صفحات العالم

ازدراء أمريكي للعرب

سعد محيو
أين العرب من الغزل الأمريكي الأوبامي الجديد مع إيران؟
إنهم ثلاثة أفرقاء. الفريق الأول يرى في هذه الصفحة الجديدة بين طهران وواشنطن تهديداً وخطراً. وهو يضم مروحة واسعة من القوى على أقصى اليمين كما على أقصى اليسار، بما في ذلك أطراف حليفة لإيران في المشرق العربي. ويتوقع أن يعمل هذا الفريق كل ما في وسعه لوضع العصي في دواليب الحوار العتيد بين الأوباميين والخامنئيين.
الفريق الثاني يعتبر، على العكس، أن الانفتاح الأمريكي قد يحمل في ثناياه مضاعفات إيجابية غير مقصودة له. ولذا فهو يدعو إلى انفتاح عربي مماثل على طهران، واقناع واشنطن في الوقت ذاته بوضع مصالحه كبند على جدول أعمال المفاوضات الأمريكية مع إيران.
ثم هناك فريق ثالث، هو الفريق الشعبي العربي، الذي يتمنى شيئاً آخر مغايراً تماماً لما يريده الفريقان الأول والثاني: أن تفيد الحكومات العربية من دورس الانعطافة الأمريكية مع طهران: من موقع التهديد بالقتل (تغيير النظام) والوعيد بعظائم الأمور (الضربة العسكرية) إلى موقع الاعتراف والاحترام المتبادل، كي تغيّر سياستها مع واشنطن.
ما يهمنا في هذه العجالة هو هذا الفريق الثالث لسبب “استراتيجي”: عدم وجود العرب على شاشات رادار الاهتمام الأمريكي بهم وبمصالحهم منذ نيف وثلاثة عقود هي نفسها حقبة المجابهة الأمريكية مع إيران، الأمر الذي ولّد قلّة احترام للعرب، إذا ماجاز التعبير (وهو جائز حتماً).
فواشنطن كانت طيلة هذه المرحلة تضرب عرض الحائط بكل المبادرات السلمية العربية مع “إسرائيل”، بما في ذلك العرض الشاهق الذي قدمته قمة بيروت العام 2002 والقاضي باعتراف كل العالم العربي بالدولة العبرية، مقابل إقامة دولة عربية صغيرة على مساحة 22 في المائة من فلسطين.
وواشنطن استباحت الأرض العربية، من العراق إلى السودان، على رغم علاقاتها مع بعض الدول العربية التي تعرضت أيضاً إلى ضغوط أمريكية عنيفة وتهديدات، إن هي أبدت أي دفاع عما تبقى من “شبهة” النظام الإقليمي العربي.
وأخيراً، واشنطن قضت خلال هذه المرحلة على أي رائحة من روائح التوازن في إطلالتها على الأدوار “الإسرائيلية” والعربية في الشرق الأوسط، حين أطلقت يد “إسرائيل” لتمعن فتكاً ببعض العرب (لبنان وفلسطين)، وتفكيكاً للبعض الآخر (العراق وفلسطين والسودان واليمن)، ونسفاً لمواقع الدول العربية الرئيسة الأخرى (مصر والسعودية).
كل هذه التطورات لم تكن لتحدث لولا أن الولايات المتحدة لم تعد قلقة من نتائج عدم احترام العرب كأمة، فيما هي كانت تبدي كل الاهتمام والعناية بالأمة الإيرانية وأيضاً بالأمة التركية حتى حين أغلقت هذه الأخيرة قواعدها العسكرية في وجه الغزو الأمريكي للعراق على رغم أنها حليفة أطلسية لأمريكا.
المسألة هنا ليست أخلاقية أو سايكولوجية بل لها علاقة كل العلاقة بموازين القوى. فحين قيل لفرعون من فرعنك؟ قال تفرعنت وما ردّني أحد. ولو قيل لواشنطن بالأمس: لماذا هذا الازدراء للمطالب العربية المحقة؟ لردت اليوم: لأني لم أشعر أنهم يمكن أن يهددوا مصالحي إذا ما ازدريت هذه المطالب.
الاحترام للإيرانيين والترك، وقلة الاحترام للعرب.
هذا ما قرأناه نحن المواطنين العرب العاديين في رسالة أوباما المشبوبة إلى قادة إيران وشعبها. وهذا ما لا نريده أن يستمر.
ومن يدري؟ ربما إدارة أوباما نفسها أيضاً لا تريده أن يستمر. ربما هي تريد من الحكومات العربية أن “تغضب” قليلاً عليها، كي تبرر أمام “إسرائيل” واللوبي اليهودي إبداءها نذراً ولو قليلاً من الاحترام للعرب!
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى