حوار مع لينا شاماميان: لن أمضي دون أن أقول كلمتي
هاني نديم: إيلاف 28/1/2008
يحرص الإعلامي عادة على الحيادية فيما يقدّم، والاكتفاء بفتح نافذة للقارئ أو المتلقي ليطلّ عليها ويرى ويحكم بنفسه دون أي تأثيرٍ أو توجيه؛ أوافق هذا المذهب إن كان في السياسة والاقتصاد وغيره مما يستوجب الدقة والأمانة في النقل المصدري والخبري؛
ولكني أعارضه بشدة فيما يتعلق بعلم الجمال، المسرح والموسيقا والشعر والغناء والنحت والتشكيل والسينما، فكيف يمكن لنا أن نحاور شاعرٍ مثلاً ومشاعرنا حيال قصائده حيادية؟!. أسوق هذا لأبرر انحيازي وعشقي وانتمائي لما تقدّمه المغنية لينا شاماميان من غناءٍ أستطيع بكل جرأة أن أقول أنه منفرد وخاص بها وحدها؛ وهي إذ تعيد التراث من خلال موسيقى الجاز الشرقي، يشاركها ذلك آخرون، إنما خصوصية لينا تتمثل بصوتها وخامته الأوبرالية التي تضفي بعداً صوفياً على ما تغني، الأمر الذي جاء ربما من إجادتها غناء التراتيل الدينية.
لينا شاماميان مغنية سورية حازت على العديد من الجوائز في عدة مسابقات غنائية عربية؛ غدت اليوم من أهم الوجوه الموسيقية السورية وفي وقتٍ قياسي، إيلاف التقتها في هذا الحوار:
كيف تقدم لينا شاماميان نفسها على الصعيد الإنساني والموسيقي؟
ـ أقدم نفسي كما هي بكل ما فيها من تناقضات وعفوية وحزن وجنون..إنسانياً وموسيقياً كوني أرى الموسيقى جانباً ملتحماً مع الإنسانية، وأؤمن أن الموسيقى وبخاصة الحيّة منها على المسرح تجرّد الفنان من كل أقنعته وزيفه؛ ربما تجد الكثير من الحزن في موسيقاي، في حين تجد الكثير من الفرح في حياتي..لذا لا يتكامل تعريفي كإنسان إلا حين تلمس الجانبين.
متى تعتبرين أنك بدأت بداية موسيقية فعلية، متى قلت لنفسك لم يعد بمقدوري العودة؟
ـ بدأت حين كنت على وشك الانتهاء!؛ كنت قد تخرجت من كلية الاقتصاد، وتخيلت نفسي عجوزا تنظر للخلف وتحاسب حياتها على ما أنقذته من أحلام …أدركت أن ذلك شغفي الذي لن أسامح نفسي إن لم أسع بحقٍ لتحقيقه…وبكل بساطة، استجبت لندائي الداخلي وتقدمت لامتحان القبول في المعهد العالي للموسيقى بدمشق، عندها..لم أكن أخطط لأحلام كبيرة، كنت مكتفية بتعلم أصول الغناء والموسيقى كوني درست الغناء الكلاسيكي لعدم توفر إمكانية تعلم موسيقى الجاز في المعهد، ولكنني مع الوقت أدركت أن الغناء حياة متى دخلتها أصابك جمالها بلعنة تعجز بعدها عن الانسلاخ عنها، ذلك لأنها تساعدك في اكتشاف عوالمك الداخلية،لا وبل إخراجها ومشاركتها على الملأ، وكان هذا بالنسبة لي أقوى من أن أقاومه، فقررت الانجراف!.
ماذا يعني أن تكوني أرمنية موسيقياً وإنسانياً، بم تحدثيني عن هذه الخصوصية وهل أثراك ذلك وكيف انعكس على موسيقاك؟
ـ أن أكون أرمنية علّمني أن أتنفس الألم، لا أدري لم، ربما هو شيء نحمله بالجينات، ربما هي الغربة الدائمة أو الحنين أو الحسرة، وهذا يتمثل بقوة في الموسيقا الأرمنية، وحتى بصوت آلة الدودوك المميزة للموسيقى الأرمنية، والتي تعلمت منها أيضا جمالية تواجد الهارموني في الموسيقى الشرقية. أنا من الأرمن المولودين في دمشق التي أعشقها بحق، وأمي دمشقية، لذا أضافت عروبتي إلي الكثير إنسانياً وموسيقياً (ربما هذا هو السبب في عشقي لمقام الحجاز).
منذ بداية مشوارك الفني الفعلي، وأنت تحصدين الجوائز وتخطفين الأبصار، وفي فترة وجيزة نسبياً أصبحت من أهم مغنيات سوريا، إلام يعود ذلك؟
ـ بحقّ؟؟!…لا أدري؛ أعتقد أننا نبخس من سعادة نجاحنا الكثير إن حاولنا منطقتها!، عوامل النجاح لا تعدّ أو تصنّف، هي ببساطة تفاعل بين الدوافع الداخلية والظروف الخارجية. لدينا في سورية العديد من الأصوات المهمة بصدق، ولكننا نفتقر للمشاريع، ربما هذا ما حقق الموازنة، بالإضافة للظروف الخاصة التي باركت المشروع منذ البداية، مثل الجرأة والاختيار الصحيح للشركاء والتسويق، وبالتأكيد ساعدتنا كثيرا محبة المتلقي للطروحات الموسيقية التي نطرحها.
هل ترين أن تكنيك تقديم التراث من خلال الجاز الشرقي الموسيقي هو تكنيك طويل الأمد، وهل هو طرحك النهائي أم أن هنالك طروحات موسيقية أخرى تفكرين بها؟
ـ لو لم أؤمن بهذا الطرح منذ البداية لحققت شهرة أوسع..الجاز هو موسيقى حرية، والموسيقى بشكل عام هي أداة من أدوات الحرية، ومن ثم أنا لا أقدم الجاز بشكله التقليدي، بل وأتّهم بابتداع خطٍ جديدٍ غنائياً وموسيقياً، وكما نعلم فإن للموسيقى عناصرٌ ثلاث: اللحن والهارموني والإيقاع، وفي الموسيقى الشرقية الكلاسيكية يتم تجاوز الهارموني وهو اللحن المرافق للحن الأساسي، وكانت الفكرة هنا هي إعادة تقديم هذا العنصر مع الألحان الشرقية بما يفعل الطرح الموسيقي العالمي عربياً، وتسهيل الطرح الشرقي عالمياً.
وبالتأكيد هي ليست الصيغة النهائية لأن الموسيقى تتصاعد بما يتناسب مع حكمة الحياة ..وما دمت أتعلم، وأعايش تجارب حياتية جديدة سيتجدد طرحي الموسيقي ضمن هذا الإطار الذي أراه طويل الأمد.
قدّمت سوريا للغناء الكلاسيكي العديد من الأسماء الهامة على الصعيد العالمي مثل لبانة قنطار وتالار دكرمنجيان، من أين يستمد هذا النوع من الغناء حضوره في سوريا؟
ـ ربما لأن الدراسة الأكاديمية للغناء في سورية كانت محصورة بالغناء الكلاسيكي فقط، وهو حال أغلب المغنيات هنا، ولكن سورية فعلاً زاخرة بالأصوات الجميلة بشهادة الجميع …لا أدري لم ..ربما بسبب (الميّ) المياه يعني!.
ولكن على الرغم من ذلك، تكاد تكون سورية دون مشاريع موسيقية واضحة المعالم؟
ـ بصراحة، لا أفضل أن أتكلم عن تجارب الآخرين لإنني لست بمكانهم ولا أعرف ماذا يخططون، عني..حاولت جهدي ألا أشبههم على أن هنالك الكثير من الموهوبين والناجحين ولكن كسمة عامة، قد يكون كلامك قريب من الواقع إذ أن معظم هؤلاء أكتفى بشهاجة وإجازة الغناء وحصر نفسه بقالب يضمن جودة الغناء دون مشاريع، وآولئك ظلموا أنفسهم كثيراً. لا أريد أن أحكم من بعيد ..ولكن بالرغم من دراستي الغناء الكلاسيكي…مازلت لا أجد تعريفاً للمؤدي المتميز، وهل الأداء المتميز كافٍ ليسمى ذلك المؤدي موسيقي؟ …هل أعيش موسيقاي فقط من خلال التنفيذ المتقن لأعمال الآخرين…أم أعيشه من خلال طرحي الجديد لعالم معاش..لست أكيدة، ولكنني اخترت أن أطرح مشروعي الخاص.
ما هو مشروعك، لماذا تغنين بالضبط، هل هنالك مضامين أو رسائل تحملينها أو تنقلينها، أم أن الأمر لا يحتاج لكل هذه التعقيدات، ما فلسفة الغناء لديك؟
ـ الغناء بالنسبة إلي هو شغف، هو أكثر من مجرد فن، أحيانا كثيرة أشعر بالغربة عن عالم كل ما فيه اعتيادي. لا أستطيع أن أمضي دون أن أقول كلمتي..هذا في حياتي العادية وأعتقد أن التنوع الثقافي الذي عشته منذ نشأتي ساعدني لأتجاوز فكرة التشابه وجعلني أنهل من الجميع وأستخلص ذاتي التي لا تشبه أحداً وفي ذات الوقت تشبه الكل …
أعتقد أنه على بساطة ما أؤديه، إلا أنه يخفي فلسفة تحمل بعض التعقيد كوني أفكر بهذه الطريقة، وما غنائي سوى اختصار لكل عوالمي؛ ولكن أعتقد أن أعمق فلسفاتي هي أبسطها وهي ألا أغادر خشبة المسرح، أو أنتهي من أداء أغنية إلا وأترك بصمتي الخاصة…وكذا أنا في الحياة امرأة أم مغنية أم..
عندما كنت صغيرة كنت دائما أفكر ما علاقة الفن بقسوة الحياة والحروب والأمراض وما إلى ذلك من الأسئلة التي حاول تصديرها إلي كل من يؤمن بالعالم الملموس وما أكثرهم في مجتمعنا، والذين جعلوني أفكر كثيرا بمعنى الرسالة التي نذرت حياتي لأجلها وتخليت عن شراكتهم لأجلها..أدركت الجواب الآن..الفن هو اختصار للحياة…الفنان يقول كلمته عن الحياة …يغضب ويحزن ويفرح ويعري روحه على الملأ …لا يعنيه خجل أو خزي …وعلى قدر حقيقته يكون إنجازه…لا مكان للكذب في الفن..لهذا حين بدأت أغني مؤلفات..بدأت بـ (شآم) من كتابتي وكانت حقيقية كما أحس بها…لم تكن وصفا للحياة ، بل كان فيها جزء من الحياة …وهذا ما تبنيته معيار اختياراتي بالنسبة للنصوص في المؤلفات القادمة…أن تحاكي تجربة أو ألما أو واقعاً أو وعياً لتساعدنا في غزل نسيج عالم أفضل ..أو أقلها تحلل التصريح عن الألم ومشاركته.
هل تستشعرين بشكلٍ أو بآخر أنك مسؤولة عن الحفاظ وإحياء التراث السوري، إم تريدين إعادة تشكيله من جديد؟
ـ حين بدأنا بطرح مشروع التراث ، لم أكن أنوي سوى إعادة طرح ما أحب بالطريقة التي أحبها أمام العالم أجمع، ودعني أخبرك بصراحة أكثر: لقد تزامن ذلك مع بداية حرب العراق وآلمني ما يسوقه الإعلام الغربي عنا، آلمني أنهم تكلموا عن وطني بطريقة لا تشبهنا، أنا ولدت هنا وترعرت هنا وأنا ابنة هذا البلد، ومن جيلٍ لم يشهد الحرب ولم يدرك معناها يوما عن أي إرهاب يتحدثون …من يقصدون؟، آلمني أنه لا تتوافر لنا مساحة في العالم لنقول كلمتنا أو أقلها ندافع عنها…فكان جزء من الفكرة وقتها، أن نقول بأن أغاني التراث هي قصة شعب…هي معطيات يومية تعاش في البيوت العربية القديمة وفي الحمامات والمطابخ كما أن هذه الأغاني البسيطة تختصر تاريخاً كاملاً، جمالها في بساطتها، هي فقط كلمتنا لنقول بأن شعبنا يغني ويفرح ويحزن ويحب ويعيش منذ الأزل وسيبقى..والحمدلله تمكنت من قول ذلك على الملأ في العالم أجمع حين وفقت بالجوائز، قمت بذلك كمواطنة عادية كان ذلك هو مضمون كل مقابلة و لقاء وحوار صحفي في الخارج.
لست أنا المسؤولة فقط …هي مسؤولية كل ذي صوت ..لدينا الكثير من الموسيقى هنا …لدينا من الطبيعة ما يرفد تنوعاً موسيقياً جديراً بالبحث لحياة بأكملها، لدينا العتابا والزجل والأغنية الساحلية والدينية والفراتية والجبلية والقدود…إلخ، المشكلة فقط أن الكثير من هذه الأغاني اندثرت لأنها لم تدوّن …أو غرّبت ومنحت جنسيات جديدة …أريد لأولادي أن يسمعوا هذا بنفس الرغبة التي أريد أن يسمع بها كل مغترب …أريد أن يروا هذه البلاد بعين من عاشها، ومن ثم، كل بلاد العالم تقوم بذلك، هذه رسالة موسيقى الشعوب وما الموسيقى الكلاسيكية قائمة إلا على هذا الأساس، أي إعادة طرح موسيقى كتب في عصور قديمة بطريقة تساير التطور الإنساني والحضاري والعلمي الآني.
لن أتوقف عن طرح التراث…سأرفده بمؤلفات تساير صوت مجتمعنا الآن، فهو جزء من رسالتي الفنية…باختصار..التراث حبيبي وأنا لا أهجر من أحب!.
هناك مسرحية شعرية وسيناريو شعري وسينما شعرية، هل هناك غناء شعري، وهل تنتمين إلى هذا المذهب إن وجد، وما علاقتك بالقصيدة؟
ـ طالما أن الشعر جزءٌ من الحياة، فهو جدير بالغناء!، لا أدري ما قصدك بالغناء الشعري تماماً…هل هو غناء القصيدة …أم تلحين القصيدة؟؛ طالما يمثل الشعر قمة الشعور والإحساس الإنساني، فما من وسيلة للتعبير عنه أقوى من الأغنية، ولكننا ـ حديثاً ـ أجحفنا بحق الشعر في ثقافتنا ، لذا حين أقرر أن أغني شعراً سأغنيه ولن أستعمله والمسؤولية هنا أكبر إن كان النص لشاعر، إذ يتوجب علي أن أغنيه وأمثل إحساسه ..ولا أقصر التلحين على شعوري أو كيفية معالجتي لمعاني النص، يجب أن أصيغ الشاعر الذي ائتمنني على غناء روحه.
أعتقد فقط أنه يجب مراعاة البناء الكامل للقصيدة، وأفضل حين أغني القصيدة أن تكون قابلة للخضوع لقالب موسيقي متوافق مع بنائها ..وليس مجرد ارتجالات لحنية وإيقاعية.
والموسيقى ستطرح الشعر على شريحة أوسع، من هنا أستشعر المسؤولية والأمانة في نقل وتمثيل المعنى والشعور والشاعر.
ما الذي تسعين لإضافته إلى نفسك وسيرتك الذاتية؟
ـ أعتقد أنني في البداية، أسعى للاستمرارية وأعمل عليها، أما عموماً فأسعى للحياة بكل تجاربها؛ أسعى إلى الحكمة وإسقاطها على موسيقاي إن استطعت؛ أريد أن يكون للمسرح دورٌ في حياتي وأن يكون لما أفعل مكانٌ على المسرح. أحلم بموسيقى حقيقية بأقل قدر من التنازلات.
يشدد مطربو الكلاسيك على أن نصفهم بالمغنين لا بالمطربين، ما الفرق؟
ـ ربما أتشدد كثيرا في ذلك …الفرق بسيط …هو بداية في نوع الغناء ،والهدف منه. وأتكلم هنا عن نفسي فقط، أنا لا أغني الطرب الشرقي، أغني ما أغني، لذا أنا لست مطربة، كما أنني أغني لأنني أغني نفسي، ولا أغني لأطرب المتلقي فقط، هو هدف ونبيل وصعب بالتأكيد…ولكنه لا يمثلني. بالإضافة لغنائي لأنماط موسيقية مختلفة كالكلاسيك الأوبرالي والأرمني والجاز بلغات مختلفة؛ هل أقول عن نفسي مطربة أوبرا أو مطربة جاز أو…يستحيل، ولكن أكرر…هذه وجهة نظري فقط.
هل تستمعين في سيارتك إلى أغاني التوب توينتي….وهل هي سُبّة كونك مغنية كلاسيك لو سمعت من السيارة التي تقف إلى جانبك على الإشارة، نفس الأغاني التي تسمعينها؟؟
ـ لا أخفيك القول …كلنا ندرك أن الفنانين بميلهم إلى التميز يبدأون بالابتعاد عما هو سائد وشعبي بحجة العمق والتفرد والاكتشاف.
بصراحة، يزعجني الكذب في أغاني التوب توينتي، سواء في النصوص أو التوزيع الموسيقي أو التلحين، ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر جمالية بعض أغاني التوب توينتي أو رداءة الصنعة في بعض الأغاني النخبوية، لكل حالة خصوصيتها. أنا أستمع للأغاني الجميلة حتى وإن كانت غير نخبوية، فإنني مغرمة بفطرية الغناء الغجري على سبيل المثال، …كما وأستمع لبعض أنماط الغناء التي أعلم أنه لن أجد لنفسي شريكا بالاستماع إليها.
ما الروافد التي ترفدين بها ثقافتك الموسيقية، ماذا تقرأين؟
ـ كل شيء …كل شيء ..موسيقى ومسرح وشعر وفلسفة وتلفزيون وسينما وحتى خارج القراءة فإن هنالك تفاصيل يومية ثرية جداً لو تأملنا بها…السير في الأحياء القديمة..رائحة المطر أو الكستناء الشتوية…ملاعبة القطط الشاردة، قيادة السيارة..ابتسامة طفل واحتضانه الضحك، البكاء، العلاقات، الأنترنيت، المجلات، الأزياء، … سمّ ما تشاء!؛ أنا أستقبل كل شيء بمجساتي المعرفية والذاتية الخاصة…أفرح لأدق التفاصيل وأحزن أيضاً لأقلها .. أقرأ الكثير عن الموسيقا والغناء وفلسفة الفن والأديان والحضارات. آخر ما أقرأه (الحلاج..في ما وراء المعنى والخط واللون )…ومجددا …تجرأت على معاودة قراءة الشعر.
تكاد تكون طقوس حضورك على المسرح نادرة الخصوصية، مثل لبسك دوما للون الأبيض وتمسكك بالغناء
الـlive
، بم تحدثينا عن ذلك؟
ـ قلت لك فيما سبق … المسرح يكشف كل تفاصيل غربتنا واختلافنا وشفافيتنا وحزننا؛ لا أؤمن بالواجب!، غنائي أبعد ما يكون عن ذلك…لذا ما وصفته صحيح…للغناء طقوس ..وأنا أؤمن بتطابق الظاهر مع الباطن، أحب البخور والشموع وأحب أن أتجمل للمسرح..أحب أن أتشبه بدمشق ..دمشق بيضاء بياسمينها والفل …وهي قوية بكل ضعفها ومشاكلها …لذا تهمني الحقيقة أكثر من الكمال…وأجد في الغناء الحيّ متعة كبيرة لأنها تختلف إحساساً ووقعاً كل مرة باختلاف المكان والحضور.لا أدري لم سنغني إن لم يكن الغناء حياً …لا أجد غير هذا الغناء في قاموسي..وهو كذلك عند الكثيرين صدقني..وأتكلم هنا عن أمثال المبدعين الذين تحاورهم..
فوق كل ورود هذا الحوار، أصرّت لينا أن أتذوق الشوكولا بالورد الشامي قبل خروجي؛ فكّرت بشكلٍ جديٍّ أن أشتري كل ورد محل الزهور على الشارع المقابل، وأرميه عند بابها الذي أغرقني بالسحر والحنين.