صفحات العالمما يحدث في لبنان

الأسد يمهّد لدحض القرار الظني

روزانا بومنصف
كرر الرئيس السوري بشار الاسد بعد لقائه امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ما قاله غداة لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاسبوع الماضي في باريس من ان سوريا لن تقبل اي اتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من دون اي دليل. ولم ير مراقبون في كلام الاسد تطورا او تقدما نوعيا اذ فهم موقفه على انه يعني التسليم بصدور القرار والتعامل معه وفق ما تفرض اصول المحكمة وخوض مسارها لاحقا كما لم يفهم هذا الموقف على اساس محاولة ابلاغه “حزب الله” قبول التعامل مع ما سيصدر كأمر واقع.
ومن البديهي عدم قبول اي شخص اتهاما من دون دليل كما انه ليس طبيعيا ولا ممكنا ان تصدر اي محكمة في مستوى المحكمة الخاصة بلبنان قرارا اتهاميا من دون ادلة على رغم الاعتقاد ان الرئيس السوري نفذ ما ورد في احد تصريحات المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار عن ادلة ظرفية لديه ان ادلة قوية ازيلت من مكان الاغتيال اذ عمد البعض بعد ساعات من الجريمة الى سحب موكب الحريري وتنظيف الساحة من اجل القول ان الادلة التي تستند اليها المحكمة لن تكون قوية ولا يمكن ان نقبل بما ستصدره الا بوجود ادلة قوية. بل يعتقد هؤلاء المراقبون ان هذا الموقف شأنه شأن كل المواقف السورية يحمل اكثر من تفسير. اذ لا شائبة في الموقف العلني الذي يتسم بالمنطق والواقعية لكن عواصم عدة باتت على ادراك بالسياسة السورية لا ترى في هذه المواقف ما يريح الوضع اللبناني او يخفف وطأة تعقيد العلاقات بين لبنان وسوريا والتي عادت فتراجعت بعد دخول سوريا على خط اطلاق حملة متجددة ضد المحكمة عبر المذكرات القضائية السورية وملف “شهود الزور”.
ومع ان الموقف الذي اعلنه الاسد سبق ان كرره سياسيون من قوى 14 آذار مؤكدين لـ”حزب الله” ان الافرقاء السياسيين في لبنان لن يأخذوا اي اتهام ما لم يكن مثبتا بادلة قوية غير ظرفية، فان كلام الرئيس السوري يسجل في رأي المراقبين انطلاق مرحلة جديدة كان مرجحا ان تبدأ بعد صدور القرار الاتهامي لكنه يمهد لها عبر لقاءاته الدولية من خلال اعداد العدة لدحض مضمونه سياسيا واعلاميا. وهذه المرحلة هي مرحلة نقض الادلة التي يحتمل ان ترد في هذا القرار على نحو يعطل
مفاعيله سلفا.
فالقرار سيقوم في الغالب على سرد سيناريو بأدلة محددة وهو سيروي ما حصل محددا اهداف الاغتيال ووسائله واشخاصه بما يكفي لتكون هذه العناصر اساسا للمحاكمة.
وفي كل الاحوال فان المجال سيكون واسعا لدحض الادلة في المحكمة علما ان كلام الاسد يوحي ان هذا الدحض سيبدأ في الاعلام ولدى الرأي العام تماما مثلما يجري راهنا ومنذ ما يزيد على ثــــلاثــــة اشهــــر في الحملــة على المحكمــــــة. وهذا يمهـــــــد لسيناريوات جديدة تبدأ بمهاجمة القرار وصولا الى عرض قضايا موازية قد لا تتناقض مع الادلة نفسها انما من زوايا
اخرى.
هذه الامور لا يراها اللبنانيون على نحو واضح باعتبار ان المعركة السياسية والاعلامية الكبيرة التي يخوضها الحزب على نحو مباشر مدعوما من دمشق تهدف الى عدم الوصول الى مرحلة دحض الادلة في الاساس من خلال تعطيل مفاعيل القرار الاتهامي عبر السبل والخطوات التي يطلبها من رئيس الحكومة سعد الحريري في الدرجة الاولى من اجل منع حصول تداعيات للقرار المنتظر. ثم بعد صدور موقف الحريري او اتخاذه الاجراءات التي يطلبها الحزب وسوريا تصبح في يد الطرفين الاخيرين اوراق اقوى من اجل دحض مضمون الاتهامات. وتاليا فان المعركة ضد المحكمة طويلة جدا ولن تنتهي غدا او بعد غد بصدور القرار الذي طال انتظاره.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى