حول وحدة تجمع اليسار الماركسي في سوريا / تيم/
أفكار واقتراحات
فهد خالد العلي
سبق وأبديت بعض الملاحظات النقدية حول”مشروع المهمات البرنامجية المرحلية لتيم”في العدد16من جريدة”طريق اليسار”،والتي وقبل كل شيء أؤكد هنا منها على فكرة:”إن البرنامج لا يحدَد فقط بالتوازنات القائمة وإنما أساساً عبر الأهداف والغايات التي يناضل من أجلها حاملوه،بحسبان أن المرحلة … هي مرحلة بناء خطوط ومواقع،والباقي مهمات سياسية وتنظيمية”.الآن ،أعود لأضيف بأن مشروع تحويل تجمع(تيم) إلى حزب واحد إنما هو مشروع واقعي وموضوعي وهو يتضمن نفحة إنقاذية لمثل هذه المجموعات المكوِنة له والتي تشكلت من خلال عوامل تحريضية ذاتية وموضوعية والتي إن بقيت في إطار تشكيلها الأولي ستصبح مهددة بعدم الفاعلية والتلاشي،في حين أن مشروع تجديدها وتأطيرها بحزب واحد إنما يعني توافر إرادة الحياة والتطور لدى كوادرها لتصبح مع الزمن قوة من القوى التي قد تلعب دوراً مهماً في إنهاض وبلورة دورٍ فاعل للجماهير الشعبية الكادحة في بناء وتطوير الوطن ليصبح قوياً ومنيعاً بمواجهة القوى الرجعية وحلفائها بالخارج .
إن الساحة السياسية السورية تحتاج إلى تجارب حزبية جديدة أول ما يلزمها أن تمتاز بالنزعة نحو تجاوز أمراض الأحزاب التقليدية،والتي رغم محاولات كوادرها وصلت إلى مرحلة التقوقع لتصبح وبحق أحزاباً لا جماهيرية .من هنا أرى أن تكون الفكرة المطروحة لتحويل(تيم)إلى حزب مبنية على أسس مغايرة للأسس التقليدية لبناء الأحزاب كأن تعتمد وبشكل أساسي على مظاهر ومضامين تخص المجتمع المدني بكل فئاته وأطيافه وطموحاته وليكن أبرزها ما يهم فئات الشباب والشابات والمتمثلة بتحطيم الأنظمة والقوانين التعليمية في المرحلة الجامعية والتي تعيق طموحات التحصيل الجامعي كثقافة وكموقع ضروري لتوفير فرص عمل لهم،وبناء وخلق هامش مهم من حرية الحركة والتفكير لهم فيما يخص حياتهم اليومية ومستقبلهم العمري بما يتفق وعالم ما بعد الحداثة والإنترنت وعصر العولمة.
فإذا كنا ببرنامجنا السياسي – التنظيمي المأمول قادرين على مراعاة هذه الأسس وتضمينها فنحن سنكون عندئذ قادرين على السير نحو بناء هذا التنظيم الموحد الجامع على أن تكون الديمقراطية بكل أبعادها هي الدم المحرك له .
بدايةً يجب أن يكون لاسم الحزب مضموناً يغطيه من كل النواحي سيما ما يفيد منه أنه حزب كفاحي يعبر عن المصالح الاقتصادية-الاجتماعية-السياسية للكادحين بسواعدهم وأدمغتهم، وبأنه يناضل لترسيخ المعاني السامية للاشتراكية العلمية التي لم يحن بعد أوان انتصارها بحسبان أن الأنظمة التي تقلدت السلطة في المعسكر الشرقي سابقاً لم تكن أنظمة اشتراكية بل جلَ ما يقال فيها أنها أنظمة لرأسمالية الدولة فحسب،وهنا علينا أن نثمن عالياً على أية حال أي تجربة أو محاولة لتبني الاشتراكية أو للسير في طريقها ولو خطوة واحدة حتى ولوتم إتباع الطرق المختلفة من أجل ذلك كما يحصل الآن في الصين الشعبية من أجل بناء ذاتهم القوية أولاً.
كما أن على هذا الجديد الذي سينبثق عن(تيم)أن يكون ماركسياً- شيوعياً يتعامل مع القوى المماثلة معاملة رفاق طريق لكل أسلوبه لتحقيق ما يمكن تحقيقه لأن النتيجة التي تحققها أية قوة تتبنى الماركسية- الشيوعية هي بالضرورة رافد وداعم للقوى الأخرى وهي ستكون رافداً لمواجهة قوى الرجعية والرأسمالية المحلية والدولية،فعلى هذا الأساس يجب أن يتعامل الحزب العتيد مع القوى والأحزاب الماركسية الأخرى على الساحة المحلية من خلال ما يمكن أن تقدمه هذه القوى من انجازات لرفد مفاهيم التقدم والاشتراكية والديمقراطية سواء كثقافة أو كممارسات يومية،سواء أكانت هذه القوى موالية للسلطة أو معارضة لها أوهي في موقع مابين الاثنين،لأنه بذلك فقط يمكن أن نقدم شيئاً لغد الاشتراكية القادم بعيداً عن المشاحنات والترهات التشهيرية ببعضنا البعض والتي كانت نتائجها دائماً لصالح القوى المضادة.
من جهة أخرى،فأنا أبدي رأياً منسجماً مع السياسة المعتمدة من قبل(تيم)للآن،والتي تتلاقى مع أية قوة إقليمية تتصارع ولو كلامياً مع الولايات المتحدة وقوتها الأمامية إسرائيل،وهذا طريق مختلف عن الطريق المتبع من قبل الأحزاب والجماعات الليبرالية المحلية سواء منها التقليدية أو ذات الأساس اليساري سابقاً،لأن خلط الأوراق ودونما اعتماد قاسم مشترك للتمييز يؤدي إلى الضياع فكرياً وسياسياً لكل قوة أو جماعة أو حزب يريد أن يسجل لنفسه موقفاً مميزاً وواضحاً في عالم التناقضات القائم .
على صعيد الحزب القادم وقيادته،فيجب أن تكون القيادة جماعية والقرار بالأكثرية في اللجنة المركزية بحيث يتم انتخاب ناطق رسمي (وليس أميناً عاماً) باسم اللجنة المركزية يتم تبديله كل ستة أشهر،على أن يكون حق الأقلية مضموناً في نشر رأيها والدفاع عنه بجرائد ومطبوعات الحزب المعتمدة وتحت سقف الالتزام بوحدة الحزب ونشر آرائه وتوجهاته.يجب أن يكون الإعلان عن مهمات الحزب العتيد ضمن مرحلة انتقالية تنتهي بسنتين بعد التأسيس،ومن الضروري أن تكون القضايا التالية هي محور العمل:
1- التركيز على ترابط المهمات الثلاث المنصوص عليها في الوثيقة التأسيسية لتيم:
المهمات الديمقراطية،والوطنية،والاقتصادية-الاجتماعية،وأن يتم دائماً الاهتداء بهذا الثالوث.
2- قضية النضال لتحسين مستوى معيشة الجماهير الكادحة ولردم الهوة التي تتسع بينها وبين البرجوازية الجديدة التي تشكلت عبر نهب القطاع العام ومؤسساته.
3- النضال من أجل تحسين ظروف الجيل الشاب وقضاياه التعليمية ومن أجل تأمين مجالات العمل الكريم له كي لا يتحول إلى جيل يصبح عالة على الوطن والشعب وكي يبقى حاملاً لهموم الوطن ومدافعاً عن قضاياه.
4- النضال من أجل قضية الوحدة القومية العربية،ففي الماركسية هناك تنويه ،منذ الماركسية الكلاسيكية عند ماركس وانجلز،بأن يكون النضال على أساس القومية الكبرى في البلد الذي يتم النضال فيه،وبهذا نكون ماركسيين فعلاً حيث لا يكون الطريق إلى الأممية إلا عبر طريق انجاز المهمات الوطنية- القومية.
خاص – صفحات سورية –