حوار مع الكاتب صنع اللّه إبراهيم:: منهجي في التفكير متأثر بالماركسية والتحليل النفسي
أجرى الحوار كمال الشيحاوي
صنع اللّه إبراهيم من الروائيين الكبار بشهادة النقاد والباحثين العرب. ولد سنة 1937 بالقاهرة، وانضمّ في شبابه إلى أحد التنظيمات اليسارية في مصر، وقضى أكثر من خمس سنوات في السجون إثر الحملة الأمنية التي طالت المعارضين في عهد عبد الناصر. شكّلت روايته الأولى “تلك الرائحة” علامة تحوّل جديد في الكتابة الروائية لما عرف بجيل الستينات. بعد ذلك أصدر عددا من الرّوايات : “اللّجنة” و”نجمة أغسطس” و”بيروت بيروت” و”شرف” و”وردة” وأمريكانلي”، وكتابا في السيرة الذاتية بعنوان “مذكّرات سجن الواحات”. من إصدارته أيضا رواية “التلصّص” وهي رواية سيرذاتية ورواية “العمامة والقبعة”. إضافة إلى أنّه كتب قصصا للمراهقين وترجم عددا من الكتب والرّوايات عن الانكليزية. آخر رواياته المنشورة “القانون الفرنسي”، وقد صدرت طبعتها الأولى سنة 2008 عن دار المستقبل العربي التي أصدرت معظم رواياته.
أعماله الرّوائية وثيقة التشابك بسيرته من جهة وبتاريخ مصر وحاضرها الاجتماعي والسياسي، فضلا عمّا يتصل بالعالمين العربي والغربي. لم يترك “صنع اللّه” قضية من قضايا بلده والعالم العربي والغربي دون مساءلة وبحث، حتّى تكاد الرّواية لديه تتحوّل منبرا للتفكير والجدل الحرّ بين مختلف الخطابات والآراء المتعارضة، وهو في كلّ ذلك يحرّض قارئه على التفكير والسؤال والانتصار للمقاربة الأكثر عقلانية وصلابة.
يكاد خطابك الروائيّ يشكّل منبرا لخطابات إيديولوجية متصارعة في الواقع. ينشّطه سارد موهوب في إسقاط الأقنعة عن الخطابات التي تدّعي أنّه بريئة. ويمكن القول إنّك لا تستند في رؤيتك السردية إلى فنون بل إلى نظريات في الفنّ وفي التفكير. فالكتابة عندك ملتقى لأعمال السوسيولوجيا والتحليل النفسي والتحقيق الصحفي، يقودها باحث ساخر يشكّك في رؤيته، ويدفع القارئ إلى التساؤل بنزعة بريشتية حادّة، وهو غالبا يذهب إلى مواضيعه مستكشفا بذهنية محقّق شكّاك لا يصدر عن حقيقة ولا يبحث عنها بقدر ما يسعى إلى توفير أدلّة وعناصر أجوبة، كيف ترى هذا التوصيف؟
أنا غالبا ما أبدأ عملي في رواية مثلا من سؤال، في رواية “أمريكانلي” مثلا كنت أسأل : لماذا وصلنا إلى هذا الحدّ من التخلّف والتدهور والحال أنّ مصر بدأت تجربة التحديث في نفس الوقت الذي بدأت فيه اليابان. ولماذا استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تتحوّل إلى قوّة عظمى في ظرف قرنين.
في رواية “اللّجنة” كنت أسأل عن قصة الشركات متعدّدة الجنسيات العالمية العابرة للقارات، كنت أريد أن أفهم. في رواية “بيروت، بيروت” وجدت مادّة مثيرة روائيا في البحث الخاص بالحرب الأهلية اللّبنانية. ونفس الشيء في رواية “نجمة أغسطس” حيث كنت أبحث في السدّ العالي، وقد أخذ مني العمل سبع سنوات بحث.
هناك تقريبا ثلاثة اتجاهات في تناول تجربتك الرّوائية. اتجاه يلحّ على صلتها بالرّواية الجديدة الفرنسية وآخر يؤكّد على نزوعها التجريبي والثالث يركّز على المحتوى الإيديولوجي. ضمن الاتجاه الثالث عدد من النقاد يلومونك على رؤيتك الإيديولوجية للواقع المصري ويرون أنّها رؤية عدمية يائسة مطلقا حيث أنك لا ترى إلا الأماكن المعتمة في هذا الواقع فماذا تقول؟
لا أنتظر من أيّ كاتب أن يبيّن لي أنّ كلّ شيء ليس على ما يرام…هناك خطأ في الواقع الظاهر… في الوجود، وأنّه يستحسن البحث عن العلاج… وليس من الضروري أن يقول لي ما هو العلاج. وليس من الضروري أن يصف الكاتب ويتغنّى بجمال الحدائق في بلد مليء بالأوساخ والعفن.
هل تتصوّر وأنت تعبر مثلا الاتجاه الذي يمتدّ من “ميدان التحرير” إلى “ميدان الدقي” في القاهرة ولا تجد شجرة واحدة، أن تتغزّل بالجمال الطبيعي وهل تعتقد أنّني إذا أردت أن أصف باريس مثلا أنّني سأركّز على ما تتميّز به من نظافة وجمال، وأتناسى ما يوجد خلف هذا الجمال من بؤس ومعاناة وحيف يتعرّض له الفرنسيون والمهاجرون.
غالبا ما ينظر إلى النزعة الإيديولوجية على أنّها عنصر يسطّح العمل الرّوائي، ويغرقه في الخطاب المباشر. ولكنّها في تجربتك تمثّل عنصر تعميق وإثراء وتنوّع، وبالرغم ما تتوفّر عليه النزعة الإيديولوجية في تجربتك من قدرة على الإقناع يصل حدّ الإبهار إلاّ أنّها تثير حيرة فيما يتصل بما تعد به أو ترنو إليه؟
ليس هناك عمل فنّي أو أدبي إلا وبه خلفية إيديولوجية سواء مصرّح بها أو غير مصرّح بها، سواء واعية أو غير واعية.
فيما يخصّني أنا متأثّر بالمنهج الماركسي في التفكير والتحليل، وعندما أتعرّض إلى مشكلة ما أطبّق مبادئ الديالكتيك الماركسية، وهذا ينعكس على “شغلي”.
هناك كثير من الموضوعات التي يصعب أن أقول فيها رأيا نهائيا، وأحد مشاكل الحركة الفكرية العالمية، أنّه كان ثمّة تصوّر لعدد من الحتميات مثل حتمية الثورة البروليتارية. أنا ضدّ هذا التفكير وحتّى المنهج الماركسي لا يقول بهذا، فهو مفتوح على القراءات والتغيرات غير المتوقّعة والتي يمكن أن تحدث بفضل الاكتشافات العلمية القادمة. ثم أنّني لا أتصوّر ولا أشغل نفسي بالبديل. ففي قصّة عن التعذيب مثلا فإنّ البديل أن لا يكون هناك تعذيب، أمّا كيف يتمّ ذلك؟ فهذا أمر لا يعنيني وليس من دوري.
هل نفهم انطلاقا من هذا الطرح أن توظيفك للوثائق والدّراسات في عدد من رواياتك يدل على سعيك إلى “تنسيب” رؤيتك للواقع من جهة ثمّ حرصك على جعل وثائق الواقع ومعطياته عنصر تدليل وحجّة على رؤيتك له؟
هذه زاوية لم أفكّر فيها، استخدام الوثائق مسألة ليس لها تفسير عندي. كلّ ما في الأمر أنّني شخص مغرم منذ الطفولة باقتطاع ما يروق لي من الصحف، وعندما قمت بهذا العمل في البداية لم تكن لديّ نظرية لذلك.
ولكن في رواية “ذات” نلاحظ أنّ ترتيب الوثائق لم يكن اعتباطيا فثمّة متواليات قصصية يمكن استقاؤها من الأخبار المبثوثة فهل قصدت ذلك؟ وكيف؟
أنا كنت أقصد استخدام المنهج الديالكتيكي في ترتيب الوثائق. وقد سبق للمخرج الروسي”ايزنشتاين” أن استخدم هذا المنهج في مونتاج شريط “المدمّرة بوتمكين” حيث المشهد وضدّه وحيث المتفرّج يقوم بعملية التأليف والفهم.
الملاحظ أنّ البحث التاريخي والتوثيقي الذي تحتاجه كلّ رواية من رواياتك ما يرجّح القول بأنّ صورة الكاتب لديك ليست ذلك الفرد المتوحّد في مكتبه والذي يعوّل على خياله فحسب، بل هي تعبير عن وعي جديد بأنّ الكتابة الرّوائية بحث متعدّد المناهج والمصادر. حتّى لكأنّه عمل فريق بدليل أنك غالبا ما تخصّص صفحة للإحالة على المصادر والمراجع وشكر الأشخاص أو المؤسسات التي ساعدتك على إنجاز العمل؟
هذا صحيح، شومسكي يميّز في مقال شهير بين نوعين من الموهبة، نوع ابتكاريّ، قد يصل حدّ الفانتازيا الخالصة ونوع تركيبيّ، وأنا أنتمي إلى الثانية.
فحتّى القصص التي كتبتها للمراهقين فإنّني أنطلق من معطيات علمية صحيحة. مثلا، حين أكتب قصة يكون الأسد بطلا فيها فإنّني أقوم ببحث علمي في خصائص هذا الحيوان، وانطلاقا من أحد العناصر العلمية أشكّل القصة.
في روايتي “العمامة والقبّعة” كان منطلق الكتابة هو الجدل الذي انبعث منذ سنوات في مصر عن الحملة الفرنسية على مصر. فهل نحتفل بها أم لا نحتفل؟ نحتفل بالمطبعة التي أتت بها الحملة أم بالمدفع الذي يمثّل الوجه الاستعماري، من أجل الفهم عدت إلى تاريخ “الجبرتي” وهو عالم ومؤرّخ.
هل تنطلق دائما من حيرة فكرية سياسية للكتابة؟
نقطة الانطلاق الجوهرية عندي تجربة شخصية حادّة فيها جرح في علاقة بالأب أو الأم، أو امرأة بعد ذلك أحوّلها إلى قضية فكرية معرفية في الرّواية.
لا نجد في رواياتك أبطالا أي شخصيات استثنائية غريبة الأطوار بل شخصيات عادية تتعرّض للأذى وتسعى للدفاع عن نفسها، كما يلاحظ أنّك غير مغرم بالاستبطان النفسي للشخصيات إذ غالبا ما تقدّم هذه الشخصيات بشكل يوحي بأنّها مكشوفة تماما. فهل هذه اختيارات لديك؟
هذا الأمر يعود إلى منهجي في التفكير المتأثّر بالماركسية والتحليل النفسي، فانطلاقا من الرؤية الديالكتيكية أرى الشخصيات نتاج العلاقات الاجتماعية، كما أنّني غالبا ما أركّز على السلوك الجنسي للشخصية. فأنا أعتبر الجنس مفتاحا لفهم الشخصية، وما يتمّ في فراش النوم بين زوجين مثلا يضيء بقوة عالمهما الدّاخلي. وهذا يخصّ كلّ الشخصيات وكلّ البشر في جميع الثقافات، مع الإلحاح على أنّ لدينا مشاكل وعقبات في ثقافتنا تمنعنا من الحديث في هذه التفاصيل.
الملاحظ أنّك لا تهتم بالشخصية في حدّ ذاتها كعالم مغلق وغريب، بل تهتمّ بالعلاقات بين الشخصيات، أي في تلك المساحة التي تتهاوى فيها الصور والأقنعة والتوهّمات التي تحملها كلّ شخصية عن نفسها لتنكشف على حقيقتها في لقائها مع غيرها؟
هذا صحيح وليس لديّ أيّ تعليق…
فقط أضيف أنّني أومن بالشخص الضعيف، وأنا أكره الأبطال. بل لا أعتقد أنّ هناك أبطالا. وبالنسبة إلى القارئ فإنّني أحبّ أن أقدّم له شخصية عادية قد تكون هو. وإن كان ثمّة حركة بطولية تصدر عن هذه الشخصية العادية، فهي بطولة في متناول يد القارئ وفي إمكانه لأنّها ليست بطولة خارقة ومتوهمة. وان كان ثمّة بطولة خارقة، فثمّة في رأيي شيء غلط سواء في فهمنا لها أو في طبيعتها أو في الصورة التي قدّمت بها.
أعطيك مثالا : قضية الاستشهاد، لقد دافعت شخصيا عن الاستشهاديين الذي يموتون لأجل حرية أوطانهم. ولكنّني أعتقد أنّ هناك خللا في هذه الشخصية يدفعها إلى الانتحار. شخصيا أفضّل أن يعمل ويراكم عملا طويلا في سبيل هدفه دون التهوّر في عمل يبدو بطوليا والحال أنّه يكشف عن شخصية غير متوازنة ويائسة.
عندما وصل الجيش الإسرائيلي إلى بيروت انتحر الشاعر اللّبناني “خليل حاوي” احتجاجا على ذلك..
طيّب، لكنّ ما حدث بعد سنة 1982 لغاية اليوم أسوأ وأفظع. فهل ننتحر جميعا احتجاجا على ذلك؟ قد تكون في شخصية خليل حاوي دوافع ومشاكل نفسية أخرى لا نعرفها. شخصيا أمرّ في بعض الأوقات بلحظات يأس، ولكنّي أقول لنفسي عوض أن أنتحر لماذا لا أكتب كتابا انتحاريا أقول فيه كلّ شيء أدين فيه الناس الذين أريد الانتحار احتجاجا عليهم.
في حوار أجراه معك “الطاهر بن جلون” قلت : لم أستطع أن أكون مناضلا لذلك صرت كاتبا”؟
خلال سنوات السجن اكتشفت أنّني لا أملك شخصية المناضل، أو لنقل بدقّة شخصية القائد السياسي، هذه الشخصية تتطلّب عددا من الشروط من بينها نوع من القوة والكاريزما ونوع من اليقين المطلق. وهي شروط غير متوفّرة فيّ. فأنا أرفض أصلا تبنّي حقائق مطلقة، ولست مهيّئا لإقناع الآخرين بها.
يشير الفرنسي “فيليب هامون” في مؤلفه نصّ وإيديولوجيا” إلى دور السخرية كأسلوب في التفكير في تحرير السارد والشخصية من عمى الرؤية الإيديولوجية فهي طاقة نقدية لا تنضب كما يؤكّد أمبرتو إيكو على قيمة الرحلة والاستكشاف والتحقيق في الرّواية على اعتبارها دالة على رغبة المعرفة لا على وجود معرفة سابقة؟
هذا صحيح بالتأكيد فأنا من أشدّ المعجبين بالروائي “جورج سيمون” الذي اعتبره أهمّ كاتب في القرن العشرين، فهو الذي جعل شخصية المحقّق “ميغري” صورة قويّة لهويّة الرّوائيّ الحقيقية الذي يبحث ويحقّق ويسأل. روائي أو محقّق تستوي أمامه كلّ الشخصيات، على خلفية أنّ الجميع متّهم ولا أحد بريء مطلقا من الخطأ والانحراف مهما كانت طبيعته، حارس العمارة مثلا أو رجل الدّين فيها.
أعطيك مثلا في تركيب الجملة مثلا أنا أتعمّد أن تكون بسيطة محايدة ليس فيها انفعال زائد، وغير مبرّر، أي لا تحمل موقفا قبليا بمعنى أنّها جملة متحفّزة، مفتوحة، متسائلة، جملة غير يقينية وهذا دليل يؤكّد كلامك.
يبدو كلّ شيء مقصودا في الكتابة الرّوائية لديك إلى درجة تبدو معها لغتك اقتصادية متقشّفة حتى لتبدو تقريرية”صحفية”.. هل يعكس هذا الأمر مشاكل لديك مع اللّغة؟
أواجه مشكلات كبيرة…
أصعب شيء عندي وصف شخص ما أو مكان، وشخصيا أجد صعوبات في الوصف. ولعلّ ذلك راجع إلى عدّة أسباب من بينها أنّ عمليات تجديد اللّغة العربية وتجدّدها تتمّ على نحو بطيء.
أعطيك مثلا، أريد تسمية ذلك الجزء من العالم الجنسي الخاص بالمرأة فلا تمنح لي العربية سوى نعوت غريبة وقديمة وغير متجدّدة مع العصر.
في جيلك من الروائيين والكتاب الذي توجّهوا في سبل مختلفة في التعامل مع الكتابة والسلطة تعدّ أكثرهم حدّة وممانعة فأنت تعيش من الكتابة، وتعلن معارضة فكرية وسياسية، حتّى أنك رفضت جائزة الرّواية العربية في الدورة الثالثة لملتقى الرّواية العربية بالقاهرة لأسباب سياسية أعلنت عنها بوضوح، هل يدلّ ذلك على رغبة ذاتية في النقاء والصفاء الإيديولوجيين؟
النقاء غير موجود أصلا إنّه مجرّد تصوّر ذهني…
لقد اخترت أن أعيش من الكتابة، وعلى مسافة من الارتباطات والسلطة اخترت أن يكون لي رأي مستقل وشخصيا أنا لا أنقاد بسهولة إلى رأي ما لم أفحصه. أمّا اختياراتي الفكرية والسياسية فهي لا تلزم أحدا غيري.
هل تعتقد أنّه من السهل على الكاتب العربي أن يعيش من الكتابة، وأن يستمرّ في معارضته لنظام بلده مثلا فمعظم الكتاب مدرّسون أو موظّفون في وزارات الدولة أو إعلاميون في مؤسسات حكومية؟
أنا أؤمن بالاستغناء….أي أنّ الإنسان يمكن له(إذا أراد) أن يستغني عن أشياء تبدو للآخرين ضرورية.
هل تعلّمت هذا من السجن؟
ربما، ولكنّ السجن يمكن أن يعلّم الطمع والانتهازية أيضا. فيما يخصني وضعت لنفسي منهجا واختيارات أنا مقتنع بها هذا من جانب ومن جانب آخر، أنا ليس لديّ أطفال. لقد تزوّجت امرأة أحببتها وكانت لديها طفلة فقلت “خلاص” أنا لست محتاجا لأطفال آخرين. وبالإضافة إلى ذلك كانت زوجتي تعمل ولها راتب قارّ، وكنت حين أترجم كتابا مثلا أنتظر فترة للحصول على مقابل عملي….فنقوم بتبادل المواقع أنا وزوجتي فيما يتصل بالمصاريف اليومية.
تصوّر لو اخترت أن يكون لي أطفال مثلا، سأضطر للعمل واللّهاث على دخل قارّ لأضمن لهم التعليم والصحة ..إلخ
وشخصيا لا أتصوّر أنّه يمكن لي أن أخرج في مظاهرة بينما يكون طفلي بدون حليب. فالأولوية ستكون له. وسأكون مستعدّا لأن أعمل أيّ شيء لأجله، مستعدّ أن أكذب حتّى، فلعلّني كنت محظوظا حيث لم تفرض عليّ ظروف ما تدفعني لتعديل سلوكي.
يبدو من خلال كلامك أنك لا تريد أن تصبغ على هذه الاختيارات أية بطولة على اعتبار أنّنا نجد كتّابا يتشابهون معك في نفس الظروف، ولكنّ ذلك زاد في طمعهم وانتهازيتهم…. أعتقد أنّ الأمر عندك مقترن برؤيتك الفكرية لما يتعرّض له الإنسان من استلاب وإمكانية تحرّره عبر تجاوز ما صار ضروريا من الكماليات؟
ربّما.. لا أعرف.. ولكنّني أؤكّد أنّ الأمر يشمل الإنسان العربي والغربي أيضا فهو يتعرّض لضروب جديدة من الاغتراب في عصر العولمة، وهو اغتراب يعاش كنوع من الحرية الزائفة.
موقع الآوان