الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

قبل الرمي في «سلة المهملات»…

حسام عيتاني
عندما يلقي الرئيس محمود أحمدي نجاد قرارات الأمم المتحدة في سلة المهملات، يكون قد ألقى معها جهود عقود عدة لاستعادة الحقوق العربية والفلسطينية بالاستناد إلى الشرعية الدولية.
ويكشف كلام أحمدي نجاد الفصام الذي تعاني منه مواقف الدول العربية والإسلامية من المجتمع الدولي برمته. فمن ناحية تنحو الدول تلك صوب أعلى درجات الاستخدام الدعائي لقرارات الأمم المتحدة المنددة بالاحتلال والاستيطان وتغيير معالم الأراضي المحتلة، لكنها لا تتردد في الهُزء بما تتخذ المؤسسة الدولية عينها من قرارات تتعلق بحقوق الإنسان وتنظيم العلاقات بين الدول والالتزام بمعايير القانون الدولي. ويدخل في الباب هذا موقف الرئيس الإيراني من قرارات «تشبه مناديل قديمة».
صحيح أن إسقاط الهيئات الدولية وآراءها وقراراتها من اهتمامات قادة إيران ومن يؤيدهم عندنا، ليس بالأمر الجديد. فهؤلاء يبشرون منذ أعوام أن العالم لا يفهم غير لغة القوة، في رد على المواقف الإسرائيلية الصادرة عن تصور يلتقي في الجوهر مع رسم صورة لعالم تحكمه الوحوش ويذهب الضعيف فيه لقمة سائغة في وليمة القوى الدولية المستذئبة، على ما رأى وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك غداة هبوط جنوده على السفينة «مافي مرمرة» وقتلهم تسعة من الناشطين العزل برصاصات في الرأس والظهر.
بيد أن العالم المستذئب ودوله المتوحشة، أصدر عبر تجمع دوله جملة من القرارات التي لم يرَ العرب والمسلمون غير المطالبة بتنفيذها كوسيلة لاستعادة حقوقهم السليبة، بحسب ما أعلنوا وكرروا في قممهم الكثيرة واجتماعاتهم التي لا حصر لها ولا عدّ. وإذا كانت إسرائيل تزدري بالعالم من دون أن تناصبه العداء، بمعنى متابعة السعي إلى تعميق تحالفاتها مع دوله الكبرى والحفاظ على «شرايين الحياة» التي تربطها به، فإن مواقف الإيرانيين وعديد من العرب تدفع إلى التساؤل عن البديل المتاح في حال قرروا المضي على طريق استعداء الأصدقاء (كروسيا والصين) واحتقار المجتمع الدولي.
الرد المرجح والمتوقع هو القول بالاعتماد على الشعوب الحرة والقوى الحية في العالم بأسره بالتضافر مع بناء عناصر المنعة الذاتية، العسكرية والاقتصادية والسياسية، لخوض مواجهات وحروب لا مفر منها في آخر المطاف. والغلبة فيها محسومة لمعسكر المستضعفين والمقهورين في العالم. ولا يفتأ حلم وردي من الصنف هذا عن الكشف عن كابوس كالح السواد قوامه القمع والاستبداد والفقر، والعجز المستدام عن تحقيق شعارات يجري الحشد والتجييش في ظلها. وفيما تمثل حالة كوريا الشمالية (النووية) مثالاً أقصى للمسار المذكور، لا يصعب العثور على بذور كورية شمالية في العديد من دولنا العربية والاسلامية (غير النووية).
أما السؤال المُمض فيبقى عما يريده العرب والمسلمون من العالم وأين يريدون أن يقفوا منه: أعلى هامشه أو في قلبه؟ ولكل من الحالتين مقتضيات وضرورات. ومن يستاء من ظلم الأمم المتحدة وجور قراراتها أو على الأقل عدم قدرة العالم على تطبيق قرارات منظمته الدولية، لا يمكنه اتهام عدوه بانتهاك القوانين الدولية والقرصنة في المياه الدولية، طالما انه أخرج نفسه من منظومة العلاقات والضوابط تلك.
ولا يتعارض التمسك بالشرعية الدولية مع بناء القوة الذاتية والعمل على تغيير موازين مختلة بكافة السبل الممكنة، بل أن الثاني مدخل إلى الأول، لكن يتعين في البدء التوقف عن الترويج لتفكير تدحضه الممارسة السياسية اليومية.
الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى