صفحات العالم

إسرائيل وكردستان: علاقة غرامية متواصلة

هي «الأسطوانة نفسها». حكاية جديدة عن تغلغل الموساد في كردستان. بل تجسيد لهذه «العلاقة الغرامية المتواصلة» عبر بعثة دائمة تعمل هناك منذ عقد من الزمن. قادة الأكراد، كعادتهم، ينفون أيّ ارتباط لهم بإسرائيل، هم الذين باتوا «بيضة القبّان»، التي تحسم عند كل مفترق مصيري في بلاد الرافدين
إيلي شلهوب
الاسم: إليعيزر تسفرير. الصفة: الرئيس المنتهية ولايته لبعثة الموساد إلى كردستان العراق. المناسبة: مقابلة مع إذاعة الجيش الإسرائيلي. الموضوع: «علاقة الغرام» التي تجمع إسرائيل بالأكراد، الذين لا تزال قيادتهم تنفي أيّ علاقة لها مع الدولة العبرية، رغم التقارير والوثائق والصور والتصريحات الرسمية الإسرائيلية، التي تؤكد أنّ هذه الحكاية بدأت منذ ثلاثينيات القرن الماضي، ولا تزال مستمرة إلى يومنا هذا.
ويمكن تقسيم علاقة إسرائيل بالقيادة الكردية إلى مراحل أربع: 1ـــــ التأسيس (1931 ـــــ 1965) وكان بطلب كردي وجد فيه الإسرائيليون مصلحة، أقلّها تأمين هجرة اليهود العراقيين. الاستجابة الإسرائيلية كانت جزءاً من تطبيق «استراتيجية الأطراف»، التي تفترض ضرورة إقامة علاقات وتحالفات مع الدول والقوميات الطرفية غير العربية. 2ـــــ تدفّق الدعم (1965 ـــــ 1975)، أي فترة انطلاق المعارضة الكردية ضد الحكومة العراقية. وقتها، كانت الغاية الإسرائيلية تتلخص في الضغط على حكومة بغداد وإشغالها عن الصراع العربي الإسرائيلي، فضلاً عن مساعدة إيران الشاهنشاهية التي كانت لها مصلحة في إضعاف العراق. 3 ـــــ العودة (1991 ـــــ 1999) أي بعد حرب الخليج الثانية، بهدف إقامة كيان كردي مستقل يمثّل قاعدة متقدمة في وجه إيران الإسلامية، وبغداد الصدامية لمنعها من توجيه ضربة لإسرائيل. وقد انتهت هذه المرحلة مع اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، مع ما رافقه من موجة غضب كردية حمّلت الموساد مسؤولية هذا الاعتقال. 4 ـــــ المأسسة (2003 ـــــ ….)، والغاية إقامة دولة كردية مستقلة تسيطر على نفط كردستان ومعها كركوك، بما يؤمّن للدولة العبرية حاجتها من هذه المادة الحيوية، فضلاً عن الحفاظ على «حياد» العراق وإبقائه ضعيفاً مجزّأً خارج معادلة القوة العربية.
أهمية مقابلة تسفرير أنها تتحدث عن هذه المرحلة الأخيرة، وعلى لسان شخص عايشها، وكان مسؤولاً ميدانياً عن تطبيقها، بل يمثّل تجسيداً بشرياً لها. أمّا اللافت فيها، فالحديث عن نوع من الأسلحة التي زوّد الإسرائيليون الأكراد بها، والتي يُفترض بأنها مخصصة لقتال القوات التركية (مضادات الطائرات)، وبدء الحديث عن ضرورة إشهار هذه العلاقة التي كان يحرص الإسرائيليون على إبقائها سرية خشية غضب تركيا، يوم كانت هذه الأخيرة حليفاً استراتيجياً للدولة العبرية.
في المقابلة المذكورة، التي بُثّت الخميس الماضي، يقول تسفرير إنّ «الأكراد العراقيين يتميّزون بالاعتدال الديني، وأيضاً بصورة عامة باعتدال هو نوع من الاندماج، فكل الإسرائيليين الذين كانوا هناك، على مدى عشر سنوات، أي المدة التي ساعدناهم فيها ولم يكن عددنا قليلاً، حيث إنّنا نتحدث عن بعثة للموساد طوال عشر سنوات في كردستان، كلّهم عادوا محبّين للأكراد، وببساطة إنه شعب خاص من نوع مدهش، لكن مع كل الأسف فإنّ الحدود الإمبريالية عزلتهم عن إخوانهم في تركيا وفي إيران، كما أن هناك مليوناً أو مليونين في سوريا وفي مناطق أخرى».
ويضيف تسفرير، رداً على سؤال عن «العلاقة الغرامية المتواصلة التي نقيمها مع الأكراد»، «منذ سبع سنوات، عندما ألّفنا وفداً دائماً إلى كردستان العراق، لغايات مصلحية واضحة ومهمّة لنا، غضب الأتراك كثيراً، وعبّروا عن احتجاجهم وعن غضبهم وعن معارضتهم»، مشيراً إلى «أننا أرسلنا وفداً ضمّ، في بعض الأحيان، مستشاراً عسكرياً، وزوّدنا الأكراد بالسلاح، وبصورة أساسية، بمدافع ميدانية وبمدافع مضادة للطائرات، ودرّبناهم هناك في كردستان وهنا في إسرائيل، كما درّبناهم في قواعد إيرانية (مجاهدي خلق)، ولدينا هناك مشروع إنساني مميز، وهو مستشفى ميداني تابع للجيش الإسرائيلي في كردستان».
ويشدد تسفرير، رداً على سؤال عما إذا كان الوقت قد حان «للقيام بما وجب علينا القيام به منذ زمن، أي الاعتراف بالأكراد، والاعتراف بحقوقهم، والاعتراف باستقلالهم، وإقامة علاقات دبلوماسية معهم» وذلك بعد توتر العلاقات الإسرائيلية ـــــ التركية، «يبدو لي أننا نخلط قليلاً بين هذا، وبين الاعتراف بالموضوع الأرميني، يجب التفريق بين هذين الأمرين. لقد قلت إنّ لتركيا حساباً طويلاً يجب عليها أيضاً تسويته مع أكرادها. نحن لا نتدخل في هذه الأمور، لقد قدمنا كل مساعدتنا إلى الأكراد في العراق، ويبدو لي أنّ التعاطف الإسرائيلي معروف وممنوح للأكراد حيث هم هناك. وبالمناسبة، هناك معطيات جينية تقول إنه ربما لدينا رابط حمض نووي وصلة دم قديمة مع الأكراد عموماً. بالنسبة إلى الأكراد في تركيا، لا أعلم بما أجيب».
ويتابع تسفرير «هناك نحو 10 ملايين كردي في غرب إيران، ولم نتعاطَ معهم في عهد الشاه بسبب حساسيات تجاه نظام الشاه، ولا في عهد النظام الإسلامي المتطرف. وعموماً هناك مأساة كردية تاريخية، لدينا نحو 30 مليون كردي وربما أكثر، أي أكثر من اليهود والفلسطينيين الذين يحدثون كلّ هذه الضجّة في العالم، وحتى الآن لم يصلوا إلى حل لمشكلتهم القومية».
«أسطوانة تعبنا منها»
رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان الدكتور فؤاد حسين يقول، رداً على استفسار عمّا جاء في المقابلة، «لا أعرف هذا الشخص ولا أعرف هذا الخبر. يتكلمون كثيراً عن هذا الموضوع. لا اعتقد أنّ هذه الأخبار صحيحة. هي تُنشر من حين إلى آخر. الجواب معلوم. لا وجود للموساد في كردستان. إنها مجرد أسطوانة قديمة تجدّد نفسها. حكايات مفبركة». وأضاف، رداً على سؤال عن السبب الذي يدفع الإسرائيليين إلى «فبركة حكايات» كهذه، «لا أدري. المعلومات المطروحة عجيبة غريبة. هناك على سبيل المثال عشرات المستشفيات في كردستان، فلماذا نحتاج إلى مستشفى إسرائيلي؟ وإذا كان هناك
مستشفى، فهذا يعني أنّ هناك أطباء وممرضين ومرضى، وهم بالتأكيد بالعشرات. أين كل هؤلاء. وتعرف أنّ كردستان مفتوحة أمام الجميع، سيّاح وصحافيين وبعثات دبلوماسية وشركات».
أما رئيس دائرة العلاقات الخارجية في مجلس وزراء الإقليم، فلاح مصطفى، فيؤكد بنبرة المستاء أنّ «إقليم كردستان جزء من العراق، ولا علاقة له مع إسرائيل لا سرية ولا علنية. ليس لدينا شيء لنخفيه أو لنخاف منه، لكن تعبنا من هذه الأسطوانة».
القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني، سعدي أحمد بيرة، يقول إنّ «هذا لا يحتاج إلى تحقيق. الخبر عارٍ من الصحة. لا علاقة لإسرائيل بكردستان. الرأي الرسمي منذ فترة طويلة يؤكد أنّ الأطراف المناوئة للقضية الكردية تفبرك هذه الأخبار للإضرار بعدالة هذه القضية». ويضيف إنّ «العلاقة بإسرائيل غير موجودة ولن تكون موجودة إلا عبر بغداد بعد تبادل السفارات بينها وبين تل أبيب»، مشدداً على أن «لا رغبة في فتح علاقة مع النظام الإسرائيلي، ولا نشغل بالنا أصلاً في هذه القضية. هذه مواضيع تافهة».
أما القيادي في الحزب الديموقراطي الكردستاني، عبد السلام برواري، فيقول، بعد أن يستفسر عن اسم رئيس البعثة الدائمة لـ «الموساد»، «أنا بعيد عن الملف العسكري. لا أتصور وجود شيء من هذا القبيل. إنه أمر خطير ولا يمكن إخفاؤه. لا أصدّق أن مثل هذا الشيء يمكن أن يكون موجوداً في كردستان».
في المقابل، تؤكد مصادر من مركز القرار في بغداد أن «الأكراد لا يخفون علاقتهم بالإسرائيليين. لهم منطقهم الخاص في هذا الشأن. يحاججون بأنّ دولاً عربية كثيرة، بينها مصر والأردن، فتحت سفارات وأقامت علاقات مع الدولة العبرية، فلماذا تعطى هذه الدول هذا الحق ويحرمون هم إيّاه؟». وتضيف «في أقصى الحالات، إذا كان السؤال محرجاً جداً، يكون الجواب: كانت لدينا علاقات مع إسرائيل، أمّا اليوم، فلا».

هكذا بدأت الحكاية
في المقابل، فإنّ المؤرخين والوثائق التي كُشف النقاب عنها خلال السنوات الماضية، يؤكّدون أنّ العلاقة الإسرائيلية مع قادة الأكراد تعود إلى عام 1931، إلى ما قبل قيام دولة إسرائيل. وقتها، كان للوكالة اليهودية مندوب اسمه روفين شيلو، يقيم في جبال كردستان، ويتحرك تحت غطاء عمله الصحافي.
ولعلّ المرجع الأهم في هذا الإطار هو الكتاب التوثيقي «الموساد في العراق ودول الجوار، انهيار الآمال الإسرائيلية الكردية»، للكاتب اليهودي الأميركي شلومو نكديمون، الذي يؤكد أنّ «علاقة الأكراد بالإسرائيليين بدأت منذ عام 1943 وتعمقت بعد قيام الدولة العبرية، وساعدت إسرائيل الأكراد في معاركهم مع الأنظمة العراقية منذ أيام الملكية وما بعدها، وقد أمدّتهم أكثر من مرّة بالسلاح والأغذية والمعونات الصحية، والأموال، وأنّ ممثلين من الموساد الإسرائيلي زاروا المواقع الكردية في شمال العراق في فترة الستينيات، وكانت الاتصالات بينهم تجري عبر طهران في ظل حكم الشاه، وعبر العواصم الأوروبية، وخاصةً في باريس ولندن»، مشدداً على أن الزعيم الكردي الراحل مصطفى البرزاني زار إسرائيل مرتين، والتقى هناك القادة الإسرائيليّين وقادة الموساد في أواخر الستينيات.
ويضيف نكديمون إنه «في فترة الخمسينيات، بدأت العلاقات مع إسرائيل تأخذ شكلاً عملياً»، مشيراً إلى أنها كانت تجري «عن طريق ثلاث قنوات، أولاها الاستخبارات الإيرانية، وثانيتها نشاط الأكراد في أوروبا مع السفارات الإسرائيلية، وثالثتها علاقة (مصطفى) البرزاني بصديقه القديم موريس فيتشر، سفير إسرائيل في روما». ويتابع أنّ «البرزاني رأى ضرورة الاتصال بإسرائيل بطريقة مباشرة منذ عام 1963 لتساعده على تحقيق حلم الأكراد في بناء حكم ذاتي، بعدما فشل مع الحكومات العراقية… ولذلك استعان بشخص يدعى بدير خان من الاستخبارات الإيرلندية».
«هنّئوا إسرائيل لاحتلالها بيت المقدس»
وعلى مدى 12 عاماً (1963 ـــــ 1975) «عمل إلى جانب مصطفى البرزاني وفد استشاري إسرائيلي كان يُغيَّر كل ثلاثة أشهر، وعلى رأس هذا الوفد كان مندوب الموساد، وإلى جانبه ضابط عسكري من الجيش الإسرائيلي، إضافةً إلى مستشار فني خاص. وكان الموساد والمستشارون الإسرائيليون يقدمون المساعدة إلى البرزاني لتعلّم أساليب الحرب الحديثة، وغالباً ما كان الإسرائيليون يصطحبون وفداً طبياً للإسهام في معالجتهم. وكان الإسرائيليون في كردستان يجهدون للظهور بمظهر الأكراد، على الأقل في لباسهم»، بحسب المصدر نفسه.
وذكر نكديمون أنّ «البرزاني احتفل مع الإسرائيليين فوق جبل كردستان بدخولهم القدس عام 1967 بذبح كبش علّق فى رقبته شريطاً من اللونين الأزرق والأبيض، رمزاً للعلم الإسرائيلي، وكتب عليه: هنئوا إسرائيل لاحتلالها بيت المقدس».
هذه العلاقة يؤكّدها أيضاً الباحث الأميركي أدوموند غاريب في كتابه «القضية الكردية في العراق»، الذي يكشف أنه «في عام 1972، كان الأكراد ينقلون معلومات شاملة عن الجيش العراقي إلى كل من الاستخبارات الإيرانية والإسرائيلية». فضلاً عن عملية تهريب اليهود العراقيين التي جرى القسم الأكبر منها في أوائل السبعينيات عبر كردستان العراق إلى إيران فإسرائيل.
وقائع كشف جزءاً منها محمد حسنين هيكل، الذي نقل عن عقراوي وعبيد الله البرزاني (وكانا على خلاف مع مصطفى) قولهما إن «الإسرائيليين يرافقون الملا مصطفى باستمرار، ويتصلون مباشرةً باللاسلكي مع إسرائيل، ويقومون بأعمال تجسس في العراق».
بدوره، كتب الصحافي الأميركي جاك اندرسون أنّ «ممثلاً سرياً لإسرائيل كان يتغلغل عبر الجبال في شمال العراق شهرياً خلال هذه الفترة لتسليم مصطفى البرزاني مبلغ 50 ألف دولار من إسرائيل».
وكان أول اعتراف إسرائيلي رسمي بالتعاون الإسرائيلي مع قادة أكراد العراق في 29/9/1981 عندما انهارت حركة البرزاني. وقتها أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن أن «إسرائيل قدمت الدعم إلى البرزاني طوال عشر سنوات من عام 1965 إلى عام 1975»، عندما اتفقت بغداد الصدامية وطهران الشاهنشاهية على الأكراد.
الأولوية لـ … تركيا
غابت إسرائيل عن كردستان، من دون أن تنقطع علاقتها مع القيادة الكردية، حتى حرب الخليج وإقامة منطقة كردية شمالية تخضع لحماية قوات التحالف. وقتها عاد الدعم والوجود الإسرائيلي إلى كردستان، حيث بقي سرياً مخافة إثارة غضب تركيا.
حجة العودة كانت حملة القمع التي شنها نظام صدام ضد الأكراد عقاباً لهم على مساعدتهم قوات التحالف في الحرب. وقتها، أطلقت المنظمات اليهودية حملة في كل أنحاء العالم لجلب مساعدات إلى الأكراد. ومع ذلك، فإن الأولوية الإسرائيلية في هذه المرحلة كانت للعلاقات مع تركيا «التي يجمعنا معها خطر واحد هو الإرهاب» بحسب تعبير بنيامين نتنياهو في 1997. أبرز دليل على هذا الترتيب للأولويات كان سلسلة الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية على مخيمات حزب العمال الكردستاني في البقاع اللبناني خلال عدوان عناقيد الغضب، فضلاً عن المساهمة الكبرى للموساد في اعتقال أوجلان، وذلك بحسب دراسة مطوّلة لسيرغي مينازيان عن العلاقات الإسرائيلية الكردية.
الموقع Z
التغلغل الإسرائيلي في كردستان تكثّف قبيل غزو العراق في 2003. وما كاد عام 2004 يطلّ برأسه حتى تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن لقاء عُقد بين مسعود البرزاني وجلال الطالباني مع رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون، الذي أكد علناً على العلاقات الممتازة مع الأكراد.
وكشفت صحيفة «ميلييت» التركية، في 11/12/2003، أنّ شخصيات إسرائيلية قدمت قروضاً ميسّرة للقيادة الكردية بقيمة 300 مليون دولار، وذلك لشراء أراضي العرب والتركمان في شمال العراق.
وأكدت مصادر الجبهة التركمانية، حسبما نقلت «الجزيرة» يوم 27/6/2004، أنّ مئات اليهود الأكراد أخذوا يشترون أراضي واسعة في مدينة كركوك وضواحيها بخمسة أضعاف أسعارها الحقيقية. وتضيف «رافقت شراء الأراضي هجرة كردية واسعة إلى مدينة كركوك، حيث يقدّم الحزبان الكرديان مخصصات مالية قدرها 200 دولار شهرياً لكل عائلة كردية تنزح إلى كركوك. وهذه الأموال إنما هي دعم يقدمه الموساد الإسرائيلي للأكراد العراقيين في مقابل تسهيلهم عملية نقل اليهود الأكراد إلى شمال العراق».
وتحدث تقرير لموقع «الجزيرة» عن أنّ «طواقم استخبارية أمنية إسرائيلية تقيم منذ احتلال القوات الأميركية للعراق في مناطق الشمال بالتنسيق مع سلطات الاحتلال التي تحضر لإقامة محطات استخبارية متطورة تغطي منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط وإيران»، مشيراً إلى أن «الإسرائيليين سجّلوا هناك حضوراً لافتاً للانتباه عام 2005».
ويفيد تقرير «الجزيرة» أن «حلقة الضغط من أجل علاقات طبيعية ومتميزة بين بغداد وتل أبيب تتكوّن من ست شخصيات تدير الاتصالات السرية مع إسرائيل. وتتردّد هذه الشخصيات على انفراد على تل أبيب عبر مطارات أوروبية ومن تركيا، ومنهم مسعود البرزاني وجلال الطالباني ورئيس ميليشيات البشمركة، الذي اعتاد زيارة إسرائيل عندما أقام في مستشفياتها في آب 2004». ويضيف إنّ «إياد علاوي وافق، عندما كان رئيساً لوزراء العراق، على فتح سفارة لإسرائيل قرب السفارة الأميركية في منطقة القصر الجمهوري»، مشيراً إلى أن «الطالباني دعا في مقابلة له مع قناة إسرائيل الثانية رجال أعمال إسرائيليّين إلى الاستثمار في العراق».
ولعل أشمل التقارير الحديثة ما نشرته «يديعوت أحرونوت» في 1 و2 كانون الأول 2005، إذ قالت إن «الشركات الإسرائيلية بنت في منطقة صحراوية نائية في شمال العراق موقعاً سرياً يتخذ الرمز (Z)، يستخدم لأغراض تدريبية». وأضافت إنّ وحدات من قوات النخبة الإسرائيلية بدأت عملياً التدفق إلى شمال العراق عام 2004 عبر الحدود التركية، حيث كانوا يتظاهرون بأنهم مهندسو طرقات وخبراء زراعيون. بقي الأمر يجري على هذا النحو إلى أن أدرك الأكراد أنّ الاستخبارات الإيرانية كشفت الموقع Z، وخشوا من أن تختطف بعض الإسرائيليين، ويتحول الأمر إلى فضيحة، فأغلقوه.
هناك أيضا التقرير الشهير لسيمور هيرش في «نيويوركر» في حزيران 2004، الذي أكد أنّ الإسرائيليين «يدرّبون وحدات الكوماندوس الكردية، ويقومون بعمليات سرية في المناطق الكردية في سوريا وإيران».
ومن المؤشرات على العلاقات الحميمة التي تربط الأكراد بالإسرائيليين صدور مجلة «ئيسرايل ـــــ كورد» (إسرائيل ـــــ كرد) في كردستان في تموز 2009.
ويقول وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، آفي ديختر، في محاضرة عن الدور الإسرائيلي في العراق بعد احتلاله عام 2003، «لقد حقّقنا في العراق أكثر مما خطّطنا وتوقعنا»، مشيراً إلى أنّ «ذروة أهداف إسرائيل هي دعم الأكراد بالسلاح والتدريب والشراكة الأمنية لتأسيس دولة كردية مستقلة في شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان». ويضيف إنّ «هناك التزاماً من القيادة الكردية بإعادة تشغيل خط النفط من كركوك إلى خط IBC سابقاً عبر الأردن، وقد جرت مفاوضات أولية مع الأردن، وجرى التوصل إلى اتفاق مع القيادة الكردية، وإذا ما تراجع الأردن، فهناك البديل التركي، أي مدّ خط كركوك ومناطق الإنتاج الأخرى في كردستان إلى تركيا وإسرائيل، أجرينا دراسات لمخطط أنابيب للمياه والنفط مع تركيا، ومن تركيا إلى إسرائيل».

http://www.al-akhbar.com/ar/node/197252
الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى