صفحات سورية

المخاطر السياسية الرئيسية التي تجدر مراقبتها في سوريا

null
دمشق (رويترز)
أحيت الاتهامات الإسرائيلية في ابريل نيسان بأن سوريا أرسلت صواريخ سكود طويلة المدى لجماعة حزب الله اللبنانية المخاوف من نشوب صراع عسكري بين الدولتين.

وربما تتسبب علاقات سوريا مع ايران الى جرها لمواجهة أوسع نطاقا بشأن برنامج طهران النووي.
وادت العقوبات الامريكية المفروضة منذ عام 2004 لدعم سوريا حزب الله الى تفاقم التحديات الاقتصادية فيما تسعى دمشق جاهدة لرفع مستوى المعيشة وتوفير فرص العمل للسكان الذين يتزايدون بسرعة حيث يبلغ معدل زيادتهم 2.5 بالمئة في العام.
فيما يلي المخاطر السياسية الرئيسية التي تجدر مراقبتها في سوريا:
الحرب بين سوريا واسرائيل
قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان المسؤولين الامريكيين أثاروا مسألة الاشتباه بارسال الاسلحة المتقدمة الى حزب الله مع الرئيس السوري بشار الاسد الذي “يتخذ قرارات قد تعني الحرب او السلام بالنسبة للمنطقة.”
ووجه وزير الخارجية الاسرائيلي تحذيرا صريحا في فبراير شباط قائلا ان دمشق ستهزم في أي صراع في المستقبل وان الاسد سيخسر الحكم.
ويقول دبلوماسيون بالعاصمة السورية ان اسرائيل بعثت برسائل عديدة للنظام الحاكم في سوريا مفادها أن سوريا تجازف بالتعرض لهجوم اسرائيلي لامدادها حزب الله بالاسلحة.
وردت سوريا بقولها علنا ان المدن الاسرائيلية قد تتعرض لهجوم في أي حرب بالمستقبل لكنها في وقت لاحق قالت ان السعي لتحقيق السلام مع الدولة اليهودية لا يزال أولوية بالنسبة لها.
وعلى الرغم من أن الحسابات الخاطئة لا تزال أحد الاحتمالات فانه ليس في مصلحة اي من الجانبين اثارة حرب خاصة مع اعتراف سوريا بالتفوق العسكري الاسرائيلي واطمئنان اسرائيل لان سوريا حافظت على هدوء الجبهة بمرتفعات الجولان منذ وقف اطلاق النار عام 1974 .
وجرى الاتفاق على وقف اطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بعد عام من خوض سوريا حربا منيت بالفشل لتحرير المرتفعات ذات الاهمية الاستراتيجية التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967 .
ولم ترد سوريا حين هاجمت الطائرات الحربية الاسرائيلية مجمعا في شرق سوريا قبل ثلاث سنوات قالت وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) انه موقع نووي. ونفت دمشق أنها منشأة نووية وكررت مواقفها السابقة بأنها تحتفظ بحق الرد “في الوقت والمكان المناسبين”.
ما يتعين مراقبته:
– هجوم اسرائيلي محدود على سوريا. قد تهاجم اسرائيل ما يمكن أن تصفها بامدادات مشتبه بها من الاسلحة لحزب الله لاجبار دمشق على اعادة النظر في دعم الحزب.
وربما لا ترد سوريا على هجوم اسرائيلي وحيد على هدف مبهم مثل عام 2007 لكنها ستجد من الصعوبة بمكان أن تجلس مكتوفة الايدي اذا هاجمت اسرائيل أهدافا رفيعة المستوى.
– موقف الولايات المتحدة. قالت سوريا انها مستعدة للعمل مع الولايات المتحدة لاحتواء المتشددين الذين يعبرون الى العراق وربما لا تريد واشنطن تقويض هذا التعاون بدعم هجوم اسرائيلي على سوريا فيما قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ان المناقشات مع الولايات المتحدة تتناقض مع الاجواء المتوترة التي تظهر “في وسائل الاعلام”.
غير أن دبلوماسيين في دمشق قالوا ان الخلاف بشأن ارسال أسلحة لحزب الله عطل ارسال سفير أمريكي الى دمشق لمدة ستة أشهر على الاقل.
المواجهة بين اسرائيل وايران. قال مسؤولون سوريون ان الصراع مع اسرائيل منفصل عن الصراع بين ايران واسرائيل بشأن برنامج طهران النووي.
لكن اذا هاجمت اسرائيل الجمهورية الاسلامية فان مقاتلي حزب الله حينذاك قد ينتقمون نيابة عن ايران التي تدعم جماعتهم. وسيزيد خطر نشوب حرب بالمنطقة اذا مضت اسرائيل قدما في اتهاماتها ضد دمشق وتعرضت المدن الاسرائيلية لهجوم من حزب الله للمرة الثانية منذ عام 2006 .
استئناف محادثات السلام بين سوريا واسرائيل
أظهر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اهتماما بالسلام مع سوريا لكنه رفض مطلبها الرئيسي وهو اعادة مرتفعات الجولان. وقال وزير دفاعه ايهود باراك ان هذا ثمن ربما يكون جديرا بأن يدفع لكبح جماح ايران.
واستضاف الاسد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وزعيم حزب الله حسن نصر الله على مأدبة غداء في دمشق في وقت سابق هذا العام. وتعيش شخصيات بارزة من حركة المقاومة الاٍسلامية الفلسطينية (حماس) في دمشق.
وكانت سوريا قد قالت ان علاقاتها مع اللاعبين في الشرق الاوسط ستتغير اذا تم توقيع اتفاق للسلام مع اسرائيل تعود مرتفعات الجولان بموجبه اليها.
وانهارت أربع جولات من المحادثات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل بوساطة تركيا في ديسمبر كانون الاول 2008 خلال الغزو الاسرائيلي لقطاع غزة فيما قال الاسد ان الجانبين على وشك احراز تقدم.
غير أن الاسد شبه ملتزم بتركة ابيه الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي رفض اتفاقا بعد نحو عشر سنوات من المحادثات باشراف الولايات المتحدة لانه لم يكن سيعيد الجولان بالكامل لسوريا.
ما تجدر مراقبته:
التحركات التركية. تكتسب أنقرة نفوذا في الشرق الاوسط بعد أن عززت العلاقات التجارية والسياسية مع الكثير من الدول العربية في الاعوام القليلة الماضية.
ولكن العلاقات بين تركيا واسرائيل فترت بعد أن وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان انتقادات متكررة للغزو الاسرائيلي لغزة مما دفع اسرائيل الى التشكيك في ملائمة تركيا كوسيط. وشهدت العلاقات مزيدا من الاضطراب حين اقتحمت اسرائيل سفن مساعدات تدعمها تركيا وكانت متجهة الى غزة في عملية أسفرت عن مقتل تسعة أشخاص.
– دور الولايات المتحدة. تقول الولايات المتحدة انها تسعى الى اتفاق سوري اسرائيلي في اطار اتفاق للسلام الشامل في الشرق الاوسط وربما تتحرك واشنطن بقوة اكبر على المسار السوري اذا استمرت جهودها لعقد اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين في التداعي لكن سيكون على دمشق تهدئة المخاوف الامريكية بشأن نقل الاسلحة المشتبه به لحزب الله.
محكمة الحريري
قد تضع محكمة أنشأتها الامم المتحدة لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري عام 2005 ضغطا على سوريا.
غير أن النظام الحاكم في سوريا واثق من أنه مر بأسوأ العواقب لحادث الاغتيال الذي أدى لانسحاب القوات السورية من لبنان بعد وجود دام 29 عاما.
وأشار تحقيق الامم المتحدة في اغتيال الحريري في البداية الى ضلوع مسؤولين سوريين ولبنانيين غير أنه فيما بعد أحجم عن الكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن ما توصل اليه.
ونفت سوريا المزاعم بضلوعها لكن اغتيال الحريري أثار موجة غضب دولية أجبرت دمشق على انهاء ثلاثة عقود من الوجود العسكري في لبنان.
ما تجدر مراقبته:
– اذا وجهت المحكمة الاتهام لاي مسؤول سوري في حادث الاغتيال فمن المرجح أن يؤدي هذا الى تجدد الضغوط على الاسد ويقضي على الخطوات التي اتخذها مؤخرا لانهاء العزلة الدولية لبلاده. ولمح الاسد الى أن المحاكم السورية هي وحدها التي تستطيع محاكمة اي مشتبه به سوري في حادث الاغتيال.
الاقتصاد السوري
اتخذت سوريا اجراءات لرفع القيود عن قطاع الاعمال بعد تطبيق سياسات اقتصادية ترجع الى عهد الاتحاد السوفيتي السابق أثبتت فشلها وتأمل جذب 44 مليار دولار او 83 بالمئة من ناتجها المحلي الاجمالي كاستثمارات بالقطاع الخاص على مدى الاعوام الخمسة القادمة للمساعدة في اصلاح البنية التحتية المتهالكة.
وأسهمت العقوبات الامريكية التي فرضت على سوريا عام 2004 لدورها بالعراق ولدعمها حزب الله وحركة حماس في قلة الاستثمارات الغربية.
والى جانب جفاف في شرق سوريا جعلت العقوبات التحدي لرفع مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل للسكان الذين ينمون بمعدل 2.5 في المئة في العام اكثر الحاحا بالنسبة للحكومة.
ما تجدر مراقبته:
– الضغوط الاقتصادية. ربما يؤدي المزيد من مواسم الحصاد السيئة وارتفاع نسبة البطالة التي تبلغ رسميا عشرة في المئة مقابل تقديرات غير رسمية تبلغ 25 بالمئة الى اغراء الحكومة باستئناف المحادثات مع الدولة اليهودية.
– ربما يكون لابرام اتفاق مع اسرائيل أثر ثانوي على مشاعر رجال الاعمال واحتمال التدفق الكبير لرؤوس الاموال من الخارج ومن المغتربين.
لكن المسؤولين السوريين يؤكدون أن هدف سوريا الاساسي هو استعادة أرضها المحتلة واضعين في الاعتبار الاجيال القادمة التي قد لا تسامحهم اذا قدموا تنازلات.
– تحمل النظام السياسي أزمة اقتصادية فيما مضى ولا يزال خاضعا لسيطرة محكمة لان البلاد تطبق قانون الطواريء منذ سيطر حزب البعث الحاكم على السلطة عام 1963 . وأوضح الاسد أن أولويته هي المواجهة مع اسرائيل وليس الاصلاح السياسي.
التهديد من المعارضة
منذ سيطرته على الحكم عام 1963 حافظ حزب البعث على الاستقرار في البلاد البالغ عدد سكانها 19 مليون نسمة من خلال شن حملة صارمة على المعارضة لكن سيطرته تعرضت لتحد في الاعوام الاخيرة من خلال مجموعة من الاحداث العنيفة.
وصعدت الحكومة من عملياتها لاحتواء الاسلاميين المتشددين المسلحين الذين اكتسبوا جرأة بسبب خسائر الولايات المتحدة في العراق وحركتهم الرغبة في الانتقام للهجمات الاسرائيلية على الفلسطينيين.
لكن علاقات سوريا مع المتشددين بما في ذلك الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة معقدة.
وتتهم الولايات المتحدة ودول أخرى دمشق منذ فترة طويلة بالسماح لتنظيم القاعدة باستغلال أراضيه لنقل المقاتلين الى العراق بل وحتى لبنان.
لكن سوريا تنفي هذه الاتهامات وتشير الى سجل طويل من ملاحقة الاسلاميين السوريين. وسحقت دمشق موجة من عنف الاسلاميين لحركة الاخوان المسلمين في أوائل الثمانينات بلغت ذروتها في المواجهة التي جرت في حماة عام 1982 . وقالت جماعات حقوقية ان الافا قتلوا خلال حصار الجيش للبلدة.
وعلى مدار العقد المنصرم قتلت القوات السورية العديد من المتشددين واعتقلت المئات لكن ما زالت تحدث هجمات من وقت لاخر.
وفي سبتمبر ايلول 2008 انفجرت سيارة ملغومة قرب مجمع أمني في دمشق مما أسفر عن مقتل 17 مدنيا في ثالث هجوم كبير بالبلاد في ذلك العام. وأنحت دمشق باللائمة في الهجوم على جماعة فتح الاسلام التي تستلهم فكر تنظيم القاعدة والنشطة في لبنان المجاور.
وفي نوفمبر تشرين الثاني 2006 فجر القائد العسكري لجماعة اسلامية متشددة نفسه قرب معبر على الحدود اللبنانية السورية.
وفي يونيو حزيران 2006 قالت الحكومة ان أربعة سوريين ذكرت الحكومة أنهم يستلهمون فكر القاعدة قتلوا اثناء محاولتهم اقتحام مقر التلفزيون السوري. وفي سبتمبر ايلول من ذلك العام قتلت القوات السورية أربعة رجال هاجموا السفارة الامريكية.
كما تواجه سوريا ضغوطا غربية متكررة للافراج عن سجناء سياسيين واتاحة المزيد من الحريات السياسية في البلاد التي منعت فيها جميع أشكال المعارضة لاربعة عقود.
وسحق بشار الاسد حركة ربيع دمشق التي تكونت من مثقفين وشخصيات من المعارضة كانت تدعو الى الديمقراطية بعد أن خلف والده الراحل عام 2000 بفترة قصيرة وسجن زعماءها.
وتعرض مثقفو المعارضة لموجة أخرى من الاعتقالات بعد أن حاولوا احياء الحركة في أعقاب انسحاب سوريا من لبنان عام 2005 .
ومن بين من اعتقلوا ميشيل كيلو الكاتب السياسي وأحد أبرز الموقعين على اعلان دمشق-بيروت وهي وثيقة صدرت عام 2006 وحملت توقيعات 500 مثقف وناشط سياسي من سوريا ولبنان.
ما تجدر مراقبته
– يقول نشطاء بمجال الدفاع عن حقوق الانسان ان سوريا تحتجز الاف السجناء السياسيين وان معظمهم محتجزون بلا محاكمة لكن محللين يقولون ان هؤلاء النشطاء المسالمين المدافعين عن الديمقراطية وحقوق الانسان لا يمثلون تهديدا مباشرا لسيطرة حزب البعث على الحكم.
من خالد يعقوب عويس
رويتر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى