صفحات سورية

سوريا لم تلعب بكل أوراقها بعد

null
إيان بلاك/الجارديان
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
يمكن للرئيس السوري أن يحظى بلحظة هدوء و مباركة للنفس في نهاية هذا الأسبوع عندما يحتفل بالذكرى العاشرة لتوليه السلطة. لقد كان والده حافظ الأسد مثالا، صعب أن يحتذى في بيئة صعبة و لكن الأسد الإبن قد ذهب في طريق تحديث البلاد بعد سنوات من العزلة.
إن سوريا تتجارى حاليا مع السياح الأجانب الذين يمكن لهم أن يتمعوا بالقنادق الحديثة في دمشق, و أنابيب الشيشة في مقاه جميلة و مناظر خلابة في تدمر و قلعة الحصن. إن أقدم عاصمة على وجه الأرض لديها حاليا سوق للأوراق المالية وهو أمر بعيد كل البعد عن أسلوب الحقبة البعثية و عن الشعارات حول ” قلب العروبة النابض”.
الأسد الذي سيبلغ ال 44 من العمر, أكثر الزعماء العرب ذكاء في الإعلام, على الرغم من أن وزارة الإتصالات السورية هي إمتداد للحقبة الأكثر صرامة وسيطرة. و زوجته أسماء من سلالة الجمهورية الحديثة و تعمل جاهدة على دعم منظمات المجتمع المدني.
وبالتأكيد فإن الرئيس راض عن شئون سوريا كما أظهرت شخصيات مهمة من الولايات المتحدة و أوروبا من الذين يأمون القصر الرئاسي بشكل يومي تقريبا في جبل قاسيون.
بشكل أقل غموضا من والده – أبو الهول دمشق- يعتبر الأسد الإبن لاعبا رئيسا في الشرق الأوسط. إنه شخص قومي فخور و مؤيد للفلسطينيين و يريد بشكل جاد – ولكنه فشل لحد الآن- تحقيق تقارب مع الولايات المتحدة. إن السلام مع إسرائيل و عودة الجولان المحتل تبقى أمورا بعيدة المنال. و لكن العلاقات القريبة مع إيران و دعم الجماعات الإسلامية مثل حماس و جماعة حزب الله الذين يعتبرون جماعات إرهابية على طرفي الأطلسي و لكنها منظمات مقاومة في دمشق تجعل من سوريا بعيدة عن التيار الموالي للغرب و أقرب إلى التيار العربي المحافظ. بالنسبة لبعض المراقبين لسوريا فإن هذه الأمور تعتبر أوراقا قيمة ستطرح في الوقت المناسب. و لكن وقت طرح هذه الأوراق أمر صعب التنبؤ به.
لقد نجح الأسد بتدبر أمر خروج سوريا المهين من لبنان بعد إغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005. إن أثر ثورة الأرز في بيروت التي تعتبر تنبيها للطرق البديلة لتغيير النظام بعد غزو العراق كان محدودا جدا في نهاية الأمر. إن المحكمة الدولية و المختصة في التحقيق بمقتل الحريري تبدو متعثرة و لا يبدو أنها سوف تشير بأصابع الإتهام إلى مسئولين سوريين رفيعي المستوى. يبدو أن لدمشق تاثيرا في لبنان أكثر من أي وقت آخر, ناهيك عن العلاقة القوية التي تربط سوريا بحزب الله. حتى وليد جنبلاط الزعيم الدرزي الذي اغتيل و الده على يد العملاء السوريين يشيد بالأسد في هذه الأيام. و لاعجب أن المزاج متفائل جدا في جبل قاسيون.
قبل 10 سنوات كانت الآمال مرتفعة جدا في أن الأسد – مستفيدا من التعليم البريطاني و الإهتمام بالكمبيوتر- سوف يقوم بالتخفيف من القبضة القوية التي كان يفرضها والده. وفي ربيع دمشق القصير الذي تلى توليه لمنصبه تم إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين و سمح بالحوار. و لكن غريزة القمع كانت أقوى من الضغط باتجاه الليبرالية. و قد ترافقت الأمور مع أحداث 11-9 و الإطاحة بصدام.
و لكن السوريين يحبون الإشارة إلى التقدم: إن لصحيفة الوطن ميزة أنها الصحيفة الخاصة الوحيدة في البلاد. و هي تفخر بأنها صحيفة ناقدة أكثر من كونها وسيلة إعلام حكومية مترهلة. و لكن المشكلة الحقيقية هي أنها مملوكة من قبل نسيب الأسد و هو من أكثر رجال الأعمال قوة في البلاد.
لقد عاد القمع مع وجود المشبوهين المعتادين مثل المحامين و ناشطي حقوق الإنسان تحت غطاء قوانين الطوارئ بوجود الإحتجاجات المعتادة من قبل الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي, الذين لا زالوا ينتظرون أن تقوم سوريا باللعب بهذه الأوراق. إن الدرس كما يقول أحد المثقفين الذي يوجه النقد بشكل خاص لرئيسه بسيط :” قبل 5 سنوات كانت الأمور تبدو سيئة لهذا النظام مع كل من لبنان والعراق و بوش و المحافظون الجدد. و لكن أنظر لآن هل هؤلاء الأشخاص أذكياء جدا أم أن باقي العالم بحاجة إليهم حقا؟ “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى