رياح الياسمين
درويش محمى
قيل الكثير في احداث تونس، فمنهم من وصفها بانتفاضة الشباب، ومنهم من وصفها بانتفاضة الجياع، ومنهم من وصفها بثورة المظلومين، والحقيقة ان الكل كان موفقاً بوصفه للحالة التونسية، لكن الاجمل على الاطلاق من بين تلك الاوصاف، قالها احدهم وهو يصف ما يجرى في تونس بثورة الياسمين.
قيل أيضاً في احداث تونس، انها كانت مفاجئة وغير متوقعة، وهذا صحيح، لكني وبكل تواضع اقول : انني سبق وان توقعت العودة الى دمشق عام 2010، وتوقعت حينها ثورة مخملية في دمشق على طراز الثورة التونسية التي شهدناها قبل ايام، لا اعرف بالضبط ما الذي دفعني الى ذلك، ولطالما ندمت على ما كتبت، كنت مخطئاً، اعترف واقر بذلك، لكن ما حدث في تونس ابعد عني الشعور باليأس والندم، فتوقعي ولو انه لم يكن في محله، الا انه تحقق ووقع في تونس بدل دمشق.
ثم ان تونس تشبه سورية، او بالاحرى كانت تشبه سورية، فالنظام في تونس كان قمعياً وفاسداً، كالنظام القائم في سورية اليوم، والنظام في تونس كان لا شرعياَ وغاصباً وخانقاً للحريات، كما هو النظام في سورية اليوم، والناس في تونس كانت تعاني العوز والفقر والمجاعة كما يعاني الشعب السوري اليوم، والبطالة في تونس كانت ولا تزال اقل من البطالة في سورية، والسجون والمعتقلات والمخابرات في سورية هي اكثر نشاطاً من سجون ومعتقلات ومخابرات تونس في عصر زين العابدين، اما الياسمين في دمشق فهو بالتأكيد لا يقل عبقاً ورونقاً على ما هو عليه في تونس، فهل ستهب رياح الياسمين في دمشق كما حصل في تونس؟ ونعود الى حضن الحبيبة الفيحاء لنستمتع بعطرها الياسمين.
خاص – صفحات سورية –