثر توثيقاً والتحليل أكثر دقة ، أو كي لانتهم بالانحياز ومعاداة إيران الأخت الشقيقة والجارة الرفيقة بنا وبقدسنا وغير المحتلة لجزر عربية!…فإيران الإسلامية تحرر ولا تحتل!…واحتلالها نعمة بينما احتلال الآخرين هو الخطر خاصة لو كان أمريكياً أو إسرائيلياً أو غربياً …لأنه يأتي من غرب كافر وغرب مستعمر وغرب متصيد وغرب يريد الخراب بينما إيران تسعى للتكتل الإقتصادي ثم بناء شرق أوسط يعمه الأمن والاستقرار !!.
وإثباتاً لهذه النيات الإيرانية الحسنة…فقد كشفت صحيفة القبس الكويتية بعدد البارحة السبت 01/ 05/ 2010 عن تمكن الأجهزة الأمنية الكويتية من الكشف عن خلية تجسسية تعمل لصالح ” الحرس الجمهوري الإيراني”!..والعناصر المنضوية تحت لواء هذه الخلية يعمل معظمها في وزارتي الدفاع والداخلية الكويتية!! ..(.مواقع حساسة)! …وقد تم مصادرة مخططات ووثائق ــ وأهم الخرائط كانت لموقع قاعدة “كامب عريفجان الأمريكية” وأجهزة مراقبة متطورة وحديثة بالإضافة لما يعادل ربع مليون دولار في بيت أحد السبعة المعتقلين على ذمة التحقيق ممن تم توقيفهم ــ وحسب الصحيفة ــ أن هناك مايعادل ستة إلى سبعة أشخاص مازالوا مختفين…بالطبع نفت إيران صحة النبأ وعزته لمحاولة أمريكية إسرائيلية لتخويف الجيران العرب من إيران!…لأن كل مايصدر عن إيران يَنُم عن محبة وأخوة ومصالح مشتركة! …خالٍ من الأغراض والأجندات ذات البعد الاحتلالي أو التدخلي …معاذ الله!!.يجب أن نُصَّفي نياتنا تجاه إيران ولا نتصور أن لها أطماعاً …وكل ماتريده من العرب تفهماً وتقارباً …ومن ثم وحدة أخوية وسلطة لامبراطورية فارسية تحت عباءة خلافة إسلامية صفوية أو فاطمية!..لهذا على العرب وقياداتهم ورؤساء وزرائهم أن ” ينضجوا سياسيا”!! نضجاً يصب في صالح وقالب إيراني فارسي الهدف والمنحى…وإلا…وإلا فإن العلاقات والأمور ستنقلب على رأس القاصرين والبعيدين عن النضج المطلوب، فهل يعقل أن نساوي إيران بإسرائيل وأمريكا؟ وهل أطماع إيران تشبه أطماع إسرائيل أو أمريكا؟…إنها أطماع أخت في الإسلام وجارة تهتم باستقرار وأمن المنطقة…وما نوويها إلا لحماية هذا الأمن وهذا الاستقرار…وما تدخلها في الانتخابات العراقية وحج أهل الحكم العراقي للمشاورة في كل صغيرة وكبيرة للقيادة الحكيمة للمرشد الحكيم وللقائد الأكثر حكمة أحمدي نجاد إلا من باب المونة…أو من باب المحبة والخير للعراق وحرصها عليه وعلى وحدته!…وتدخلها فيه لايشبه أبداً ولا في أي حال من الأحوال التدخل الأمريكي…ووجودها وسلطتها على رجالات مهمة في حكمه…كله يصب في صالح حرية وتحرير العراق من المحتل الأمريكي!!…والدليل أن هذا العراق الذي اعتقدناه بدأ يستيقظ من كبواته ودموية حروبٍ معظمها تقع على أرضه ويذهب أبناؤه ضحاياً لها لكنها تصب في مصلحة تصفية حسابات وأجندات خارجية بأصابع عراقية أو غير عراقية ، لم يستطع حتى الآن بعد انتخاباته الرئاسية ، التي تأملنا أنها ستخرجه من عنق الزجاجة ومازالت صراعات النفوذ تتطاحن…ولا نعلم حتى بعد أن تفرز الأصوات المختلف عليها يدوياً ..أنه فعلا سيفلح في تشكيل حكومة وحدة وطنية …أو حكومة إنقاذ تضع أقدامها على طريق مصلحة الشعب العراقي وتحل مشاكله الكثيرة والمعقدة…حكومة همها الأول المواطن والوطن…وبقدر ما تفاءلت بعد الانتخابات…بقدر ما تأكلني الخشية من القادم…
نعم أوافق السيد أبو ترابي…أن القيادات العربية لم تنضج سياسياً بعد…لكني لا أربط النضج بمفهومه للاحتلال…بل بمفهوم الانسان المواطن، بالوطن وموقف المسؤولين منه وعلاقتهم به ومصداقيتهم معه، وسعيهم لتطوره ونموه وحل قضاياه بكل تنوعها وأبعادها.
ــ باريس 02/05/2010
خاص – صفحات سورية –