مفارقات سوريا..لية…!؟ جهاد نصره
تشغل سوريا هذه الأيام الكون بأسره حتى أنه يصح أن يقال لقد صارت أم الدنيا و( شاغلة ) العالم وكيف لا وهي اليوم المحطة الأكثر فعاليةً لاصطراع وافتراق وتلاقي السياسات والمصالح الإقليمية والدولية ..!؟ ثم إنها وبالرغم من كل الضغوط والتهديدات والغزل رفيعاً كان أم غليظاً صارت ساحة رعاية وإقامة وإمداد معلنة لمقاومات مسلحة وغير مسلحة في عموم المنطقة..!؟ وهي الآن واحة يتقاطر إليها الملوك والأمراء والرؤساء والمشايخ وطلائع النخب القومية والإسلامية والإعلامية وغيرهم.. وهناك من ينتظر دوره…!؟ ومن ثمَّ غدت مأوى لكل شاردٍ وهاربٍ ومقاومٍ طالما أنها تمسك بيده التي تصوِّب.. وبلسانه الذي يخطط.. وبلحيته قبل الوضوء .. وبعده..!؟ وهي أمست في السنوات الأخيرة مرعى تستضيف فيه مئات الوافدين المشاركين في عشرات المؤتمرات والمهرجانات التي تكلف الخزينة كل عام ما يكفي لتشغيل وإعالة مئات الخريجين السوريين العاطلين عن العمل..! والمفارقة المافوق سوريا..لية أن سوريا هذه التي تحتضن على حساب شعبها الذي ترزح غالبيته تحت مستوى خط الفقر وعلى مدار الأيام هذه الحشود من المدعوين من كل صنف و الذين يجري اختيارهم وفق مقياس الولاء لا الكفاءة قد جرى تصنيفها في المرتبة الأولى في قائمة الدول التي تحجب وتمنع وتردع وتلجم وتهجِّر وتحاكم…!؟ ولأن ـ أم علي ـ قالت ذات يوم: الباب الذي يأتي منه الريح سدّه لتستريح فقد صدَّقت الحكومة ذلك ونجحت في إغلاق ليس الأبواب فقط بل النوافذ و فتحات التهوية وما تبقى من أفواه…!؟
سوريا اليوم هي كل ذلك وكثير غيره ولا غرابة في الأمر فهي كانت على هذا النحو الفتاك منذ ما قبل الميلاد وإلا لماذا يقول كل من عرفها أو تعَّرف عليها إنها موطنه الثاني…!؟ ولأن سوريا كانت هكذا على الدوام فهي لم ترسو يوماً على بر ومع ذلك فإن شعبها يعيش مرتاحاً سعيداً مفرفشاً بلا سياسة ولا وجع رأس أصلاً هو ارتاح من السياسة منذ العام / 1963 / يوم صار البعث حزباً قائداً وفق الدستور الذي خطّه بيراعه ومن يومها باشر في تأميم كل الداخل الوطني نسخاً واستنساخاً عن بلدان الأحزاب القائدة التي سبقته..! وهكذا فقد امتلكت الحكومات المتتالية كل شيء العمى حتى ( كلكات التقطير ) الشعبية أُّممت وحلَّ محلها ( ريّان ) السلطة و( وميماسها )…!؟
ولأن الحزب القائد مقتنعٌ منذ ولد بضرورة تأميم العمل السياسي فقد نجح في استقطاب دزينة من الأحزاب الشاطرة في غناء المواويل و تجاهل عمداً لمدة أربعة عقود إصدار تشريع يقونن ذلك فبقيت البلد تفتقر لقانون ينظِّم ويشرعن وجود الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان الأمر الذي يعني سوريا..لياً أن كل نشاط سياسي أو حقوقي أو مدني سيتسبب في خدش هيبة الدولة و إضعاف الشعور القومي ووهن نفسية الأمة يا حرام سكابا يا دموع العين سكابا…!؟
في المقابل تحفل ـ مصر ـ أم الدنيا سابقاً بالسياسة وتفرعاتها فهي تشهد حراكاً مدنياً نشطاً وانتخابات تمكن عدد كبير من المعارضين من عبورها والوصول إلى البرلمان الذي جدد مؤخراً قانون الأحكام العرفية بناء على رغبة الشعب وكيف لا وأغلبية النواب يمثلون شعب الحزب الوطني جداً جداً..؟.. لكن في مصر قوانين للأحزاب والإعلام وسوية لا بأس بها من قضاء شبه منفصل إلا عن ( سيادته ) وغير ذلك من المواصفات الدنيا للدولة المدنية غير أن مصر بالرغم من كل ذلك لم تعد تشغل أحداً في هذا العالم فقد تراجع دورها في المحافل الإقليمية والدولية واستكانت على رصيف الأحداث حتى ما عاد صوتها الخافت والمغرق في السلبية يتجاوز الفضاء المصري إلى أبعد من أنفاق غزة الجارة المتمرّدة على الحدود…!؟
وفي مقابل المقابل تظهر إمارة قطر الصغرى كدولة إقليمية عظمى ففي كل عرس لها قرص فكيف بعد أن تطلق قمرها الصناعي الخاص ( أسهيل )..؟ وبالرغم من أن داخلها الوطني لا يعلم شيئاً بعد عن حكاية الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والانتخابات ولم يُسمح له ولو عن بعد بالتعرف على اختراع اسمه دولة ولمَ الدولة طالما أن القبيلة تتقدم في حقل الأشواك العربية بنجاح ما بعده نجاح…!؟
ومن ثم يعرب الكثيرون هذه الأيام عن مخاوفهم وتوقعاتهم بأن إسرائيل على وشك أن تشنّ حرباً مدمّرة على سورية ولبنان لكن ( أم علي ) تقول: أبداً لم يعد هناك أي مبرر لهذه المخاوف فكيف يجرؤ الإسرائيليون الزعران على مجرَّد التفكير في ذلك بعد أن أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري فرع النمر الفيصلي تحذيراً شديد اللهجة…!؟
لقد سبق وأكَّد رئيس حزب الكلكة ( عدسو الأوغاريتي ) في مخطوطته الحزبية ( من سنجوان إلى تطوان ) على أن أصول (( أندريه بريتون )) أستاذ (( سلفادور دالي )) عربي أباً عن جد وإن لم يكن معروفاً عنه أنه كان عضواً في أيها حزب عربي قائد إي نعم ثلاث مرات…!؟
خاص – صفحات سورية –