في سورية ممنوع عليك أن تنتقد إيران أيضاً
زين الشامي
أعرف الكاتب والناشط في «إعلان دمشق»علي العبد الله منذ أعوام طويلة، وهي معرفة تؤهلني للقول ان هذا الرجل شفاف لدرجة البراءة، وصلب وعنيد مثل اولئك الذين يعتقدون أنهم خلقوا ليؤدوا مهمة كبيرة، لكن هذه الصلابة سرعان ما تتحول إلى مرونة خلال النقاش والحوار السياسي، ولأنه بهذه المواصفات فقلما وجدت أن هناك شخصاً واحداً فقط على خصومة معه، على العكس تماماً، كل من يعرف علي العبد الله يحترمه ويحبه ويقدره.
لكن هذا الشخص دفع غالياً ضريبة أخلاقه وشعبيته بين النشطاء والمعارضين السوريين، ونتيجة مواقفه السياسية الواضحة ازاء النظام، ليس ذلك فقط، لقد دفع علي العبد الله ضريبة مواقفه السياسية وآرائه من النظام الإيراني وولاية الفقيه، كما لو أنه مواطن إيراني، نعم، لقد أعادت هذه السلطات علي العبد الله إلى سجن عدرا رغم انتهاء محكوميته البالغة عامين ونصف العام التي قضاها، ووجهت إليه اتهامات جديدة بإضعاف الروح القومية و«نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة»، و«تعكير صفوة العلاقات مع دولة أجنبية»على خلفية مقال كان قد كتبه خلال وجوده في السجن عن العلاقات السورية الإيرانية حيث انتقد نظام ولاية الفقيه في إيران الذي يمنح صلاحيات سياسية مطلقة لشخصية دينية.
لكن ما يثير في هذه الاتهامات أنها أتت، كما قلنا، من السلطات السورية، وإذا افترضنا أن ذلك ليس صحيحاً، فما هذه الذريعة الواهنة لسجن ناشط ومعارض سوري على خلفية انتقاد نظام ولاية الفقيه في وقت يقوم به نشطاء إيرانيون بتوجيه انتقادات قوية لنظام ولاية الفقيه والرئيس محمود احمدي نجاد من داخل إيران نفسها، ويتظاهرون ويهتفون دون أن تقوم السلطات الإيرانية، بتوجيه اتهامات مماثلة لهم؟
كلنا يعرف أن غالبية السجناء الإيرانيين اليوم ممن هم من المعارضة قد تم سجنهم لدورهم الكبير في التظاهرات الكبيرة التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات الإيرانية، وهو ما أشعر النظام الإيراني بخوف وخشية كبيرين على مستقبله، لكن أن تقوم السلطات السورية بسجن سوري لمجرد أنه انتقد نظام ولاية الفقيه، فهذا لعمري غريب ولم يحصل في تاريخ سورية لا القديم ولا الحديث!
ان ما حصل لا يعبر ولا يعكس علاقة تحالفية بين دمشق وطهران، بل يعكس نوعاً آخر على حساب مواطن سوري شريف وحر وصاحب رأي، وان ما حصل ينتهك معايير السيادة الوطنية. فالنظام الذي لا يقبل على منظمات حقوق الانسان الدولية أن تطالب أو تتدخل لصالح سجين رأي في سورية بحجة السيادة، والنظام الذي لا يقبل أن يتدخل الرئيس الفرنسي نيقولاي ساركوزي، أو وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بسبب الحجة نفسها «السيادة»، عليه ألا يسجن مواطنيه بسبب قول رأيهم السياسي والفكري في ظاهرة وحالة تهم كل المواطنين العرب، ونقصد الشأن الإيراني والنظام السياسي فيه.
ثم من ناحية ثانية كيف يمكن لمقالة في صحيفة أو موقع الكتروني لم تقرأها غالبية من السوريين لأنها حجبت عنهم، كيف يمكن لمقالة أن توهن نفسية الأمة العربية كلها، وكيف يمكن لمقالة رأي أن تساهم في تعكير العلاقات بين دولتين صديقتين في وقت لم تستطع الولايات المتحدة وكل الدول الغربية التي ضغطت على النظام السوري من أجل فك عرى هذه العلاقة، نقول كيف يمكن لمقالة عادية لم يقرأها إلا العشرات ان تعكر صفو هذه العلاقة وهذا التحالف الذي يمتد على أكثر من ثلاثة عقود من الزمن؟
منطق غريب، اتهامات غريبة، وشعب سوري مسكين لا حول له ولا قوة. نحن شعب نريد أن نعيش دون خوف، دون سجن لمجرد أننا نكتب أو نتكلم أو نفكر، أو ننتقد نظام ولاية الفقيه.
الراي