صفحات سورية

أيها السوريون: قفوا مع أنفسكم يقف الآخرون معكم

null
د ـ أحمد موفق زيدان
يطالب الكثير من السوريين من الآخرين كتابا ومثقفين وشعوبا عربية وإسلامية بالدفاع عن قضاياهم الحقوقية والتظاهر من أجلهم، والكشف عما يجري خلف الستار الحديدي السوري من تغييب للحرية ولحقوق الانسان منذ عقود، تحت لافتة الممانعة والمقاومة، ونسي هؤلاء أن الوضع الطبيعي هو أن تتولى النخب السورية هذه المهمة، وهي الأقدر على تعريف الشعب السوري والشعوب العربية والإسلامية والعالمية بشكل أعم بمعاناتها الحقيقية، صحيح أن الوجع الإسلامي ممتد من الماء إلى الماء، وكل واحد مشغول بألمه وأوجاعه، لكن ذلك لا يعني تبرير تقاعسنا عن الدفاع عن بعضنا بعضا، ومعه أيضا لا يمكن تبرير تقاعس بعضنا عن الدفاع عن قضاياه، فالظلم كل لا يتجزأ وكذلك الحرية.
أليس من العجيب أن تخرج مظاهرات في عواصم عربية وعالمية تضامنا مع المدونة السورية المعتقلة طل الملوحي، ولا يشارك في بعضها سوريون، نعلم أن في سورية نخبا فكرية وحقوقية معروفة وتقوم بواجبها، إن كان على صعيد الكشف عن ممارسات أجهزة النظام أو تعريف المواطن السوري بحقوقه وواجباته، ولكن ذلك يحصل في الحدود الدنيا، وليست هناك محاولات جادة وممنهجة ومتواصلة من أجل رفع سقف هذا العمل، وعلى الرغم من النجاحات والتقدم الذي أحرزته نخب عربية وإسلامية عبر نزولها إلى الشارع وتفاعلها مع شعوبها، إلا أن النخب السورية لا تزال تعيش في برج عاجي، هذا البرج العاجي يحول بينها وبين شعبها ببرزخ أوله اللغة الخشبية التي يتعذر فهمها على أصحاب الألباب، فضلا عن الشارع السوري الذي يفتقر إلى لغة سهلة تلامس حياته ومعاشه وتلامس معاناته وتدفعه إلى التحرك في الاتجاه الصحيح..
يبدو أن ما تفتقر إليه المعارضة السورية ومعها نخبها هو وجود قضية كبيرة تتجمع حولها، وخروج الأحزاب المعارضة الفاعلة عن المألوف في استخدام أساليب بعيدة عن المصالح الحزبية الضيقة، وإقناع الأحزاب الأخرى بذلك، إنها تفتقد الحزب الأب الذي يعمل كأب، وبالتالي ينظر إلى كل السوريين على أنهم أبناؤه، تستغرب من نمنمة لدى بعض الوجوه العلمانية وهي تتساءل عن سبب التضامن والتعاطف مع طل وهي التي ترتدي الحجاب، وكأن مشكلة سورية في الحجاب، وليس في الاستبداد، وليس في الحريات وليس في حالة الطوارئ.
يقول أحد المعارضين السوريين انهم حين تركوا فلانا وكان من قادة المعارضة لم يعد يستطع أن يكتب بيانا صحافيا بلغة راقية بنظره، وكأن الشعب السوري تعوزه لغة المتنبي والجاحظ، وليس اللغة اليومية التي يعيشها وهي لغة المعاناة ولغة السجن والظلم ولغة طل الملوحي وهيثم المالح ومهند الحسني والآلاف من أمثالهم المغيبين خلف الشمس.
أطلق أخيرا متضامنون سوريون ومصريون حملة تضامنية مع المدونة السورية طل الملوحي، كان بإمكان منظمات حقوقية سورية وكذلك أطراف المعارضة السورية أن تجعل منها نواة وميثاق شرف مشتركين من أجل إطلاق حملة للتخفيف عن الشعب السوري ورفع المعاناة عنه، بالإضافة إلى تحقيق تلاحم حقيقي بين فئات وطوائف الشعب السوري من أجل الوقوف في وجه التحديات المتعاظمة داخليا وخارجيا..
صمتت المعارضة السورية في معظمها باستثناء فصيل مثل حركة العدالة والبناء وتقدم الناشطون المصريون واليمنيون وحتى الباكستانيون على أصحاب القضية الحقيقية وهم السوريون، هل عجزت المعارضة السورية وعجز معها ناشطو حقوق الانسان السوريون على دفع العشرات من أتباعهم ولا نقل الآلاف لنصرة قضيتهم، حتى تحرك ناشطون عرب وعالميون من أجلنا..
المشكلة الأساسية في المعارضة السورية هي الافتقار إلى أجندة واضحة وخطة طريق واضحة المعالم لعناصرها من أجل التغيير وعدم تغليب الآني من المصالح على البعيد منها، وخصوصا حين يكون هذا التغليب على مصالح فريق آخر من المعارضة، وهو ما يخدم النظام أولا، ويزرع الشحناء في صفوف المعارضة، عدا على أنه يخرم أبسط قواعد العمل السياسي المعارض كالحالة السورية، حيث يتعامل النظام مع كل الأحزاب السورية المعارضة كأسنان المشط إسلامية وغير إسلامية ..
تفتح الصحف العربية والعالمية فلا تجد إلا كتابا سوريين قلائل يكتبون عن هموم وطنهم، وغير السوريين هم المعنيون في الكتابة عن سورية، وأخيرا يطالب بعض السوريين بأن يقف فلان أو علان، ولا يطالبون أنفسهم بالعمل على مشروع وطني ينهي حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد منذ عقود، يريدون من الآخرين أن يقلعوا شوكهم، ويريدون معه شيئا على طبق من فضة، وفي النهاية الحق على الطليان..

‘ كاتب سوري
القدس العربي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أطالب جميييييييييييع فئات وأطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج بعمل ميثاق شرف ينص على 1 – القبول بنظام حكم ديمقراطي ديمقراطية حقيقية شفافة 2 – القبول بنتائج صناديق الإقتراع مهما كانت النتيجة مؤلمة للبعض لأن القبول بها يعطي الحكم الهدوء والفرصة لتحقيق مصالح الشعب 3 – على من يكون خارج الحكم أن لايضع العصي في دواليب الحكم من أجل اثبات فشله واستبداله بل عليه أن يكون سنداً ومعيناً وناصحاً بالحسنى للحكم 4 – وهو المهم جداً : وقوف الجميع في وجه كل من يعرقل عمل الحكم الناتج عن إنتخابات نزيهة ومراقبة – بحيث لا يسمح باغتصاب السلطة مرة أخرى وعلى كل فئات الشعب أن تدافع دفاع المستميت عن الحكومة الشرعية حتى تشعر الحكومة أنها فعلاً لكل الشعب وليس لفصيلها أو لتنظيمها وحزبها فقط — وتعاونوا على البر والتقوى ولالالالالالالالا تتعاونوا على الإثم والعدوان — والسلام على من اتبع الهدى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى