الزيارات الإسعافية للنظام السوري، هل تحمل إنقاذاً أم حرباً؟
فلورنس غزلان
كانت الرسالة القادمة من إسرائيل على لسان وزير خارجيتها السيد ليبرمان، ومن ثم وزير دفاعها السيد باراك واضحة وقوية تحمل تهديداً للقضاء على نظام أسرة الأسد فيما لو اشتعلت الحرب هذه المرة بقرار إسرائيليناتج عن رد فعل على الممارسة والخطاب السوري غير المتعقل ــ حسب الرؤية الإسرائيلية وحسب منطق التوازن ــ ، وعلى الأسد ألا يطلق تصريحات أكبر من قدرته وحجمها …وإلا…! مما دفع النظام السوري لاستجداء المساعدة من الجارة ” الصديقة الجديدة” تركيا في زيارة خاطفة تحمل القلق وتسعى للتهدئة، ومالبث الراعي الأول للنظام السوري في المنطقة ” إمارة قطر” الممثلة بشيخها حمد بن خليفة آل ثاني أن التحق بالاجتماع الثنائي ” أردوغان ــ الأسد ” ليساند الموقف السوري ويقدم له يد العون ،وقد أكدت تركيا على دعمها وعلى دورها ووضحت لإسرائيل أن النظام السوري لم يغير من سياسته السلامية، رغم صدور خطاب التهويش والتهريج ، الذي جاء لإرضاء ودغدغة قلوب ومشاعر الأصدقاء الأعزاء في إيران ولبنان أثناء زيارة أحمدي نجاد وحسن نصر الله الأخيرة لدمشق، ولم يكتف النظام السوري بتأكيد تركيا ، بل طلب لموراتينوس أن يجس نبض إسرائيل أثناء زيارته إليها ويؤكد لها على الالتزام السوري وجديته في السلام، وفعلاً جاء الرد من موراتينوس الزائر للمنطقة سعياً لانعقاد مؤتمر ” الاتحاد من أجل المتوسط” في برشلونة، وقد نقل لسورية على لسان المسؤولين الإسرائيليين ” بأن لانية لدى إسرائيل بالتصعيد تجاه سورية ولبنان” وليس في برنامجها المنظور أي حساب لحرب على سورية… ووصل الأمر لحد إصدار تصريح على لسان نيتانياهو يهديء فيه من روع النظام السوري مؤكداً على رغبة إسرائيل في عودة المفاوضات بينها وبين سورية.
كل هذه المحاولات لم تصل لحد اليقين وانحسار الخوف واختلاط الأمر على النظام السوري ورعبه من امكانية وقوع إعتداء إسرائيلي يقصد هذه المرة سورية ونظامها بالذات ــ وهنا مربط الفرس ــ فجاءت زيارة الرئيس الروسي ــ الأولى منذ قيام الاتحاد الروسي ــ السيد ميتري ميدفيديف لترفع قليلاً من معنويات النظام وتظهر للعالم الغربي ولإسرائيل خاصة، أن نظامها مدعوم من قوة لايستهان بها ، بل ويصدر عن ميدفيديف تصريحات تعاونية في المجالات النووية…وهنا تنتفخ الصدور وترتفع الحرارة في جوف مرت عليه أيام صقيع وهبت عليه عواصف تنذر بزلزلال يودي بها..فإن صدقت النية الروسية أم لا…لكنها أتت أُكلها السياسي على النظام السوري في حصد مكسب إضافي داعم يبعد شبح حرب ويقيه شر انهيارلما لروسيا من أهمية ودور في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وحق للنقض يمكنها أن تستخدمه لصالح سورية في حالة نشوب حرب ضدها!، كما ونعلم مدى سعي روسيا لعدم خسارتها للسوق السورية سواء بالتسليح أو التبادل التجاري ، الذي انخفض مستواه هذا العام عنه في الأعوام السابقة وبالطبع فإن هذا يجب تغييره ورفع معاييره لصالح الصديقة الروسية …وكل موقف له ثمنه، خاصة حين يتم الإعلان عن تجديد وتوسيع القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس !.
في الوقت نفسه وبعد إعلان إسرائيل وتأكيدها على تسليح سورية لحزب الله بصواريخ سواء كانت من نوع سكود أو غيره، وما تبعه من تصريحات أمريكية أدت إلى تجديد العقوبات على سورية وإلى تأجيل وصول السفير الأمريكي إلى دمشق..انطلاقاً من رؤية أمريكية وردت على لسان أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون تظهر مدى انعدام الجدية السورية في الموقف من السلام واستقرار المنطقة وأمنها …واستمرارها في دعم ” منظمات إرهابية”!، على الرغم من بعض البادرات الحسنة التي أبدتها سورية وسعت إليها تجاه واشنطن، ومازالت ترى أن أي سلام بينها وبين إسرائيل لايمكنه أن يرى النور إلا برعاية أمريكية!..في نفس الوقت وقف النظام السوري ضد عودة المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل ، برز هذا واضحاً أثناء اجتماع اللجنة العربية لمتابعة السلام في القاهرة وانسحاب ممثل سورية ومندوبها للجامعة العربية ، لكن الملفت في الأمر هنا مافعله الممثل اللبناني ، حين أعلن هو الآخر رفضه الموافقة على متابعة الفلسطينيين للمفاوضات غير المباشرة! ــ هل يعني هذا عودة التوافق السياسي في القرارات؟ ــ ناهيك عن استمرار النظام السوري في سياسة المواقف المتناقضة .
دعم وتسليح حزب الله وتوطيد العلاقة مع طهران ،ومن ثم التمهيد للقاء الذي تم برعايتها وترتيبها بين ميدفيديف وخالد مشعل ” زعيم حماس”…في ضوء تهليل الصحف المحلية السورية وبعض الصحف العربية معتبرة أن هذا اللقاء إن دل على شيء، فإنما يدل على اعتراف رسمي روسي بدور حماس ” وبشرعيتها”!!، مع أن خالد مشعل سبق وأن زار روسيا والتقى بمسؤولين كبار فيها ، وذلك لأن روسيا ترى أن السلام لايمكنه أن يرى النور دون مشاركة كل الأطراف المعنية سواء داخل فلسطين أو خارجها، ــ ولا أعتقد أن الموقف الروسي يخرج عن هذا النطاق ولايمكنه أن يقرأ إلا في هذا السياق ــ ، لكن كل المعطيات والأحداث تبرز انهيار العلاقات الأمريكية ـ السورية ، وأن كل مابذلته دمشق للتقارب مع واشنطن أكثر كي تعود المياه لمجرى العلاقات الطبيعية يسير اليوم نحو التدهور!، هل نقرأ هذا باعتباره كشفاً للغطاء الأمريكي عن سورية وتخلياً عنها بعد أن بادرت لفتح الطرق باتجاهها وإعادة الاعتبار لدورها في المنطقة؟ ، هل يمكننا قراءته كضوء أخضر لإسرائيل كي تعتدي على سورية أو على لبنان؟ وإلا كيف نفسر تأجيل زيارة سعد الحريري لدمشق واستبدالها بزيارته لواشنطن الغاضبة على سورية اليوم؟
نرقب الآتي ولا نراه مشرقاً أن ما نخشى وقوعه هو أن يدفع الشعب السوري ثمن أخطاء نظامه الفادحة ، وثمن عقم سياساته الخارجية وانفصامه عن مواطنه داخلياً.
ــ باريس 14/05/2010
خاص – صفحات سورية –
كل نظام عربي مرتبط بدولة من الدول العظمى تؤمن له الحماية !! والغالبية مرتبطة بالأم الحنون أمريكا والبعض بفرنسا والبعض ببريطانيا – والنظام السوري تحت رعاية بريطانيا وتم ترتيب هذا الأمر عندما غاب حافظ الأسد 3 أيام في بريطانيا عام 1965 وعجز حزب البعث أن يحصل من حافظ الأسد عن بيان وتفسير لهذه الأيام الثلاثة – ولذلك فأمريكا ليست راضية كل الرضا عن هذا النظام ولكنها ساكتة عنه من أجل خاطر شريكتها بريطانيا – ألا تلاحظون أن علاقة سوريا بريطانيا جيدة منذ اغتصاب حافظ أسد للسلطة عام 1970 والإبقاء على حزب البعث كديكور تجميلي لنظام الحكم أو فلكلور شعبي يتسلى به المغفلون – تباً لكل المثقفين العرب عموماً والسوريين خصوصاً الذين لم يدركوا هذا الأمر طيلة أربعين عاماً من حكم حافظ وإبنه –