2010 عام الإخفاقات والانكسارات العربية
ميشال شماس
في نهاية عام وبداية آخر نلاحظ أن أغلب الدول المتقدمة تراجع نفسها ماذا فعلت؟ ماذا حققت من إنجازات؟ أين أخفقت ؟ إنها ببساطة ترصدّ ما حققته من إنجازات طيلة العام الذي مضى، وتضيفه إلى رصيد إنجازاتها بهدف التحفيز لتحقيق إنجازات أكثر في العام القادم.. وهكذا مع نهاية عام وبداية عام أخر.
أما في البلاد العربية فإن الأمر يختلف عما هو عليه في البلدان المتقدمة فلا متابعة ولا جردة حساب لما تحقق وما لم يتحقق، ونبدأ أولاً بالإنجازات التي حققتها الدول العربية في العام الماضي إذا جاز لنا تسميتها حقاً بالانجازات، فإنه يمكننا أن نشير إلى الإنجاز الأول الذي حققته دولة قطر من خلال فوزها باستضافة كأس العالم في العام 2022 والتي ستكلف80مليار دولار لبناء البنى التحتية من مرافق وملاعب والتي ستذهب بمجملها إلى شركات أمريكية وغربية،.أما الانجاز الثاني فهو دخول العراق لموسوعة غنيس في أطول مدة تستغرقها تشكيل الحكومة العراقية -ثمانية أشهر فقط-. وأما الانجاز الثالث فقد أنجزه سوريون ولبنانيون وفلسطينيون حيث دخلوا بجدارة موسوعة غنيس للأرقام القياسية بعد أن صنعوا أضخم صحن تبولة وأطباق من الحمص والفول والفلافل، وكذلك أطول ثوب فلسطيني. ورابع هذه الانجازات صفقة السلاح التي أبرمتها المملكة العربية السعودية مع أمريكا والتي بلغت فقط 60 مليار دولار. وخامس هذه الانجازات دخول السودان أيضاً موسوعة غنيس في عدد النساء اللواتي جُلدن ، أكثر من 40000 امرأة جُلدت بحسب إحصاءات صادرة عن حزب الأمة السوداني، أما سادس هذه الانجازات ما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة بتزيين شجرة عيد الميلاد ،والتي تعتبر الأغلى في العام بعد أن بلغت تكلفتها 11 مليونا من الدولارات. ونختم الانجازات العربية باحتلال العرب مركز الصدارة في مسألة التضييق على الحريات وانتهاك حقوق الإنسان، وقتل النساء باسم جرائم الشرف…الخ.
فإذا كانت هذه هي أهم انجازات العرب، فكيف سيكون الأمر مع الإخفاقات والانكسارات العربية؟ فالعرب مازالوا يتقدمون بجدارة باتجاه الخلف، فالتعليم بمختلف مستوياته إلى تراجع مستمر في أغلب الدول العربية يرافقه تزايد كبيرفي نسبة الأمية التي تعتبر الأعلى في العالم والتي تتعدى نسبتها الـ30% وتزداد هذه النسبة بين النساء لتصل إلى حوالي 50%، حسب تقرير التنمية البشرية لعام 2009، بينما الأمي في دول مثل السويد وسويسرا واليابان وأمريكا هو من لا يجيد استعمال الكومبيوتر، أما الأمي عندنا فهو من لا يجيد القراءة والكتابة ..!! وهذا الأمر أدى إلى ازدياد نسبة الفقر البطالة في أغلب الدول العربية، والتي وصلت إلى حوالي 15 % بينما معدلها العالمي حوالي 6 %، فزيارة واحدة للعواصم والمدن العربية الكبرى التي تحيط بها أحياء مخالفة “أحزمة الفقر والصفيح توضح بجلاء انتشار الفقر في أوساط واسعة من الشعوب العربية.. ورافق ذلك عجز الدول العربية عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في كافة المجالات واعتمادها المستمر على عملية الاستيراد لكل شيء من الدول المتقدمة حتى إبرة الخياطة التي بها نستر عوراتنا.
وشهد العام 2010 ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة العنف المنزلي الواقع على النساء تحديداً ، وكذلك العنف بين المواطنين وقوات الأمن، والعنف العرقي والطائفي الذي تمارسه بعض الجماعات المسلحة لاسيما منها الجماعات الدينية في كافة الدول العربية، حتى وصل العنف إلى المجال الرياضي كما حدث في مباراة مصر والجزائر وفي الأردن بين فريق الوحدات والفيصلي. وما حدث صبيحة العام الجديد في الإسكندرية بمصر، حيث تم تفجير إرهابي أمام الكنيسة والمصلين يخرجون منها وسقوط عشرات الضحايا البريئة بين قتيل وجريح ..
كما شهد العام 2010 تزايداً في حالات التفكك والانقسام في بعض الدول العربية كما في السودان واليمن والمغرب وفلسطين ولبنان والعراق والصومال ومصر. وما رافقها من توترات طائفية وعرقية تنذر بالشؤم على أوضاع البلدان العربية التي تتعدد فيها الأثنيات والأعراق والطوائف.
هذا غيض من فيض لما آل إليه حال العرب، يذهب عام ، ويأتي عام جديد، فلا وقفة تأمل ولا متابعة ، ولا جردة حساب ولا نقد ولا انتقاد ولا مراجعة ولا من يحزنون…!!
كلنا شركاء