لقاء وشيك بين الاسد وأولمرت؟
انهت سورية واسرائيل جولة ثانية من المفاوضات غير المباشرة برعاية تركيا، وصفها متحدث باسم الخارجية التركية في انقرة بانها جرت في اجواء ايجابية وبناءة وقال ان الطرفين اتفقا علي الالتقاء بانتظام في المستقبل.
الجانب السوري لم يصدر اي بيان كعادته حول هذه المفاوضات وطبيعة القضايا المطروحة علي جدول اعمالها، وترك الساحة للشريك الاسرائيلي الذي تحدث عن تقدم دون ان يحدد طبيعته. واكتفي بالقول ان المحادثات تناولت مسائل اجرائية .
الاسرائيليون يبدون سعادة بحدوث مثل هذا الاختراق التفاوضي مع دولة عربية، وصفت دائما بانها زعيمة المعسكر العربي المتشدد، والحاضن الوحيد لمنظمات فدائية فلسطينية ولبنانية مثل حركتي حماس و الجهاد الاسلامي و حزب الله . ولكن من غير الواضح ما اذا كانت النوايا السورية جادة في التوصل الي اتفاق يبدو باهظ الثمن لما قد يتضمنه من شروط اسرائيلية صعبة القبول، مثل التطبيع الساخن والتبادل الدبلوماسي، ونقاط مراقبة، وربما تأجير بعض الاراضي في هضبة الجولان لعشرات السنوات القادمة، مثلما حدث في اتفاق وادي عربة الاردني.
ساعة الاختبار الحقيقي للنوايا السورية هذه ربما تأتي في الثالث عشر من تموز (يوليو) المقبل، عندما يلبي الرئيس السوري بشار الاسد دعوة نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي الي المشاركة في احتفالات عيد الاستقلال في باريس وقمة الاتحاد المتوسطي التي من المفترض ان يشارك فيها ايضا ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي.
الرئيس الاسد استقبل وفدا فرنسيا رفيع المستوي قبل يومين حمل اليه الدعوة الفرنسية رسميا، ولكنه لم يكشف عن موقفه تجاهها، وما اذا كان سيلبي هذه الدعوة ام يعتذر عن عدم قبولها لما يمكن ان تمثله من احراجات خاصة في ظل وجود اولمرت بالقرب منه علي المنصة الرئيسية للاحتفالات بالمناسبتين عيد الاستقلال الفرنسي، واعلان قيام الاتحاد المتوسطي.
المسؤولون الاسرائيليون يتحدثون عن امكانية حدوث لقاء ولو عابر بين اولمرت والرئيس الاسد، او مصافحة لتأكيد فتح صفحة جديدة في العلاقات تعزز العملية التفاوضية وتؤذن بانتقالها الي مرحلة المفاوضات المباشرة.
سورية لا تمانع مثل هذه المفاوضات المباشرة لانه سبق ان التقي السيد فاروق الشرع نائب الرئيس الحالي ووزير الخارجية، في حينه ايهود باراك رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينه ايضا في ميريلاند في مفاوضات استمرت اسبوعين برعاية امريكية لم تشهد اي مصافحات. السيد وليد المعلم رهن اي مفاوضات مباشرة بحدوث تقدم حقيقي في المفاوضات غير المباشرة، وتعهد اسرائيلي بانسحاب كامل من هضبة الجولان. كما طالب الرئيس بشار الاسد برعاية امريكية لهذه المفاوضات.
الرئيس الاسد صافح نظيره الاسرائيلي موشيه كاتساف اثناء مشاركته في حفل تشييع البابا يوحنا بولص السادس في الفاتيكان، وقيل في حينها ان المصافحة كانت عرضية وبالخطأ، لان الرئيس السوري لم يعرف انه يصافح الرئيس الاسرائيلي، واعتقد انه احد الضيوف الاوروبيين المشاركين في العزاء. ومن غير المعتقد ان تكون اي مصافحة مماثلة مع اولمرت في حال حدوثها عرضية وغير مقصودة، لان اولمرت ليس بالشخص غير المعروف مثل رئيسه السابق كاتساف الذي استقال بسبب اتهامات فضائحية.
الامر المؤكد ان تغييرا حدث في السياسة السورية تجاه اسرائيل وعملية التفاوض، ولكن السؤال المطروح هو ما اذا كان هذا التغيير استراتيجيا او تكتيكيا لكسب الوقت بهدف تخفيف الضغوط، ولتمرير الاشهر الستة المتبقية من عمر الادارة الامريكية الحالية؟
الاسابيع المقبلة ربما تحمل بعض الاجابات الحاسمة حول هذا التساؤل.
القدس العربي