صفحات ثقافية

ضمير أولاد سكيبة: اقتحام المتخيَّل للخطوط المخفورة

null
جهاد عطا نعيسة()
أقول “ضمير”، ولا أقول “ضمائر”؛ ذلك أن لأولاد سكيبة؛ أي لسلالة الفقر في “عين الغار” جرحاً مشتركاً يشدّ واحدهم إلى الآخر فيجعل ضمائرهم جمعاً في واحد، يحكمه منطوق يوجّه أقوالهم وأفعالهم وردود أفعالهم، يبدو مفارقاً في عرف الواقع الراكد الذي تقاربه حكايتهم، وهو أنه: لا مندوحة للعين التي تبصر جيداً من مقاومة المخرز.
ضمير أولاد سكيبة هو الضمير الحي المتجذّر من أصل ضارب في تاريخ “عين الغار” لمن يرفض الطغيان ومنطق الطغيان، فيتلمّس أبداً في وعورة الدروب وانسدادها درباً ممكناً لإرسال لائه ساطعةً في عتمة زمانه.
“رأيتني دائماً أخاف أن تراني أمي مقهوراً ولا ترى على وجهي آثار رد القهر عن نفسي. لم تكن تعني لها شيئاً قوة المعتدي. فمجابهته بالنسبة إليها، كانت على الدوام أهم من نتائجها” (ص21).
لم يكن مباركاً تواجد حرس “القصر” في القرية، ذلك أنه قد بدا لكل من له عينان تريان وأذنان تسمعان تواجداً استفزازياً، له شكل الاحتلال؛ إذ بدأ بالسفوح والمشارف وانتهى بالشوارع والأزقة والدور والبشر؛ ومع أفول يومه الرابع كان راعي القرية “علي جاد” قد فقد نعجة وعجلين، ومع انتهاء السرد، وقد مرّ زمن على ذلك الحضور غير المبارك، كان “حميروش”، الذي فقد النطق يوماً، قد سقط في حمّى سعار رصاص حملتهم التأديبية الاستباقية لمصادرة أية نية احتجاج جنيني قد تنمو بذرته مستقبلاً.
أن يبتدئ السرد حكايته بسرقة العسكر “نعجة وعجلين ناصعي البياض” (خطوط التشديد من عندي) وينهيها بسقوط شاب أبكم برصاصهم، وأن يختتم سطوره بدويِّ انفجار شحنة ديناميت كبيرة محلية الصنع تعلن “لمن لم يسمع بعد” موت حميروش، فتوقظ غفوةً طالت بها العقود، فهو سرد يتجاوز بكثير بساطة الحكاية وعاديّة سياقاتها، نحو بلاغة أداء روائي مشحون بالكثير من التوترات الجمالية والدلالية، في عالم روائي خصيب بشخصياته وأحداثه وخطاباته ورؤاه ودلالاته، مؤكّداً في حصيلته؛ إذ يتوضّع إبداعاً روائياً ثانياً* لصاحبه، بعد عدد من الترجمات العربية عن اللغة الروسية، أنّ ممارسةً روائية جديدة جريئة وواثقة تتقدّم كي تحتلّ موقعاً جديراً بالاهتمام، على خارطة الإبداع الروائي العربي المعاصر.
ولأن الرواية ليست هيكلاً سردياً فحسب، بل عالماً يضجّ بمفرداته وتفاصيله، فإن “أولاد سكيبة” هي الإبداع الروائي الذي يؤكد مع كل تفصيل من تفاصيله الثرية ودلالاته، أنه أكثر بكثير من حكاية مواجهة بطولية تجترحها قرية متضرّرة في وجه جلاوزة زمن صعب يبنون فيه حقوقهم على أنقاض حقوق الآخرين.
لغة تقول وتعني:
من جهة أخرى، فهذا النص الذي يقتحم بجرأة غير مسبوقة وفي عقر الدار تحديداً، أكثر “التابوات” خطورة وخطوطاً حمراء، فيكشف ويكاشف بِأُسِّ البلاء ومركز شروره، لهو نصٌّ جدير بالتقدير وربما بإحناء الرؤوس، في لحظة تاريخية بات الصمت فيها انتصاراً للبغي وتواطؤاً صفيقاً معه، مهما ارتفع صخب وتصاخب فرسان المناسبات المعارضة، أولئك الذين “يمزمزون” ادعاءاتهم كلما لاحت فرصة مواتية لربح شخصي سهل المأتى ومعدوم التكلفة، فيما هم يلوذون بصمت القبور، حين يقتضي حتى شرف القبور وشواهدها النهوضَ لنصرة حق مهدور بلسان أو قلم، هما أضعف الإيمان:
“رُحْ علّقها (أي الصورة) على بيوت المجرمين والحرامية.. رأيتها تجيبه مستعدة للموت” (ص21).
لا تستنسخ “أولاد سكيبة” وقبلها “سقط الأزرق من السماء” شخصياتها ووقائعها رموزاً فقدت دلالاتها من الإسراف في توسّلها تقيّةً في مواربةِ واقع تفقأ فجاجته العين؛ إذ ما من مسافة بين الأسماء ومسمياتها. إن الكلمة تعود هنا إلى عهود براءتها الأولى، واللغة التي تجازف بالتخلص من سلسلة استلاباتها ولجلجتها، بفعل عقود من الحصار الشمولي الضارب حولها، الذي أحال أكثر المفاهيم توهجاً في الضمير رطانةً باهتة تمرّ بالمعنى ولا تلامسه، تقتحم بشجاعةٍ الخطوطَ الحمراء، كي تستعيد قدرتها الإشارية المغتالة، فتحكي وترسم ملامح دقيقة لعسكر بعينهم، وقصر بعينه، وقرية بعينها، و”صورةٍ” بعينها، وما من مسافة يتعيّن على التفسير والتأويل قطعها كي يصلا محاور التقاء المتخيَّل بالواقع ونقاط اتفاقهما؛ فكل شيء يتعيّن بجرأة ومقدرة تخييلية في آن. وما يتخلص في النهاية من طبقات المواربة والتقيّة والهدر الشمولي للدلالات الحقيقية للمفردات والمعاني وفقدان قدرتها الإشارية، ليس اللغة فحسب، بل الرواية بوصفها كتاب الحياة والحقيقة.
لعب جاد:
“لم يكن تاريخو ولا سواه في ضيعتنا قد رأى أحداً يدوس قبر شيخ أو يعبث بشاهدة قبرٍ قبل هذا اليوم الذي لا يشبه سواه… ولم يكن قد قرأ عن ذلك اليوم في التاريخ، ليس لأن التاريخ يخلو من أمثلة على ذلك، إنما لأن ابن عمّي (تاريخو) كان قد أطلق النار من بارودة صيد على كتاب التاريخ المدرسي” (الرواية ص9).
يجترح النص سخريته الأكثر نفاذاً من أعمق طبقات الحكاية مأساةً، في زمن تغدو وقائعه هي المفارقة الكبرى.
زمن واقعي أكثر مما يجب وبذيء أكثر مما يجب؛ ولذا فقد يكون من غير المعقول لمقاربته الروائية أن تغسل بيانها بالماء والصابون، فيما تقضي الأمانة أن تغوص حتى الأعماق في عفن مستنقعاته. أم أن “جُوَرَ” أعمدةِ الأساس في بيت أبي علي مروان كانت تستحق أن تُعمّد بغير ما عمّدتها به أم علي وصاحباتها، احتجاجاً على دم القرابين الذي سُفِح فيها بغير حساب…؟
هكذا تمتلك “أولاد سكيبة” فجور البداءة وطهرها، وهي تجهر بالصوت والصدى في حكاية مواجهة تبدو بعض تفاصيلها أشبه برد فعل صبيٍّ مغتاظ، يمدّ لسانه احتجاجاً على ظلمٍ يعجز عن فكٍّ طلاسمه، بين بشر يعيشون بكرامة ووحوش يتناهشون الكرامة.
إنها حكاية قرية شاء قدرها أن ينزرع قريباً منها قصر يزري منطق سطوته المباغت بمنطق العيش الطويل الآمن فيها، فتتفجّر طمأنينتها منذ اللحظة التي يتناشر فيها خبر قوة عسكرية كبيرة من حرسه تجتاح سفوحها وجرودها، في استعراض هيمنة تنتهي بسقوط أحد الأبرياء، في حمّى هياج رصاصٍ لا يعنيه كثيراً أن يميّز أعداءه بشراً كانوا أو حجراً…!
حدث عادي جداً في عرف التاريخ الذي تحفل صفحاته باعتداءات مماثلة، لكنه حدث مصيري كبير في عرف قرية آمنة، تعوّدت أن تتقاسم أفراحها وأتراحها وخلافاتها وتحالفاتها الكبيرة والصغيرة، في حدود استقطاباتها المحلّية محدودة الأثر.
هكذا وعبر مئتين وأربع وخمسين صفحة تنكتب سطور وما بين سطور نص روائي خصيب يشهد قراناً وثيقاً بين المأساوي و الملهاوي، فتصطخب أحداث ومصائر تستحضرهما ذاكرة وتخييل بليغان، يصلان لحظةً شاهدة في ماضٍ قريب بلحظة راهنة تتأسن جراحها فتنغلق دونها دروب الخلاص، أو تكاد. نص يتلمّس حدود المعنى في كل ما حصل ويحصل وسيحصل، فيما يرسل مغزاه صريحاً بغير مواربة ولا تقيّة، بضرورة مواجهة المعتدي مهما كانت النتائج.
بلاغة المغزى:
“مراية بغديدي بتمرّ من هون للويدي وبتكشف اللي مخبّا ورا الجبال” (الرواية ص 18).
من الذي يعمى عن كل ما يجري…؟! لكن، لماذا يشل الخوف الألسنة والضمائر…؟ هذا هو سؤال الرواية الأول، مغزاها الذي يمنح قولها في لحظة بعينها شرف أن يكون، أو لا يكون؛ أن يناجز بما يتوافر لديه من سلاح استعصاءَ التاريخ المعوَّق وسخرية حلقاته المفرغة، أو يحني الرأس والقامة لهما.
إنهم أبناء الحارة التحتانية، أحفاد سكيبة المنتمين إلى الفقر الذي يتجاوز انتماء بعضهم إلى المشيخة، وبينهم علي جاد الصغير راوي الحكاية ومرآتها البغدادية، الذي انتقل من طفولة الحرمان والمواجهة ورفض الامتثال وشقاواته في زمنه الجغرافي المسدود، إلى مقعد التحصيل العالي في واحدة من مدن زمن جميل مفتوح الآفاق سُمِّي يوماً “الاتحاد السوفييتي”.. علي جاد الصغير الذي يندرج اسمه في قائمة طويلة من العلّيات في “عين الغار” أولهم: ابن عمه علي جاد الراعي وابن عمه علي خضيرة، وعلي الخارج على إرادة أبيه مروان صنيعة الطغيان وعين شروره على مصائر المواطنين وأرزاقهم وأقدارهم، والخال علي الساعد القوية للانتصار للحق والتصدّي للباطل، وعلي العسكري الذي قتل ضابطه في فورة غضب أضاعت حساب النتائج، وعلي ابن أم علي الذي فجّر نفسه بالديناميت لأنهم أنكروا عليه حقّ العشق والزواج ممن يعشق، وعلي الشرطي العنّين الذي يداري جرحه السرّي بأسلحة مكائده المفلولة… تاريخ من العليّات في شرط معتقدي يرى في شفاعة الاسم منجاة من كل الشرور، لبشر مهجورين من شفاعة الأرض والسماء.
يفتتح علي جاد الصغير، الساردُ الذي يتماهى بالروائي ويعلن تماهيه في غير موقع من النص، وقد استقام له القول المكتوب فيما حالت أمّية عليّات آخرين دونه، يفتتح سرده عن “عين الغار” وعليّاتها وسواهم من مواطنيها، متوسّلاً لحظة فاصلة في مسار بشري وجغرافي انطلقت فيها شرارة مواجهة عنيدة مشغولة بحزمة من التواطؤات والتراجعات وانتصار الأطماع وحسابات الربح والخسارة الشخصيين. ولا عجب؛ فهذا قدر معارك الشرف في كل زمان ومكان.
لا أدري إذا كان منذر بدر حلّوم قد قرأ عملَ الأميركي أرمني الأصل “وليم سارويان”: “الملهاة الإنسانية” (1943)م، أو عملَي مواطنه الشهير “جون شتاينبك” المتواشجين: “كانيري رو” (1945)م، و”خميس عذب” (1954)م، أو عمل الراحل العربي المصري محمود دياب”: “أحزان مدينة”(1970)م، هذه الأعمال الروائية التي تبدو أشبه بقصائد شجن موشَّى بالتماعات ضحك يجترحه صبية مشاغبون ليس من مسافةٍ بين قلوبهم وألسنتهم، ضحك قاتم يعجز على الرغم من دفق مفارقاته إلا عن تعميق خطوط الحزن الضارب في الجذور.
لا يقدّم النص تفاصيل خارقة ولا شخصيات استثنائية ولا لغة متعمّلة، لكنه يقدّم شخصياتٍ وأفعالاً إنسانية لها خصوصيتها، تتصدرها طفولة مشاغبة تشحذ أصواتها وأسلحة شغبها في وجه انتهاكات غير مفهومة في عرف طفولتها المباغَتَة.. نسيجاً سردياً ووصفياً وخطابياً تتناغم عناصره وتتماسك في وحدة “هارمونية” مائزة، مؤكّدة أن الرواية بوصفها فناً، ليست مجموعاً حسابياً لعناصرها بل تفاعلاً وتكاملاً نوعياً لها. بهذا المعيار القيمي تطلق “أولاد سكيبة” ذائقتها التلقائية التي لا تقيم كبير اعتباراً لأعرافها القارّة منذ “فلوبّير” حتى نجيب محفوظ، التي تنوّه بوجاهة غياب السارد عن عوالم سرده؛ فنحن أمام متطفل كبير يمعن في اقتحام العالم الروائي، ويحتفي بتطفله عليها أيّما احتفاء، سارد يزجّ بأفكاره وانحيازاته والتباساته السيرية كاملة، لكأنّ رهانه الأول هو مسؤولية القول وضرورته قبل كل رهان آخر.
هكذا تغدو رؤية النص حجر الأساس في بنائه الجمالي، محوره الذي يجمع ويؤطّر وينظم أحجاره الأخرى كافة، جملته الكبرى التي تتواتر أشبه بنذير ناقوس يقرع ضمير الزمان الغافل “مراية بغديدي…” لكأن النص في تحققه يتوقّف على تحقق جملته الدالّة هذه، تماماً كما يتوقّف توزيع أعقد الألحان على علاقة الاهتزاز التي تؤلف نغمة واحدة منها، كما لاحظت “فرنون لي” منذ قرنٍ ونيّف في كتابها الشهير “صناعة الكلمات” (1894)م.
يقوم قَدْرٌ كبير من بلاغة “أولاد سكيبة” على الحوار الدائم بين طرفي ثنائية الخفّة والثقل؛ أو اللعب والجد. وإذ يتعيّن لعب النص بسلسلة من الأفعال وردود الأفعال الطفولية في خطط مواجهة العسكر، وفي اللغة الساخرة لتوصيف الشخصيات والأحداث، وفي الأسلبة الخاصة لبعض المقاطع في محكي الشخصيات، فإن الجدّ كل الجد يتجلّى في الكثير من مواقع التأمّل والتحليل والقراءة، التي تستبطن أعماق الشخصيات ودخائلها. إنه التناغم الذي يقوم على وحدة الضدّين وتفاعلهما. لكأن اللعب يقتضي الجد ويستبطنه، أو لكأن الثقل قرين الخفة وتوأم حضورها ومسوّغه.
تثير هذه الخاصية لدى القارئ في الوهلة الأولى صدمة هي أقرب إلى الاستنكار. لكنّ التقدم في قراءة النص يحيل استنكاره مؤالفة وإعجاباً، يكتشف معهما لذة الوقوف على هذا القران الإبداعي بين النقائض في البنية الروائية، ووجوه تجلّيه، وفيض إثاراته الجمالية والدلالية.
لكنَّ ما يخلخل أحياناً وحدة القيم الجمالية والدلالية لهذا النص، الجميل بغير لَبس، هو بعض الإسرافات التقنية أو التعبيرية أو اللفظية، التي تخترق تلقائيته، من طراز إعلان السارد أحياناً لخططه السردية، الذي يبدو لنا تعمّلاً “ميتا روائياً” لا يحتاجه النص ولا يقتضيه:
“وأما الآن وريثما تعود نسيبة … دعوني أخبركم عن مرآة علي جاد … وأما شمعون فلنا عودة إليه” (ص16).
أو تَقَصّد التوقيع الإيقاعي والتوكيد الدلالي في تكرار مفردة “رأيتُ” في صفحات متلاحقة في بعض فصول الرواية، التي يكسبها السياق دلالة مفردة أخرى هي “تبصَّرتُ”. إذ لو اقتصد النص في استخدام هذه المفردة المزاحة والمفعَّلة دلالياً وإيقاعياً، لحقق تأثيراً أكبر بكثير، لكن الإسراف في توسّلها أدخلها في شغف اللعب الشكلي، وأفقدها غير قليل من حرارتها وطزاجتها.
على الرغم من هذه الملاحظة أو سواها، التي تخترق “أولاد سكيبة” بوصفها بناءً روائياً له، ككل بناء روائي، خاصية الاتساع والامتداد أزمنةً وأمكنةً وأحداثاً وشخصياتٍ وقضايا، ومن ثَمَّ سطوراً وصفحاتٍ، هذه الخاصية التي تحرمه من فرص تحقيق الكمال فتميّزه في ذلك من القصّ القصير المحدود في كلِّ عناصره، ومن ثَمَّ المتاح كماله، كما يلاحظ “آي بي سنغر” محقاً، فإن “أولاد سكيبة” تقدّم في جملة قضاياها الجمالية والمعرفية عملاً روائياً حارا،ً يلتقط الجوهري في شرطه التاريخي الوطني، فيصوغ عالماً روائياً تقترن فيه قوة التخييل بجرأة المتخيَّل، مؤكداً أنَّ خروج النص واللغة من شرانق حصارهما الشمولي الطويل وجملة إملاءاته التعسفية، بات مهمة ملحّة إبداعية ووطنية في آن. وأن اللعب على الهوامش، أو الرموز المكرورة، لم يعد سوى رهان خاسر لا يفوز صاحبه بغير الخواء وقبض الريح.

() كاتب وأكاديمي سوري
المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى