وأخيراً تكلم مفتي الجمهورية أحمد حسون
محمد فاروق الإمام
بعد صمت مريب تنوعت مضامينه أطل مفتي الجمهورية السورية السيد أحمد حسون وأبدى رأيه بقرارات وزير التربية بإبعاد 1200 منقبة من الوزارة إلى مؤسسات الدولة الأخرى وخاصة البلديات، وقرار وزير التعليم العالي بمنع المنقبات من التسجيل في الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة، منتقداً ضمنياً وعلى استحياء (طريقة) معالجة وزارة التربية لموضوع النقاب ونقل المعلمات إلى وزارة الإدارة المحلية وتحديداً إلى البلديات، معتبراً في الوقت نفسه أن النقاب (عادة دخيلة على البلاد).
ففي خلال ندوة له في جامعة الحواش بمحافظة حمص، وسط سورية مساء الاثنين 26 تموز الحالي التي كان يشاركه فيها المطران أزيدور بطيخة، قال السيد حسون: (كان من الأفضل معالجة الموضوع بهدوء). مؤكداً أن (النقاب عادة تحولت إلى عبادة منذ سنين ليست بعيدة، فكانت مناسبة للمطالبة بإعادة النظر ببعض العادات المشابهة التي تحولت إلى عبادات أيضاً).
لقد سكت السيد مفتي الجمهورية زمناً ونطق بما لم يأت به الأوائل وهو يشبه النقاب بعادة دخيلة على المجتمع السوري المعتدل وتحولت إلى عبادة، معلناً عن رغبته بالتجول في كل محافظات القطر السوري من درعا جنوباً إلى البوكمال شرقاً ليقول (النقاب ليس شأناً دينياً).
تصريحات المفتي نقلتها جريدة القدس العربي الصادرة يوم 28 تموز الحالي، وفي نفس الصحيفة لفت انتباهي عنوان آخر يقول: (السجن عامين لبريطاني نزع النقاب عن وجه مبعوثة سعودية، فشدني هذا العنوان فقرأته، ووجدت من المستحسن نقله كما جاء لنر البون الشاسع بين تصرفات مفتي الجمهورية الذي يقف على هرم السلطة الدينية في سورية، والمحكمة الاسكتلندية التي أصدرت الحكم بحق الشاب البريطاني، البالغ من العمر 26 سنة، وسبب الحكم – كما جاء في الخبر – لقيامه بنزع النقاب عن وجه طالبة سعودية مسلمة بينما كانت تسير في أحد شوارع مدينة غلاسكو.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) التي أذاعت الخبر يوم الثلاثاء 27 تموز الحالي: (إن ويليام بيكي اعترف أمام المحكمة بالاعتداء العنصري على أنوار القحطاني البالغة من العمر 26 عاماً عن طريق إزاحة النقاب عن وجهها بالقوة يوم السابع والعشرين من نيسان/أبريل الماضي).. وتتمة الخبر كما أشارت الإذاعة (أن محكمة في غلاسكو وصفت بالمشين والمخزي الهجوم الذي تعرضت له الطالبة المسلمة على يد بيكي، الذي أُدين مرات عديدة من قبل بجرم الاعتداء العنصري).
ونسبت بي بي سي إلى قاضي المحكمة قوله إلى بيكي عند النطق بالحكم (أنت رجل لديه سجل في الإدانات العنصرية وكنت تعرف تماماً أن مهاجمة المرأة المسلمة هو اعتداء).
وفي نفس اليوم قرأت خبراً آخر في موقع (أمهات بلاحدود) تحت عنوان: (كاتبة أمريكية تعرب عن سعادتها بحجاب طفلتها) وهذا العنوان شدني إلى قراءة مضمونه فكان على النحو التالي: (أبدت الكاتبة الأمريكية الشهيرة كريستا بريمر سعادة وارتياحًا بارتداء ابنتها ذات التسع سنوات للحجاب، مشيرة إلى أنها فخورة بابنتها الصغيرة التي أصبحت أكثر سعادة عما كانت عليه في الفترة التي سبقت ارتداءها للحجاب).
أحمد حسون لم يرق إلى مستوى الكاتبة الأمريكية التي أعلنت عن سعادتها بارتداء ابنتها الحجاب، وقال كلمة طيبة بحق المنقبات، ولم يصل إلى مستوى قاضي المحكمة الاسكتلندية الذي اعتبر ما قام به الشاب البريطاني من نزع النقاب عن الفتاة السعودية هو اعتداء، وطالب بمحاكمة الوزيرين لاتخاذهما هذين القرارين التعسفيين الجائرين بحق المنقبات والاعتداء على عفتهن وكرامتهن ورمز دينهن وهن يعشن في بلد إسلامي عرف على مر التاريخ بالتدين والتمسك بأهداب الدين الإسلامي الحنيف.
أحمد حسون لم يقم بواجبه – من خلال موقعه كمفتي للجمهورية – بحماية الحرائر المسلمات والذود عن عفتهن والمنافحة دون خمارهن، فلم يعيب على وزير التربية قراره الجائر والظالم بحق الحرائر المنقبات بإبعادهم عن وزارة التربية، ولم يسفه قرار وزير التعليم العالي بمنع المنقبات من التسجيل في الجامعات والمعاهد الحكومية والخاصة، بل انحاز إلى تفنيد قرار الوزيرين، معتبراً أن النقاب عادة ذميمة ودخيلة على المجتمع السوري متهماً البعض إلى الارتقاء بالنقاب إلى حد العبادة، وبذلك ينضم أحمد حسون إلى جوقة شيوخ السلطان في تفنيد وتبرير قرارات أهل الحكم في دمشق الحمقاء وغير العادلة وغير المنصفة في مواجهة الحرائر المسلمات المنقبات، وهذا ليس جديداً عليه، فله في هذا المضمار باع طويل وأي باع!!
خاص – صفحات سورية –