تحية لنساء مصر وتونس.. حجاب وسفور جاهزية الحرية
غسان المفلح
دارت معارك ولاتزال تدور حول السفور والحجاب، وأشعلتها دول أوروبا التقليدية، خاصة بعد مجيء ساركوزي وأصبح حجاب المرأة المسلمة قضية القضايا، وهو من يمنع الحرية والتحرر!!
وهو من يمنع الفساد وقمع الشعوب ونهب خيراتها من شراكات ساركوزي وأمثاله مع أنظمة القمع والفساد في المنطقة الشرق أوسطية الملغمة نفطيا وإسرائيليا، ليس الأنظمة فقط مصدر الخيبة بل نحن مثقفي وكتاب عصرهم هذا أيضا مصدر أكبر للخيبة أيضا، عندما ركبنا موجة الهجوم على المجتمع ومن موقع العسكر، بحجة أننا علمانيون تارة ويسار تارة أخرى، بحيث أن المجتمع أصبح في جهة ونحن أصبحنا في الجهة المقابلة، كنت كتبت مقالا عام 2004 عن جاهزيات تحرر المرأة، وأن الحجاب والسفور بوصفهما جاهزيتان اجتماعيتان وبسرعة يمكن أن تتحولا لتنضما إلى الجاهزيات السياسية في المجتمع، كأن يصبح الحجاب ظاهرة سياسية، لدى علمانيي العسكر، واليمين التقليدي والفاشي في أوروبا، ويصبح السفور ظاهرة سياسية لدى حركة حماس وإيران وحركة طالبان وسابقا في السعودية مثلا..
الحجاب بات رمزا للتخلف ولانهيار المجتمعات ومصدر قلق كما يعبر هؤلاء ومنبع خوف من الحرية لشعوبنا، لهذا بقي ساركوزي يدعم نظام القهر في سورية وانفتحت أمريكا أوباما عليه خوفا من التغيير أو من مجيء نساء محجبات إلى الحكم في سورية!! ربما..من يدري؟ ولما لا؟
اول ما أسقطته الثورة في تونس ومصر خاصة على هذا الصعيد أن الحجاب جاهزية اجتماعية لا يترتب عليه خرقا للحرية ولمفهوم المواطنة، فالمحجبة التي اختارت التحجب طوعا لا أكراها، جنبا إلى جنب مع المرأة السافرة كمواطنات يتقن للحرية، هذا أولا…وبعدها تأتي بقية المطالب، كنت اتابعهن في التلفاز وهن يتحدثن للقنوات الألمانية والعربية بوصفهن طالبات حرية ومواطنة وكرامة، وليس بوصفهن كافرة وملحدة، أو محجبة وسافرة..هذا ما قدمته نساء تونس ومصر خاصة، وهن يحملن الياسمين في تونس ويزغردن في الشرفات بمصر..كل من سمعتهن من المحجبات وغير المحجبات يردن مصر دولة علمانية لافرق فيها بين مسلم ومسيحي…ما يجمعهن هو انتمائهن لمصر بوصفهن مواطنات..
إنها مصر ونساءها.. نعم إنها تونس ونساءها…
درسهن كان بلغيا لمن يريد أن ينظر إلى نفسه في المرآة…أين يقف…؟
فتحية لا تكفي لهؤلاء النسوة….ولا ورود العالم…تكفي لمن أعطينا درسا في الشارع أن الحرية هي المطلب وما دونها كله تفاصيل…وهذا يكفهن تاريخا بحاله..لنهن حولن لا بل أكدن أن الحجاب ليس سوى مجرد جاهزية اجتماعية لا أكثر ولا أقل، ولا تمنع المواطنة والحريات وحقوق الإنسان، فمن حق المرأة أن تتحجب أو لا تتحجب، وهذا هو الأهم وهذه هي الحرية…وهذه اللفتة لا تخص علمانيي العسكر فقط بل تخص تنظيمات الإسلام والإسلام السياسي أيضا، الذين يحاولون تحويل الحجاب إلى جاهزية سياسية!! لكن الأخوان في مصر هذه المرة كانوا أكثر تقدما وحضارية من أطراف أخرى..وهذا ما سنعود إليه في مقالات لاحقة…في النهاية هذا لا يغير أبدا من موقفي أنني أرى أن الحجاب خطر إذا تحول إلى رمز سياسي لطرف واحد…