اليسار السوري: بين (تيم) و(الخط الثالث)
أبو أحمد
خلال العقود الماضية ، جرت محاولات لتجميع القوى السياسية االمعارضة في سوريا:”التجمع الوطني الديمقراطي”(1979) و”إعلان دمشق” (2005) و”تجمع اليسار الماركسي:تيم”(2007)، وكان بعضها محاولة لتجميع اليسار الماركسي والقومي في جبهة واحدة مثل محاولة 1979 أوهي عريضة وفضفاضة ضمت مروحة واسعة من القوى المتعددة الانتماءات الأيديولوجية مثل”إعلان دمشق”أو أنها اقتصرت على قوى سياسية ذات انتماء أيديولوجي واحد مثل(تيم)، فيما تجري منذ عام2008 محاولة من أجل تشكيل “التيار الوطني الديمقراطي: الخط الثالث” .
قام (التجمع الوطني الديمقراطي) بدوره في العقدين الأخيرين من القرن الماضي ، ثم دبَ الوهن في مكوناته ما حوَله إلى مجرد نصوص كتبت في الماضي،فيما ولد” إعلان دمشق” ضعيفاً لأنه ابتغى النتائج السريعة للتغيير وراهن على مشروع أتى للمنطقة غازياً، وقد كانت أهم نقاط ضعفه معاداة الشارع ل”الإعلان”فلا أحد يعجبه نموذج العراق في”التغيير”ولا أحد يثق في الولايات المتحدة الأميركية.
أما (تيم) الذي يكرر المحاولة ، وقطع فيها شوطاً لا بأس به، فعسى أن يستفيد من أخطاء سابقيه ولا يتوه تحت اسم الوحدة والتوحد في غياهب الرغبوية أو تحقيق مكاسب آنية لبعض مكوناته. لذلك وحتى لا تكون هذه هي الشعرة التي ستقصم ظهر البعير ولا عودة عن قريب لمثيلها فمن الضروري التأني والقبول بالحد الأدنى الذي يسهل الحفاظ عليه ويمكن العمل على تطويره ليكون هذا هو الطريق الأنجع الآن، وخاصة مع وجود خلافات فكرية – سياسية مازالت أمام (تيم) لحلها أو لمعالجتها قبل سلوك طريق الوحدة، فيما هناك أيضاً عقبة في طريق الوحدة هي وجود تنظيم اثني في مكونات (تيم). ويمكن هنا سلوك طريق الاتحاد، بدلاً من الوحدة التي هي أقوى أشكال التعاون إلا أنها ليست الأكثر ثراء ، ناهيك عن أن الخطأ في الاتحاد ليس قاتلاً ومميتاً حيث يمكن ترميم الأخطاء فيه ،وهذا لا يمنع من البحث عن صيغ اتحادية فيها شيء من المركزة مع بقاء هامش من الحرية للمكونات إلى أن تنضج فكرة الوحدة في(تيم).
إذا أتينا إلى (الخط الثالث)، الذي هو محاولة تجميعية للتيارين اليساريين الماركسي والقومي هي أوسع من محاولة 1979 تحاول أن تضم تلاوين عربية وكردية في التيارين، فإن العقبة الكأداء في مشروع الوثيقة، التي مازال التفاوض حولها قائماً، هي موضوع (المواطنة)، الذي يجب أن يكون عابراً للأكثرية القومية والأقليات الإثنية، فالمواطنة ،بكل حقوقها،حق مشروع للمواطن سواء انتسب إلى أقلية أو أكثرية، والدستور والقانون هما الضمانة الأساسية لهذه الحقوق، وفي حال شعور الأقليات أو بعضها بالظلم فنضالها يجب أن يكون وطنياً أي عبر مشروع وطني متكامل يضمن ، في حال تحققه، حقوق جميع الأقليات قلَت أم كثرت، وبدلاً من السعي وراء حق أقلية بعينها من المفروض القول “حقوق الأقليات”. لذلك يجب عدم الانجرار وراء التزامات قد لا تكون في مصلحة الوحدة الوطنية علماً أن حلم الأكراد ليس في سوريا بل في نطاق إقليمي أوسع يضم بلداناً أربع، سوريا هي فيه الأقل جغرافياً وديموغرافياً من حيث الوجود الكردي. أما العقبة الثانية الكبرى، وربما المطب القادم، في (الخط الثالث)، فيتمَثل في التضاد بين الوجود فيه عند بعض مكوناته وانتسابها إلى تحالفات هي في حالة تضاد مع الخط العام السياسي لـ (الخط الثالث)، وهو ما يجب حله منذ الآن عبر تحديد الأولوية في حال التعارض بين التحالف هنا والتحالف هناك.
خاص – صفحات سورية –