أزمة النقاب في سورية

رآي القدس: إبعاد المنقبات عن التدريس في سورية

الحملة على النقاب والمنقبات لم تقتصر فقط على فرنسا وبعض الدول الغربية الاخرى، وانما بدأت تمتد الى الكثير من الدول العربية، بعضها لا يتردد في الاعلان عن اجراءاته في هذا الخصوص، والبعض الآخر يفضل الالتزام بالصمت والابتعاد عن وسائل الاعلام تجنبا لمشاكل داخلية.
في الاسبوع الماضي اعلن الدكتور علي سعد وزير التعليم في سورية نقل 1200 مدرسة منقبة من وظائفهن التعليمية الى اخرى ادارية لتناقض مظهرهن وعقيدتهن ايضا مع اسس النظام العلماني المتبع في سورية، ولابعاد مظاهر المذهب الوهابي السعودي عن المدارس السورية.
ومن المفارقة ان الحكومة السعودية التي تتخذ من الوهابية مذهبا لها، اقدمت على ابعاد العديد من الدعاة الوهابيين المتشددين من المساجد في المملكة، كما نقلت العديد من المدرسين المتشددين سرا الى وظائف مدنية ايضا من دون اي اعلان، وعدلت المناهج التعليمية بما يؤدي الى ‘تنقيتها’ من بعض شوائب ‘التشدد’، على حد وصف احد المصادر العليمة في الرياض.
دولة الامارات العربية المتحدة سارت على النهج نفسه، وبدأت قبل عامين حملة شرسة لـ’تنظيف’ جهازها التعليمي، بما في ذلك المدارس من جميع الاساتذة ذوي الميول الاسلامية، او المعروفين بانتمائهم الى جماعة الاخوان المسلمين على وجه التحديد، حسبما قاله احد المسؤولين الكبار في الدولة لهذه الصحيفة كرد على ابعاد عدد من المدرسين الفلسطينيين، خاصة من ابناء قطاع غزة.
حملة ‘التنظيف’ في الامارات شملت مدرسين من ابناء الامارات نفسها، علاوة على بعض المدرسين الاجانب من مصريين وفلسطينيين وسوريين، ولكن مع فارق اساسي، وهو ان المدرسين الاماراتيين المتهمين بالميول الاسلامية جرى نقلهم الى وظائف مدنية، او بالاحرى احالتهم الى التقاعد مبكرا، بينما جرى انهاء عقود المدرسين الفلسطينيين وحملة الجنسيات الاخرى وترحيلهم.
هذه الحملة المنسقة ضد النقاب والتوجهات الاسلامية في المدارس التي تتشارك فيها حكومات عربية واجنبية تأتي في اطار مخطط مدروس لمحاصرة ما يسميه اصحابها بالتشدد الاسلامي والحفاظ على الناشئين من افكاره المتطرفة، لان الاسلام في نظر هؤلاء هو الخطر الكبير القادم.
السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو عن الخطوات البديلة التي تم استخدامها، او اللجوء اليها لتربية النشء القادم على الاسس السليمة والعصرية، مقابل ابعادهم عن الدين الاسلامي وتعاليمه؟
بمعنى آخر هل تم تعديل مناهج المدارس في سورية والامارات والسعودية على سبيل المثال، بما يؤدي الى دعم قيم الديمقراطية والعدالة والمساواة، ومكافحة الفساد وحماية المال العام من النهب والسرقة واطلاق الحريات العامة والشخصية؟
معظم الخبراء في مجال التعليم يتفقون على حقيقة لا جدال فيها وهي ان من اسباب تخلف العرب، واستفحال حال الجمود في مختلف جوانب حياتهم هو ضعف النظام التعليمي، وعقم المناهج، وغياب المرافق الاساسية وتكدس الفصول الدراسية، ووجود حال من الانفصام بين النظام التعليمي وحاجات المجتمع اللازمة لنموه وتطوره.
نفهم ان تمنع دول عربية النقاب، او تستأصل اخرى المدرسين ذوي التوجهات الاسلامية، ولكن ما لا نفهمه ولا نتقبله ان يستمر النظام التعليمي العقيم المتخلف من دون تغيير او تعديل، بحيث يؤدي الى تخريج اجيال من دون دين او علم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى