صفحات سورية

بشار الأسد.. نجاح للسياسة الخارجية وغياب للإصلاح الداخلى

null
رولا خلف- «فاينانشيال تايمز»    ١٣/ ٧/ ٢٠١٠
البقاء فى السلطة لعقد من الزمن فى الشرق الأوسط، حيث يبقى الحكام فى السلطة مدى الحياة، ليس إنجازا. ولكن فى حالة الرئيس السورى بشار الأسد فإن البقاء فى الحكم ولو لفترة أقل لم يكن مضموناً أبداً.
عندما تولى بشار الرئاسة بعد وفاة والده، كان طبيب العيون ذو الأربعة والثلاثين عاماً محاطاً بحرس قديم غير مقتنعين بشرعية حكمه. وهذا الأسبوع تمر ١٠ سنوات على تولى بشار الرئاسة مؤكداً سيطرته على السلطة بعد إبعاد أعدائه الداخليين. والتهديدات الخارجية التى أحاطت بنظام حكمه فى السنوات الأولى تبددت أيضاً.
عندما غزت الولايات المتحدة العراق فى ٢٠٠٣، كانت سوريا مقتنعة بأن دورها هو التالى. وبعدها بعامين ازدادت الخطورة مع ظهور أزمة لبنان. واضطر الأسد إلى إنهاء التواجد السورى فى لبنان الذى استمر حوالى ٣٠ عاماً بعد مقتل رئيس الوزراء اللبنانى الراحل رفيق الحريرى. ومع تصاعد الغضب الدولى واللبنانى، نظمت الأمم المتحدة تحقيقاً دولياً وسط تكهنات بأن دمشق تقف وراء مقتل الحريرى.
ورغم ذلك، جاءت أخطاء الولايات المتحدة فى مصلحة الأسد، حيث تحول احتلال العراق إلى فوضى. وأدرك القادة الأوروبيون أن العزلة المفروضة على سوريا دون جدوى. فمع زيادة الضغوط الدولية، وجدت دمشق مخرجاً فى إثارة التوتر فى العراق ولبنان والتقرب من إيران. وبوصول باراك أوباما إلى رئاسة الولايات المتحدة، أدركت واشنطن أن الحوار مع سوريا يستحق المحاولة. وتحولت حظوظ سوريا فى لبنان أيضاً. وبفضل قوة حلفائها هناك بقيادة حزب الله، استطاعت دمشق أن تسترد بعضاً من نفوذها فى بيروت.
ولكن لا يستطيع أحد فى الشرق الأوسط اليوم، خاصة سوريا، أن يشعر بالراحة فى ظل أزمة مزدوجة تشمل البرنامج النووى الإيرانى والصراع العربى الإسرائيلى وهما قضيتان تهددان بإشعال المنطقة. الأجواء الآمنة نسبياً التى تحيط بالأسد على الصعيد الخارجى تلغى عذراً رئيسياً لعدم إحراز تقدم داخلى. ويرى جون الترمان، مسؤول شؤون الشرق الأوسط فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الأسد «خرج سالماً من ظروف صعبة للغاية».
ويقول إن «خيبة الأمل الكبيرة جاءت بعد كثير من التفاؤل والتوقع بأن مستقبل سوريا لن يكون مثل الماضى، ولكن جاء المستقبل مشابهاً للماضى مع نمو اقتصادى ضعيف ونقص الحريات الشخصية وحكومة تشكل عقبة فى طريق التقدم». فالأسد قد غير بالفعل الوجوه الموجودة فى نظام الحكم ولكن الطرق والقواعد لم تتغير.
صحيح أن الرئيس الأسد وزوجته الفاتنة يقدمان صورة لثنائى عصرى، وأن شكل دمشق تطور بمبان جديدة ومطاعم ومحال وفنادق عصرية. والتحرر الاقتصادى المحدود فتح طريقاً فى الاقتصاد الاشتراكى للنظام المصرفى الخاص وخفف قيود التبادل الأجنبى. ولكن العوائق الأساسية للاستثمار، كالفساد وعدم الكفاءة وسيطرة الدولة القوية، لاتزال موجودة.
ويقول بيتر هارلينج من مجموعة الأزمات الدولية، إن «بيئة العمل فى سوريا لا تشجع المستثمرين، ولكن توقعات المجتمع كبيرة فى أن تتمكن سوريا من تحقيق نجاح مثل الذى حققته على صعيد سياستها الخارجية».
تماسك نظام الأسد لم تتم ترجمته أيضا إلى تسامح مع المعارضة، فالأسبوع الماضى تم الحكم على هيثم المالح (٧٨ عاماً) المحامى والناشط فى الدفاع عن حقوق الإنسان بالسجن ٣ سنوات بتهمة «نشر أخبار كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة». ويقول نديم حورى من منظمة «هيومان رايتس ووتش» إن التساؤل كان يدور دائماً حول ما إذا كان الأسد «إصلاحياً حقيقياً يعوقه الحرس القديم أم أنه تحدث عن الإصلاح فى بداية حكمه لإضفاء الشرعية»، ويرى حورى أنه «بعد ١٠ سنوات، يبدو أنه ليس ملتزماً فعلا بالإصلاح الداخلى».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى