هل للفهلوة مكان في الجيوستراتيجيا؟
كمال خلف الطويل
ابتدع احمد داود اوغلو نظرية سماها ‘تصفير المشاكل’ وهي – لعمري – من أعجب ما اجترحه احد في المجال الجيوستراتيجي منذ مترنيخ، فهو يظن – رعاه الله – ان تركيا تستطيع أن تكون أطلسية وأوروبية وشرقية واسلامية، وفي تبات ونبات مع العرب والفرس والروس والأمريكيين والأوروبيين والصينيين والبلقان والارمن والكرد والقبارصة واليونان… كلهم في آن، غاب عنه أن الصراع هو ناموس العلاقات بين الأمم.
وأن مبتغاه هو تحديد الصديق والخصم، وتحشيد الممكن’برفقة الصديق، وتضعيف’المتاح في معسكر العدو، وبهدف إحراز الفوز عليه هذه المروحة الواسعة من تدليل الذات جيوستراتيجيا تعرضت لأول الى نتش من ريشها عندما رفضت الليدي كلينتون اعلان طهران في نيسان/ابريل الفائت،’ثم لحقتها غارة أعالي البحار الاسرائيلية آخر أيار/مايو، وصولاً إلى’ حشر واشنطن أنقرة في خانة الاضطرار لأن تختار ما بين ‘تمغربها’ و’ تمشرقها’ بأن أطلست شبكة صواريخها المضادة للصواريخ – وهدفها قصير المدى حماية اسرائيل من الصواريخ النووية البالستية، فيما الأبعد مدى حرمان روسيا، بصرف النظر عن أية مشاهد تقارب موقوتة، من القدرة على شن ضربة نووية مضادة، في ما لو هُددت بهجوم نووي أمريكي’وترجمته نزع قدرة الردع النووية الروسية.. أي باختصار استتباع روسيا، بدهاء مشهود قالت واشنطن لأنقرة: أين أنتم؟ عندنا أم عند المارقين؟
فخرج اوغلو علينا بإجابة فيها من فهلوة أنور وياسر الكثير طالما الشبكة منتشرة عبر اوروبا، وعلى كامل الارض التركية – وليس فقط قرب حدودنا مع ايران، وطالما ليس من ذكر لايران في اعلان المنظومة، وطالما تتعهدون لنا بعدم تسريب معلوماتها لاسرائيل، وطالما نتولى نحن قيادتها داخل تركيا، فلا تثريب على نشر الشبكة في الأناضول، وعلى الله الاتكال، من تداعب يا أستاذ أوغلو؟ هل صدّقت أن الانتشار في كل الاناضول عوضا عن حدوده الشرقية فقط سيبطل التهديد للمقصود منه؟ أم أنك صدقت أن وعد واشنطن بعدم التسريب لتل أبيب هو’كحِلفان زغرتية على شواربهم؟ أم تراك صدّقت إمكان أن يسلّم الامريكان قياد قوات لهم لغير جنرالاتهم، وهم لم يفعلوها – ولن – في حياتهم؟
بات التذاكي وصفة لمشــاكل أعـــوص مما توقع أصحابه، لكنها – المشاكل -‘قرّبت بالمقابل ساعة الحقيقة سنوات والحاصل أن انتخابات حزيران/يونيو المقبل ستكون فارقة في مسألة الاختيار، إذ تفتح المجال – في حل فوز مبين لاردوغان’ -فسيحاً أمام تدجين القضاء الفاقع اللائكية، ومن ثم ّ ترويض الجيش لحد التسليم بمقادير لا راد لها، وتلواً الخروج عن الأطلسي ومنه الى آسيا، من’أبواب دمشق السبعة الى سور الصين العظيم’
لاخيار آخر أستاذ أوغلو
‘ كاتب من فلسطين
القدس العربي