ثورة مصر

من هو مرشح اميركا ؟

ساطع نور الدين
لا خوف على ثورة مصر إلا من أميركا، التي تتولى إدارة الوضع بشكل تفصيلي وعلى مدار الساعة. وهي رسمت خريطة طريق لم يحد عنها الرئيس المصري حسني مبارك ولا بقية اركان النظام.. لكن الجمهور المصري بات يخشى من مخاطرها ومن عواقبها اللاحقة، ويتوقع الخيار الاسوأ، ويستعد للمعركة الأعنف.
صحيح ان الثورة ولدت من رحم الثقافة والتكنولوجيا الاميركية، لكنها تعرف ان أسوأ ما يمكن ان تصدره اميركا هو نموذجها السياسي والاجتماعي، واخطر ما يمكن ان تفرضه هو مصالحها الوطنية التي لا يمكن ان تستقيم مع اي موقع عربي او اسلامي، بل هي وصفة جديدة لحروب لا تنتهي يغرق فيها كل من يمد يده مباشرة الى الاميركيين.
في خريطة الطريق التي وضعتها واشنطن منذ اليوم الثاني للثورة في 25 كانون الثاني الماضي، جاء ان الرحيل الفوري للرئيس حسني مبارك ممنوع، لانه يعني اسقاط النظام السياسي الذي يتمحور حوله، بدلا من السعي الى تطويره من الداخل، وبما يحول دون اكساب حركة الثوار وجدول اعمالهم طابعا جذريا لا يحتمله احد لا في مصر ولا خارجها. ويعرف الجميع ان شعار «الشعب يريد تغيير النظام» المرفوع من قبل المتظاهرين في ميدان التحرير، لا يقصد منه الانتقال الى نظام اسلامي على ما رأى بعض الحالمين، ولا الى نظام اشتراكي على ما تراءى لبعض الواهمين. كان الهدف ولا يزال المزيد من الليبرالية في نظام هجين لا يمكن ان يخضع لاي تصنيف معاصر.
وفي الخريطة ان الاميركيين ألحوا منذ اليوم الثاني للثورة ايضا على مبارك لكي يشرع في عملية انتقال سلمي ومنظم للسلطة، لا يستغرق مدة الاشهر السبعة الباقية من ولايته، بل يختصرها الى ثلاثة اشهر، يمكن ان تنجز خلالها التعديلات الدستورية المطلوبة التي تسمح في تلك المهلة بتنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، وفي جوء هادئ ومستقر، يضمنه الجيش ولا تخربه الشرطة التي كانت الهدف الاول للثورة والسلاح الاخير للنظام، قبل ان تلتزم مع المؤسسة العسكرية الحياد السياسي، وتتحولا معا الى قوة امنية تحفظ الاستقرار لا اكثر ولا اقل.
صحيح انه بدت هناك علامات تردد او اختلاف في وجهات النظر الاميركية الى تلك المرحلة الانتقالية التي تسير بشكل طبيعي حتى الان، لكن الصراع الداخلي في مصر استقر على ايقاع فريد من نوعه بين مركزين رئيسيين للقوى، الاول هو النظام المحاصر من كل جهة، والجمهور المفتوح على اكثر من جهة.. وبينهما خليط عجيب من موالين ومعارضين لا يتمتعون لا بالشعبية ولا بالشرعية، لكنهم حاولوا معا سد الفراغ الذي نجم عن فوضى الاسبوعين الاولين من عمر الثورة.
ما لم يعلن من الخريطة حتى الان هو ان الاميركيين يزعمون انهم يودون إدارة انتخابات رئاسية مفتوحة للجميع من دون استثناء، سوى الجيش، ويتمنون حملة انتخابية ضارية بين اكثر من مرشح.. ويحتفظون من دون ادنى شك باسم واحد فكروا فيه منذ اللحظة الاولى لاندلاع الثورة، او ربما منذ ما قبلها. وهنا يكمن الخطر الفعلي على مصر وثورتها ونظامها وربما ايضا على هويتها.
السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى