صفحات سورية

بعد 10 سنوات من حكم الأسد.. قمع الحريات يستمر بسوريا

null
خرج من فترة الضغوط الأمريكية دون تقديم تنازلات
بيروت – رويترز
بدأ الرئيس السوري بشار الأسد تحرير اقتصاد البلاد لكنه لم يفعل الأمر نفسه بالنسبة للحياة السياسية فبعد مرور عشر سنوات على توليه السلطة تكتمل في 17 يوليو (تموز ) بات القمع في سوريا أشد مما كان في بداية تلك الفترة.
غير أن هذا لم يمنع الغرب من إخراج سوريا تدريجيا من العزلة التي فرضت عليها لدورها في لبنان ومساندتها لمعارضي الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003 ودعمها لحركات إسلامية تحارب إسرائيل.
احتجاز المعارضين
وما زالت سوريا تحتجز بعض المعارضين ولا تلقى سوى إدانة شفهية من الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
وقضت محكمة عسكرية الأسبوع الماضي بسجن المحامي هيثم المالح الذي يبلغ من العمر 79 عاما ثلاث سنوات بتهمة إضعاف الروح المعنوية للشعب وكان قد ألقي القبض عليه العام الماضي بعد أن جدد مطالبته بإلغاء حالة الطوارئ المعمول بها منذ عام 1963 وتحظر بموجبها كل أشكال المعارضة لحزب البعث الحاكم.
وفي يونيو حزيران سجن محام آخر بنفس التهمة وألقي القبض من جديد على محام آخر بعد يوم من قضائه حكما بالسجن عامين ونصف العام وأفرج عن خمس شخصيات معارضة بعد أن قضوا عقوبات مماثلة وما زال النائب السابق رياض سيف وراء القضبان.
وقال نديم حوري مدير منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان في بيروت “الأسد يبعث برسالة مفادها أنه لا يكترث بحقوق الإنسان والإصلاحات السياسية في سوريا ولا يعتقد أن المجتمع الدولي يكترث أو سيفرض عليه عقوبات بسبب ذلك”.
تحرير الاقتصاد
اكتسبت دمشق في السنوات العشر الماضية مظهرا خارجيا براقا تمثل في الفنادق الفاخرة والمقاهي ومراكز التسوق الأنيقة إلى جانب البنوك الخاصة ومشاريع البناء.
لكن بعض المنتقدين يقولون إن تحرير الاقتصاد اقتصرت فوائده إلى حد بعيد على فئة محدودة من رجال الأعمال ذوي النفوذ في حين لا يزال الفساد مستشريا ويتساءلون ما إذا كانت الإصلاحات الاقتصادية في سوريا يمكن أن تنجح دون إصلاحات سياسية وقضائية أوسع.
سياسة الخطوط الحمراء
وتتساهل السلطات مع بعض الانتقادات العلنية للسياسة الاقتصادية لكن كثيرا من الأوضاع لم يتغير بما في ذلك النظام الأمني الذي ورثه الرئيس عن والده الراحل حافظ الأسد.

وقال جوشوا لانديس وهو خبير في الشؤون السورية في جامعة أوكلاهوما “لا شك في أن الحكومة تفترض أن إحكام قبضتها على المواطنين ووضع خطوط حمراء واضحة من شأنه أن يحد مما يمكن أن تواجهه من مشاكل على المدى الطويل ويقلل عدد من يسجنون”.
ومضى يقول “سوريا محاطة بدول عانت من حروب أهلية طويلة وحركات تمرد كبيرة” مثل العراق ولبنان وتركيا والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتابع “خلص الأمن السوري إلى أنه لا يمكنه المخاطرة بتخفيف القيود”.
وكان الأسد أفرج عن بعض المحتجزين السياسيين بعد توليه السلطة في يوليو تموز عام 2000 وسمح بمناقشة أمور مثل الديمقراطية والإصلاح لكنه ما لبث أن قمع بعد أشهر معدودة ما سمي أنذاك “ربيع دمشق”.
وألقي القبض في حملة أمنية تالية على بعض المثقفين المعارضين الذين حاولوا إحياء الحركة بعد أن أرغم الاستنكار الدولي لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري سوريا على الانسحاب من لبنان عام 2005 ونفت دمشق ضلوعها في حادث الاغتيال الذي تحقق فيه لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة.
الضغوط الدولية
وقد تمكن الأسد من تحمل الضغوط الأمريكية المكثفة في عهد الرئيس السابق جورج بوش وخرج من تلك الفترة دون أن يقدم أي تنازلات وهو يشعر بأنه كان على صواب.
وقال حوري “لم تكن الضغوط الدولية على سوريا متعلقة يوما بحقوق الإنسان ففي سنوات بوش كان الانتقاد لأوضاع حقوق الإنسان أكثر بوضوح لكنه كان في كثير من الأحيان جزءا من حملة ذات اهتمامات أوسع نطاقا وكان السوريون يعرفون هذا”.
وفي العامين الأخيرين وثق الأسد علاقات بلاده مع إيران وتركيا وقطر وأصلح العلاقات مع السعودية وأحيا الجزء الأكبر من نفوذ سوريا في لبنان وأبقى على الروابط مع حزب الله ومع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وسعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى التحاور مع سوريا والاستعانة بمساعدتها في تحقيق الاستقرار في العراق وفي مساعي السلام في المنطقة لكن الكونغرس لم يعتمد بعد المرشح كي يكون سفيرا في سوريا.
معارضة هشة
وبغض النظر عمن يتولى رئاسة الولايات المتحدة لا يتعجل الأسد فيما يبدو التخفيف على منتقديه في الداخل الذين لا يمثلون تحديا يذكر لسلطته التي باتت راسخة.
وقال مرهف جويجاتي وهو باحث في معهد الشرق الأوسط بالعاصمة الأمريكية “في واقع الأمر موقف سوريا من حقوق الإنسان لا يتغير بتغير الإدارات في واشنطن.. فالمبدأ الناظم في سوريا هو فيما يبدو أن يخافك الناس أفضل من أن يحبوك.. توسيع الحرية الاقتصادية لن يترجم بالضرورة إلى تحسين لحقوق الإنسان”.
المجتمع المدني
وربما يصبح هناك مجال لمنظمات اجتماعية خاصة اذ رأست أسماء قرينة الرئيس السوري أول مؤتمر دولي في سوريا لمثل هذه الجماعات المعنية “بالمجتمع المدني” في يناير كانون الثاني.
إلا أن مدافعا عن حقوق الإنسان في دمشق طلب عدم نشر اسمه قال إنه لا يمكن العمل حاليا إلا للمنظمات غير السياسية.
وتقول منظمة “مراسلون بلا حدود” التي تراقب أوضاع الصحافة في العالم إن سوريا من أكثر الدول قمعا لمستخدمي الإنترنت في العالم اذ تحجب مواقع مثل سكايبي وفيسبوك ويوتيوب كما يتعرض كثير من كتاب المدونات والصحفيين للاحتجاز.
واحتلت سوريا في 2009 المركز 165 من بين 175 دولة في مؤشر حرية الصحافة الذي تعده المنظمة.
وقال لانديس “يقول النظام السوري إنه يوفر الأمن والاستقرار اللذين لا يقدران بثمن وأنه يحمي الأقليات والحريات العلمانية أفضل من دول عربية أخرى”.

ومضى يقول “من الصعب معرفة ما إذا كانت تلك الحجج حقيقية وتستند إلى تقييم حكيم للواقع المحلي أم أنها مجرد تبريرات للتشبث بالسلطة”.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. آخر نكتة سمعتها وأعجبتني : في سنة 2150يتحدث إلى الشعب السوري رئيس البلاد حافظ بن سليمان بن باسل بن حافظ بن بشار حافظ الأسد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى