الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

انقلاب إيراني

ساطع نور الدين
سيمضي بعض الوقت قبل ان يكتشف جميع الذين توقعوا او راهنوا على حرب اميركية على ايران، ان الرياح تسير هذه الايام بعكس ما يشتهون، وتوحي بان المصالحة التاريخية بين البلدين صارت وشيكة، وتنبئ بان الصفقة التي تعد الان حول الملف النووي الايراني يمكن ان تمتد لتشمل قضايا عربية واسلامية كبرى كانت طهران ولا تزال طرفا او شريكا فيها.
ليس هناك في طهران اليوم سوى سؤال جوهري وحيد: ما الذي جرى خلال زيارة وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي الاسبوع الماضي الى واشنطن، وهي كانت الاولى من نوعها منذ الثورة الاسلامية في ايران قبل ثلاثين سنة؟ لا احد يصدق الرواية الرسمية التي تقول ان متكي ذهب الى العاصمة الاميركية للقاء اثنين من كبار مسؤولي مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز ابحاث مرموق قريب من ادارة الرئيس الديموقراطي باراك اوباما.. وللمناسبة، فان مقره الرئيسي يقع في نيويورك حيث كان الوزير الايراني يترأس وفد بلاده الى الجمعية العامة للامم المتحدة!
لم يلتقط كثيرون التحول الجذري الذي طرأ على الموقف الايراني في الاسبوعين الماضيين، عندما كشفت طهران عن بناء منشأة قم النووية، وعن استعدادها لقبول تفتيش فوري لها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعندما اعلنت، وهذا هو الاهم، انها مستعدة لتسليم ما لديها من يورانيوم مخصب بدرجة منخفضة، الى اي دولة تستطيع ان ترفع درجة تخصيبه لاستخدامه في الابحاث العلمية. وهو عرض تلقفته روسيا وفرنسا وايدته اميركا، ويمكن ان يعتمد خلال اجتماع رباعي بين ايران وبين هذه الدول الثلاث في جنيف في منتصف هذا الشهر.. في خطوة تعيد الى الاذهان السيناريو الليبي الذي انتهى بنقل الابحاث والملفات النووية الى اميركا، وتحقيق المصالحة الغربية مع طرابلس الغرب، التي لا تعكرها خطابات العقيد معمر القذافي النارية ضد الاستعمار الغربي، وربيبته اسرائيل.
لم يكن خطر الحرب هو الذي دفع الايرانيين الى مثل هذا الانقلاب المذهل من رفض التفاوض على برنامجهم النووي الى فتح ذلك البرنامج على مصراعيه، في ما يشبه الاقرار الضمني بان الانجاز النووي الذي تحقق على مدى السنوات الثماني الماضية ما زال متواضعا، ولا يستحق المخاطرة باستقرار ايران، او بتعريضها للمزيد من العقوبات لا سيما في القطاع النفطي الذي كانت تستهدفه اميركا، والذي كان يمكن ان يشل الاقتصاد الايراني ويتسبب بازمة داخلية واقليمية وربما عالمية كبرى.
الخوف من العقوبات النفطية كان الدافع الاهم، وايضا القلق من ان يتعمق الشرخ الداخلي بين المؤسسة الدينية والامنية الحاكمة، وبين الجمهور الاصلاحي الذي يزداد عددا وانتشارا، والذي يستعد لاستقبال عدد من ابرز رموزه الذين زج بهم في السجن في اعقاب الانتخابات الرئاسية الاخيرة، واجريت لهم محاكمات علنية كانت اشبه بفضيحة للنظام الايراني، وكانت تنذر بشنق بعضهم او بحبس البعض الاخر مؤبدا !
هي لحظات حرجة، تمضي حسب تعبير واشنطن على نحو ملائم، مع ان الحذر واجب من امكان ان تتعطل تلك المصالحة المنتظرة منذ خريف العام 2001 ، لاسباب ايرانية او اميركية داخلية، او ربما لسبب اسرائيلي ما؟
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى